فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: "تقف "إسرائيل" أمام اختبار حقيقي، وتشهد حالة غير مسبوقة تقترب من الانهيار، وتواجه مفترق طرق تاريخيا، لقد تفككت دولتنا قبل ألفي عام، مرتين، بسبب الصراعات الداخلية، الأولى عمرها 80 عاماً، والثانية 77 عاماً، فهل سنتمكن من الحفاظ على دولتنا اليوم" بهذه العبارة عبر رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينيت عن خشيته من انهيار كيانه بحلول نهاية العقد السابع من عمرها.
ولا يعد تصريح بينيت هو الأول من نوعه على المستوى الإسرائيلي الداخلي إذ سبقه وزير حربه بني غانتس ووزير الحرب الأسبق أيهود باراك ورئيس جهاز الموساد السابق تمير باردو الذي حذر من انهيار الاحتلال نتيجة للكراهية.
أما رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق وزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو فاستبعد هو الآخر في أكثر من مناسبة وصول دولة الاحتلال لأكثر من عقدها الثامن نتيجة لعوامل داخلية وأخرى خارجية محيطة بالاحتلال سياسياً وعسكرياً.
ويستحضر قادة الاحتلال السياسيين والعسكريين الانهيارين السابقين لما يعرف تاريخياً بـ "البيت الأول" أو البيت الثاني "الدولة أو السلالة الحشمونية" والتي استغرق كلاهما ما يقرب من 76 عاماً إلى 80 عاماً في أقصى مدة زمنية.
والمملكة الحشمونية دولة يهودية مستقلة كانت موجودة على مدار 77 عاما، وقد تأسست بعد تمرد هشمونائيم وكانت نهايتها مع غزو المنطقة من قبل الإمبراطورية الرومانية، وتعتبر هي الدولة الثانية التي يتحدث عنها قادة الاحتلال.
في السياق، يرجع الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات أسباب حديث قادة الاحتلال عن "لعنة الـ 80" إلى أمرين؛ الأول عقائدي ديني، حيث تشير الروايات لدى قادة الاحتلال على أن مملكتا "داوود" و"الحشمونائيم" وهما مملكتان يهوديتان عاشتا في فلسطين وفقا للرواية العبرية لم يجتاز عمرهما 80 عاما وبالتالي قياسا على ذلك فإن دولة اليهود الثالثة الحالية كما يسمونها الآن قد لا تتجاوز العمر الزمني الذي اجتازته المملكتين السابقتين، هذا الأمر أيضا له امتداد ديني لدى العديد من رجال اليهود.
ويقول بشارات لـ" شبكة قدس" إن "البعد الثاني وهو الأقرب إلى الواقعية السياسية، أن قادة الاحتلال الإسرائيلي الآن، وهم من القادة التقليديين القلائل الموجودين، يحاولون استحضار البعد الديني والبعد الوجودي لخلق حالة من الخوف أمام المجتمع الإسرائيلي بهدف تعزيز سياسات الاحتلال، سواء التمسك بالقادة التقليديين الحاليين خصوصا أن هذا الخطاب برز كثيرا عند نتنياهو قبل عدة سنوات، أو ربما لتحشييد الموقف الديني اليمني الذي باتت يتغلغل أكثر في المجتمع الإسرائيلي، وبالتالي استخدامهم استراتيجية استحضار خطر الزوال بهدف خلق دافع ذاتي لحماية المشروع اليهودي".
ويضيف: "في كلا الاتجاهين فإن الاحتلال ككيان يهودي محتل يدرك أن عوامل زواله ممكنة، وقد لا يتعلق الأمر بمبدأ القوة العسكرية فقط، بل بالبعد الديني العقائدي الذي يمكن أن يجعل من الامتداد اليهودي على مستوى العالم دعم الكيان للاستمرار في وجوده على أرض فلسطين".
ويشير إلى أن "هذه الأبعاد تفسر لماذا ذهب الإسرائيليين أكثر في السنوات الأخيرة للتركيز على مفهوم يهودية الدولة وقانون القومية اليهودية وهو خطاب تحاول "إسرائيل" أن تجعل من كيانها نقطة تجميع لليهود في العالم حضورا مباشرا أو حضورا داعما بالمال أو السياسات".
ويلفت إلى أن الاحتلال ككيان يهودي محتل يدرك أن عوامل زواله ممكنة، وقد لا يتعلق الأمر بمبدأ القوة العسكرية فقط، بل بالبعد الديني العقائدي الذي يمكن أن يجعل من الامتداد اليهودي على مستوى العالم دعم الكيان للاستمرار في وجوده على أرض فلسطين.
أما الأكاديمي والمختص في الشأن العبري عمر جعارة فيقول إن الخطاب الإسرائيلي على صعيد تصريحات القادة السياسيين يشك في أن يصل الاحتلال إلى عمر الـ "80" عاماً كما ورد على لسان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.
ويوضح جعارة لـ "شبكة قدس" إن الحاخامات يقولون إن دولتهم مربوطة بالكراهية المجانية في حالة انهيارها استناداً إلى "أسفار العهد القديم" الذي سبب انهيار الدول الأولى والثانية حيث كانت الكراهية حاضرة بين بني يهوذا وبني بنيامين.
وحسب تاريخهم المزعوم فإن البيت الثالث لن يسقط إلا بالكراهية المجانية، الذي يحضر بصورة واضحة في الشاشات الرسمية حيث يتم وصف قادة الاحتلال بأوصاف عدة مثل بينيت الذي يطلق عليه "الكلب" أو لابيد الذي يوصف بـ "الخنزير" أو "الحلوف". وفقاً لجعارة.
وينوه الأكاديمي والمختص في الشأن العبري إلى حديث رئيس جهاز الموساد السابق تمير باردو الذي أكد أن الخطر الحقيقي لوجود دويلة الاحتلال هي الكراهية المجانية والخلافات الداخلية وبالتالي هي ستنهار إما عاجلاً أو آجلاً.
ويستحضر جعارة موقف لأبرهام بورغ رئيس الكنيست السابق الذي ذهب لانتخاب القائمة العربية المشتركة مؤخراً كونه يعتبر أن الأحزاب الإسرائيلية الحالية تعمل على تدمير الاحتلال وبالرغم من أن والده من مؤسسي حزب يمينا الحالي بمختلف أسمائه السابقة
وينوه إلى أن قلب الاحتلال كدولة ليس في جسدها كما بقية الدولة، إذ أن الاحتلال كمريض الكلى الذي يقوم بعملية الغسيل، فقلب الاحتلال كان في السابق في بريطانيا في لندن واليوم في واشنطن في الولايات المتحدة، كما وصف.
ويرى أن الذي يثبت الاحتلال ككيان ودولية حالياً هي الخلافات الفلسطينية - الفلسطينية أو الخلافات الفلسطينية العربية والخلافات العربية - العربية وحين تنتهي هذه الخلافات ستنهار دولة الاحتلال اعتماداً على الكراهية المجانية المنتشرة.