بالوقت الذي حاولت حكومة اليمين المتطرف برئاسة نفتالي بينت عكس رؤية اليهود المتطرفين بالسماح لمسيرة الأعلام بالتواجد في القدس وتحت شعار وحدة العاصمة بوصفها عاصمة أبدية لدولة الاحتلال وذلك من خلال الأعداد الكبيرة التي تواجدت قبالة المسجد الأقصى في مسيرة الأعلام حيث وصل العدد إلى أكثر من 50 ألف مستوطن فإنها أثبتت في ذات الوقت أن القدس هي مدينة محتلة وفق ما تؤكده قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي.
حيث قام أكثر من 300000 شرطي بحماية مسيرة المستوطنين، أظهر هذا الحدث قوة إرادة الشعب الفلسطيني وتماسكه بوحدته الميدانية حيث جرت اشتباكات عبر المقاومة الشعبية في حوالي 40 نقطة اشتباك بالضفة الغربية وذلك بمشاركة كافة القوى والفعاليات السياسية والمجتمعية، كما تم تنظيم مسيرة أعلام فلسطينية في مدينة القدس وفي مدن عدة في مناطق ال 48 وأبرزها مدينة اللد.
أحسنت المقاومة في قطاع غزة صُنعًا بقدرتها على تفويت الفرصة على حكومة الاحتلال مما يعني عدم الاستجابة الى ردود الفعل والاحتفاظ بعناصر القوة لاستخدامها بالتوقيت والظرف المناسبين على أن تبقى زمام المبادرة في يد قوى الشعب الفلسطيني ومقاومته وليس من خلال استدراج الاحتلال لها حيث يرمي الى تحقيق مكاسب سياسية وانتخابية لحكومة بينت.
يشار هنا أن معركة القدس هي حلقة في سلسلة الصراع المحتدم والطويل مع المشروع الصهيوني بما يعني استثمار عناصر القوة لدى الشعب الفلسطيني والتي برزت بوحدته الكفاحية والميدانية وباتساع دائرة الفعل الشعبي عبر المقاومة الشعبية، الأمر الذي يستلزم استثمار هذا الجهد في الشروع فورًا بتأسيس هيئة وطنية لقيادة المقاومة الشعبية تنفيذًا لقرار الأمناء العامين الذي عقد بين رام الله وبيروت في 3/9/2020 كما يستلزم ذلك تنفيذ قرارات الإجماع الوطني عبر مغادرة مربع اتفاق أوسلو والتحلل من اتفاقاته وخاصة التنسيق الأمني وبروتوكول باريس الاقتصادي وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة ديمقراطية وتشاركية لتشكل الجبهة الوطنية العريضة لادارة دفة الصراع وتعديل موازين القوى لصالح القضية الوطنية في مواجهة سياسة الاحتلال والاستيطان والحصار والتمييز العنصري.
من الهام البناء على الإنجاز الذي تحقق في مواجهة مسيرة الأعلام عبر العمل لوحدة الساحات والمكونات الجغرافية والديمغرافية للشعب الفلسطيني تجسيدًا لهويته الوطنية الجامعة، ويذكر أن قوة المقاومة وتهديداتها ساهمت بتغيير مسار المسيرة حيث لم يتم العبور من الحي الإسلامي والدخول الى داخل المسجد الأقصى كما كان يخطط وينوي المستوطنين حيث اعتبرت المقاومة ذلك خطًا أحمرًا، الأمر الذي يشير الى أن هذه التهديدات كان لها الأثر الهام في تغيير مسار المسيرة وعدم الاستمرار في تنفيذ أهدافها التي ترمي الى تغيير المعالم التاريخية للمسجد الأقصى بطابعه الإسلامي والعربي والفلسطيني وبناء الهيكل المزعوم على انقاضه.
تنكر دولة الاحتلال على شعبنا حقه في تقرير المصير وتتبنى فقط مشروع السلام الاقتصادي الأمر الذي يتنافى مع نضالات وكفاح شعبنا الرامية الى تحقيق حقوقه الثابتة والمشروعة بالحرية والاستقلال والعودة.