شبكة قدس الإخبارية

الانتخابات الطلابية في جامعات قطاع غزة: التحديات والفرص

WhatsApp-Image-2021-02-21-at-8.07.37-PM
أحمد الطناني

مقدمة

أصدرت مجموعة من الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بيانًا بمخرجات اجتماع تشاوري لبحث آخر التطورات في الساحة الفلسطينية، بتاريخ 3 نيسان/أبريل 2022، وتطرق البيان إلى الانتخابات الطلابية، مؤكدًا "البدء بالعمل لإنجاز توافق وطني طلابي على إجراء الانتخابات الطلابية في جميع جامعات قطاع غزة وفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل".[1]

وقّع على البيان كل من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حركة الجهاد الإسلامي، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حركة المبادرة الوطنية، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، طلائع حرب التحرير الشعبية - قوات الصاعقة، مع غياب لحركة فتح والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب، وهو ما يطرح تساؤلًا حول مدى إمكانية تحقيق اختراق حقيقي في ملف انتخابات مجالس الطلبة؟

يشكل إصدار البيان تعزيزًا للأصوات المطالبة بضرورة إجراء الانتخابات الطلابية في القطاع. كما أن انطلاق انتخابات مجالس الطلبة في جامعات الضفة الغربية سيشكل عامل ضغط إضافيًا على الأطراف كافة من أجل تذليل العقبات التي تمنع إجراء الانتخابات الطلابية في جامعات غزة.

خلفية تاريخية

لم تستقر تجربة الانتخابات الطلابية في قطاع غزة عبر تاريخها، إلى أن وصلت إلى حائط تعطيلها بفعل الانقسام الفلسطيني الذي عصف بالمشهد الفلسطيني في العام 2007؛ حيث تعطّلت الانتخابات الطلابية في كل من جامعات الأزهر، والأقصى، والقدس المفتوحة، فيما انتظمت وسط مقاطعة كل مكونات الحركة الطلابية في الجامعة الإسلامية؛ حيث تنجح فيها الكتلة الإسلامية بالتزكية.

مرت تجربة الانتخابات الطلابية بجامعات غزة بعدد من الأزمات قبل تعطيلها، تلخصت بالخلاف أولًا على النظام الانتخابي؛ إذ تمسّكت الأطر الطلابية لفصائل اليسار بمطلبها باعتماد نظام التمثيل النسبي الكامل باعتباره نظامًا انتخابيًا، فيما عارض هذا المطلب كل من الكتلة الإسلامية والشبيبة الفتحاوية، وربطت إدارات الجامعات، وبشكل خاص الأزهر والإسلامية، تعديل النظام الانتخابي، بالتوافق الطلابي عليه.

تفاقم هذه الواقع المأزوم بفعل الانقسام الفلسطيني، وانتقال جزء من أحداثه إلى ساحات الجامعات؛ حيث لم يكن بالإمكان خلال السنوات الأولى للانقسام (2007-2009) التي اتسمت باستخدام العنف الشديد بين أنصار الكتلة والشبيبة، الحديث الجدي عن انتخابات مجالس الطلبة، ارتباطًا بصعوبة جلوس القطبين المتصارعين على طاولة نقاش واحدة من جانب، وعدم استعداد إدارات الجامعات لنقاش الانتخابات لما يسودها من مناكفات سياسية، وسط بيئة يسودها العنف في فض الخلافات.[2]

ساهم تفعيل سكرتاريا الأطر الطلابية، العام 2009، في إعادة لغة الحوار بين مكونات الحركة الطلابية بقطاع غزة، وهو ما شكل فرصة لإعادة طرح ملف الانتخابات الطلابية؛ حيث قُدمت العديد من المبادرات في هذا الإطار، كان أبرزها مبادرة النائبين في المجلس التشريعي، جميل المجدلاوي وجمال الخضري، التي وقعت عليها الأطر الطلابية كافة، وتضمنت الاتفاق على أن يكون النظام الانتخابي وفق التمثيل النسبي الكامل الذي تعتمده جامعة النجاح بنابلس، وعلى آلية تشكيل مجلس الطلبة وفق مبدأ مؤتمر المجلس.[3]

على الرغم من إقرار الأطر الطلابية بأن ما تم التوصل إليه يمثل 90% من التفاصيل اللازمة لإجراء الانتخابات الطلابية[4]، فإنها اصطدمت بعقبة الاشتراطات المسبقة للموافقة على تحديد موعد إجراء الانتخابات؛ حيث اشترطت الكتلة الإسلامية المزامنة بين جامعتي الأزهر والإسلامية، أي أن تجري الانتخابات في الجامعتين في نفس الموعد، بينما اشترطت الشبيبة شرطين أساسيين: وجود ضمانات أمنية بعدم ملاحقة كوادرها، وفتح مقراتها في قطاع غزة.[5]

المستجد في ملف الانتخابات الطلابية

ساهمت الانتخابات المحلية بالضفة في تحريك ملف الانتخابات في القطاع، الذي يشمل ملف الانتخابات الطلابية، وسط دعوات دائمة بأهمية تفعيله وإعادة الاعتبار للحياة الديمقراطية داخل الجامعات بقطاع غزة، كونها ستشكل مدخلًا أساسيًا لتفعيل الحركة الطلابية واستعادة دورها الطليعي.

أكدت حركة حماس أن المشاورات واللقاءات متواصلة حول مضمون بيان القوى الست، وكيفية تطبيقه، بما فيه ملف الانتخابات الطلابية، وضمان توفير الأجواء اللازمة لإجرائها من حيث الحريات وتطبيق نظام التمثيل النسبي الكامل، ارتباطًا بأولوية تفعيل الحركة الطلابية باعتبارها واحدة من أهم روافد الحركة الوطنية الفلسطينية.[6]

أما فيما يتعلق بالضمانات الأمنية التي سبق أن اشترطتها حركة فتح وإطارها الطلابي، فترى حركة حماس أن الحديث عنها الآن لا علاقة له بالواقع، وهو جزء من الدعاية للتهرب من الانتخابات خوفًا من النتائج التي تشكل هاجس الانقسامات داخل الحركة الطلابية عندها؛ حيث تؤكد أن لدى "فتح" العشرات من المقرات في القطاع، وتعمل بحرية، وتتحرك قيادتها بكل أريحية، ولها أنشطة وفعاليات يومية على كل الأصعدة، طلابيًا وتنظيميًا وجماهيريًا، ومن واجب الجهات الحكومية وحركة حماس حفظ هذا الحق بالعمل لكل فصائل العمل الوطني والإسلامي.[7]

من جانبها، نفت "فتح" وشبيبتها وجود أي تواصل معها من أي طرف حول ملف الانتخابات الطلابية، إلا أنها من حيث المبدأ تعدّ الخيار الديمقراطي وتفعيل صندوق الانتخابات توجهًا إستراتيجيًا لدى الحركة في كل مستوياتها، موضحة أن الحديث في التفاصيل يحتاج إلى حسم العديد من القضايا، وفي مقدمتها توفير الأجواء اللازمة، وإعطاء الحرية الكاملة للعمل النقابي بالقطاع؛ حيث تؤكد الحركة وجود "بعض الملاحظات حول السلوك الأمني"، على الرغم من تأكيد عدم تسجيل حالات اعتقال سياسي جديدة.[8]

ترى "فتح" أن الطريق الأسلم لإنجاح عملية الانتخابات فتحُ حوارٍ واسعٍ وشاملٍ حول ملف الانتخابات، ليس على صعيد الحركة الطلابية، بل على المستوى السياسي، على اعتبار أن قرار تعطيل الانتخابات قرارٌ سياسيٌ بالدرجة الأولى، وليس قرارًا طلابيًا، محملة حركة حماس مسؤولية تعطيلها طوال السنوات السابقة.[9]

كما ترى "فتح" في الدعوات الجزئية للانتخابات في هذا الموقع أو ذاك اجتزاء للانتخابات وفق المقياس الذي يناسب "حماس" ومصالحها، وليس مبنيًا على قناعة بأهمية إعادة الحياة الديمقراطية، معللة ذلك بتعطيل "حماس" إجراء الانتخابات البلدية بالقطاع ومشاركتها فيها بشكل ضمني في الضفة، والأمر ذاته في الانتخابات الطلابية التي تعطلها في القطاع، وتشارك فيها بجامعات الضفة، وتحتفل بنتائجها في الميادين والشوارع.[10]

في السياق ذاته، أكدت الجبهة الشعبية أن الحوار حول ملف الانتخابات سيستمر؛ حيث من المفترض التشاور مع كل القوى وسكرتاريا الأطر الطلابية، وتشكيل لجنة خاصة من لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية تتولى مهمة ترتيب الاتفاق على التفاصيل اللازمة لتحقيق اختراق في هذا الملف، مضيفة أن الحوار سيجري مع حركة فتح لتذليل كل العقبات أمام إجراء العملية الانتخابية.[11]

وتُصر الجبهة الشعبية على أهمية استثمار الفرصة السانحة لإنجاز ملف الانتخابات الطلابية بوصفها خطوة في إطار استعادة الحياة الديمقراطية في قطاع غزة، مؤكدة أنها لن تقبل تعطيل أي طرف إجراء الانتخابات لأسباب فئوية، ومضيفة أن الموعد الزمني المقترح لإجراء الانتخابات سيكون في الشهر الأول من الفصل الدراسي القادم.[12]

خاتمة

لا شك بأن اتفاق ست قوى سياسية فلسطينية على "فتح حوار جاد من أجل إجراء الانتخابات الطلابية بجامعات قطاع غزة"، يعزز فرص التوافق على صيغة اتفاق لتحقيق اختراق في ملف الانتخابات الطلابية في القطاع. ولكن هذا الاختراق مشروط بمخرجات الحوار المزمع إجراؤه، ومدى قدرة المتحاورين على التوصل إلى قواسم مشتركة، وتذليل العقبات التي حالت، ولا تزال، دون إجراء الانتخابات الطلابية في جامعات قطاع غزة.

وأول هذه العقبات موقف حركة حماس المعلن من إجراء الانتخابات في كافة الجامعات وفقًا لمبدأ التمثيل النسبي، وتفضيلها للمزامنة بين الجامعات الكبرى، وخاصة جامعتي الأزهر والإسلامية. فتوقيعها على بيان القوى الست يشير إلى استعدادها لفتح حوار جاد حول إجراء الانتخابات الطلابية في جامعات قطاع غزة، لا الموافقة على إجرائها وفقًا لمبدأ التمثيل النسبي.

وثاني هذه العقبات يتمثل في موقف حركة فتح، فمع أنها لا تنفي وجود تحسن نسبي في ملفي الاعتقالات السياسية والمقرات الحزبية، فإنها لم تتراجع عن مطلبها بتوفير "ضمانات أمنية" لحرية العمل النقابي، وما زالت تربط الموقف من الانتخابات الطلابية بتوافق وطني شامل على القضايا السياسية العالقة، وليس الطلابية فقط.

وثالث هذه العقبات موقف إدارات الجامعات الرئيسية في قطاع غزة، التي ترهن موافقتها على إجراء الانتخابات بوجود توافق طلابي "كامل" على إجرائها وفقًا لمبدأ التمثيل النسبي، علمًا أن هذه الجامعات إما محسوبة على "فتح" أو "حماس".

بناء على ما سبق، يمكن القول إن الخيارات المتاحة تتمثل في: الشروع في حوار وطني جاد يفضي إلى توافق على إجراء الانتخابات في كافة الجامعات وفقًا لمبدأ التمثيل النسبي؛ أو تحقيق اختراق جزئي، والتوجه إلى إجراء الانتخابات الطلابية في الجامعات التي تهيمن عليها "حماس"، وفق نظام يتم التوافق عليه بين القوى الست، على غرار انتخابات نقابة المهندسين في غزة، في أيلول/سبتمبر 2021، وربما يكون تأجيل انتخابات مجلس طلبة الجامعة الإسلامية هذا العام (الفصل الدراسي الحالي)، على الرغم من أنها حافظت على انتظامها طوال السنوات الماضية، مؤشرًا لإمكانية إجرائها في الفصل القادم بناء على توافق مع عدد من الأطر التي قاطعتها في المرة الماضية، علمًا أن الكتلة الإسلامية، وفق حديث رئيسها، تعدّ ملف إجراء الانتخابات الطلابية أولوية أولى في المرحلة القادمة على جدول أعمالها.[13]

المصدر: مركز مسارات