غزة - خاص قدس الإخبارية: عكس أداء المقاومة الفلسطينية خلال معركة سيف القدس وما قبلها من معارك وجولات مواجهة ضد الاحتلال الإسرائيلي خاضتها خلال الـ 15 عاماً الأخيرة تطوراً ملحوظاً في أدائها في مختلف المجالات.
وتظهر الكثير من الإفصاحات العسكرية للمقاومة على صعيد الأذرع العسكرية مثل كتائب القسام وسرايا القدس حالة التطور الحاصلة في وحداتها ووجود وحدات تخصصية في شتى المجالات بداية من العمل الإعلامي العسكري مروراً بالوحدات القتالية.
ويرافق هذا التطور آراء تنتقد العمل السياسي للفصائل التي تتبع لها هذه الأذرع العسكرية، خصوصاً على الصعيد الإعلامي أو حتى العمل السياسي المرتبط بالملفات الداخلية أو الخارجية، إذ يرى أصحاب هذا الرأي أن المقاومة لم تطور من أدائها السياسي، كما طورت من أدائها العسكري.
في الوقت ذاته، يبرز رأي آخر يرى أن المقاومة تطورت سياسياً وأصبحت قادرة على إدارة المشهد واللعب على المتناقضات في بعض الأحيان والاستفادة منها لتجاوز الواقع السياسي المأزوم في المنطقة بالذات بعد عام 2011، مروراً بجولات التطبيع.
وحدات فردية وعشوائية
يمكن النظر للمقاومة الفلسطينية داخلياً وخلال فترات الانتفاضة الأولى والثانية على أنها كانت عبارة عن أنشطة فردية أو مجموعات تعمل بقرار مؤسسي بعيداً عن التخصصية أو الوحدات الرسمية، سواء على صعيد الاشتباك أو العمليات.
وشكلت الانتفاضة الأولى النواة الحقيقة للمقاومة العسكرية داخل فلسطين المحتلة بعد أن كانت النواة خارجياً حاضرة خلال أوج نشاط حركة فتح ومنظمة التحرير وفترة تواجدها في الأردن ولبنان وسوريا مروراً بانتقالها بعد ذلك إلى تونس.
وشهدت الانتفاضة الأولى التي اندلعت في 1987، باكورة عمليات كان أبرزها عمليات الخطف والأسر التي نفذتها حركة حماس والتي فشلت فيها الحركة في إبرام صفقات تبادل، إلا أنها كشفت من خلالها عن نفسها كقوة مقاومة ناشئة.
وتتالت في أعقاب ذلك العمليات التي نفذتها المقاومة الفلسطينية من عمليات حركة الجهاد الإسلامي مروراً بعمليات الثأر المقدس وما سبقها من عمليات أشرف عليها المهندس الشهيد يحيى عياش، مروراً بتتابع العمل المقاوم.
ومع مطلع انتفاضة الأقصى عام 2000، ظهرت الأذرع العسكرية للفصائل الفلسطينية المقاومة بصورة أكثر تنظيماً مع بقائها في إطار غير منظم بالشكل العسكري الذي يحاكي الجيوش المنظمة أو حتى بالصورة التي وصلت إليها في العقد الأخير.
متغيرات جديدة.. صواريخ ووحدات متخصصة
يعد صناعة أولى الصواريخ المحلية عام 2001 تحولاً دراماتيكياً في تاريخ المقاومة الفلسطينية في غزة حيث بدأت وحدات التصنيع والوحدات الصاروخية تشكلان طليعة الوحدات التخصصية مع عدم إنكار وجود وحدات الاستشهاديين، غير أن تلك الوحدتين أكثر تخصصاً في العمل العسكري.
ومنذ قرابة 21 عاماً تعمل وحدات التصنيع والوحدات الصاروخية أو المدفعية كما تسميها بعض الأذرع العسكرية على العمل ضد الاحتلال بطريقة أكثر تخصصية وتنظيماً عبر التنسيق المسبق فيما بين أفرادها ومحاولة التطوير والبناء على ما تم الوصول إليه.
وبمحاذاة وحدات التصنيع والصاروخية كانت الوحدات القتالية كوحدة الدروع التي كانت تعمل على التصدي للآليات بأنظمة دفاعية تعتبر بدائية مثل الـ "RPG" أو "البتار" أو قذائف بسيطة مثل قاذف "الياسين" الذي صنع محلياً.
ومنحت هذه الوحدات المقاومة مزيداً من التخصصية من أجل استقطاب الكفاءات العلمية والهندسية في صفوفها والعمل على تطوير منظومتها العسكرية بطريقة تضع المقاومة في مكانة تستطيع من خلالها التصدي للاحتلال الإسرائيلي.
وكانت عملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2006 سببا في ظهور وحدة جديدة أطلق عليها "وحدة الظل" حيث تأسست هذه الوحدة للاحتفاظ بالجنود الأسرى وإخفائهم والاحتفاظ بهم إلى حين إبرام صفقات تبادل جديدة وهو ما تكلل بصفقة وفاء الأحرار.
العقد الأخير.. تطور بوتيرة سريعة
يعتبر العقد الأخير وتحديداً الفترة الممتدة من 2011 وحتى 2022، الأنشط من ناحية التطوير العسكري في صفوف المقاومة الفلسطينية بمختلف تشكيلاتها وأذرعها العسكرية حيث ظهرت وحدات قتالية ووحدات أكثر تخصصاً في المقاومة.
ومن الوحدات التي ظهرت خلال هذه السنوات، وحدات الطيران التي تتولى الإشراف على الطائرات المسيرة، ووحدات الهندسة، ووحدات الاتصالات، وركن الجبهة الداخلية، بالإضافة إلى الضبط الميداني، ووحدات النخبة، ووحدات الضفادع البشرية.
واللافت في هذه الوحدات أنها ترتبط وفقاً لنظام الهرم صعوداً وهبوطاً مع قيادة الذراع العسكرية بطريقة تمكن الوحدات من العمل في بعض الأحيان مع بعضها البعض بتنسيق مسبق لتحقيق أكبر جدوى ميدانية ممكنة أثناء الجولات القتالية، وهو ما حدث خلال سيف القدس حيث كانت البداية بعملية استهداف جيب عسكري إسرائيلي بعملية نفذتها سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي بالتزامن مع رشقة صاروخية نفذتها كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس على مستوطنات القدس.
وتظهر الكثير من التفاصيل والكواليس التي نشرتها المقاومة في أعقاب هذه المواجهة معلومات الإدارة التي تتم فيها عملية صناعة القرار داخل الذراع العسكري من اختيار الأعضاء وتأسيس الوحدات والقرارات العسكرية وتأسيسها.
وبمحاذاة الوحدات المتخصصة، فإن المقاومة باتت تمتلك وحدات دعائية تعمل داخل إعلامها الحربي أو دائرة إعلامها العسكري تتولى من خلالها عملية صناعة المحتوى الإعلامي وترويجه للجبهة الداخلية والخارجية بطريقة تتلاءم مع أهدافها عسكرياً وميدانياً.