شبكة قدس الإخبارية

لماذا خسرت فتح في بيرزيت؟

072F7597-4E6B-403F-986C-DD4DA814255C
معز كراجة

فكرة أن فتح خسرت انتخابات بيرزيت بهذا الفارق الكبير لأنها تدفع ثمن "أخطاء السلطة"، فيها كثير من التبسيط لما يجري في الواقع، أو هي قراءة "نخبوية" من قبل نخب تآلفت مع الواقع ورأت فيه أمرا مقضيا، وكل ما تفهمه هو تصحيح الأخطاء ضمن "ثقافة الإصلاح".

الانتخابات هي سياسية بالدرجة الأولى، وهذا يظهر بوضوح في مضمون الدعاية الانتخابية والمناظرة، وبالتالي توجهات التصويت محكومة بالحالة الوطنية أكثر منها بالنقابية. لذلك من الصعب فهم هذه النتيجة غير المسبوقة دون ربطها بما يجري في الشارع من تحولات. فهنالك منذ عام 2011 تقريبا فعل نضالي شبابي ضد الاحتلال في تصاعد، ويراكم ويطور من ادواته حتى بات مؤخرا وكأنه فعل نضالي "شبه منظم".

وبالتوازي مع تصاعد هذا الفعل، هنالك تصاعد في شعبيته واحتضانه جماهيريا. ورغم أن "الهبات" تحدث منذ التسعينيات مثل هبة النفق" وغيرها، إلا أن الجديد في السنوات الأخيرة أنه كلما تطور هذا الفعل كلما اتسعت الفجوة مع السلطة الفلسطينية، بكلمات اخرى، لم يعد النضال في الضفة الغربية تحديدا يدور ضمن منظومة ما او مسيطر عليه بشكل او بآخر، ولا يسير جنبا الى جنب مع خطاب السلطة القائم. لذلك نتيجة الانتخابات هذه ليست مجرد معاقبة على "أخطاء" ولا "تدفيع ثمن"، وإنما هي اهم وأعمق من ذلك، إنها تجاوز ورفض لجوهر السلطة ومبررات وجودها.

حتى نسبة 35% التي صوتت لصالح فتح، هي في جزء كبير منها ضمن هذا الخط النضالي المتصاعد والرافض للواقع، فهي صوتت لتاريخ فتح النضالي أكثر مما هو تصويت لفتح الملتصقة بالسلطة، وهذا كان واضحا في دعايتهم الانتخابية التي ارتكزت على الماضي الثوري وحاولت قدر الامكان تجنب الحاضر والهروب منه.

والمقصود بالتجاوز هنا، ان المبرر الذي قامت عليه السلطة لم يعد له قبول لدى من تم تسميتهم ب "جيل اوسلو"، على عكس نخب سياسية وثقافية مازالت تفكر وتتصرف انطلاقا من "الأمر الواقع" والقبول به، وهذا ما يدفعها للهرولة نحو انتخابات تشريعية رغم التجارب التي أثبت فشل إمكانية التغيير من داخل المنظومة. فنحن اليوم نعيش بين جيل يرفض المنظومة من اساسها وقد خرج عليها، وبين نخب مازالت تجيد تدوير الزوايا.

لا شك ان تصاعد قوة المقاومة في القطاع قد ساهم في تشجيع هذا المسار الشبابي النضالي في الضفة وساهم في بناء "الوعي التحرري"، ولكن من الإنصاف القول أن هذا المسار قد بدأ حتى قبل تجلي قوة المقاومة، فهنالك علاقة جدلية بين فعل الشباب في الضفة وبين فعل المقاومة في القطاع، كل منهما يؤثر في مسار الآخر، وهي جدلية خلقت في النهاية حالة نضالية شملت فلسطين 48، وهذا بحد ذاته تجاوز لفكرة السلطة وتقسيماتها الجغرافية والسياسية.

بطبيعة الحال هنالك من يحاجج بأن الواقع في القطاع ليس ورديا، ولو حصلت هنالك انتخابات فقد يحاسب الناس "السلطة" ويدفعها الثمن، وهذا في جزء منه صحيح، ولكن في نفس الوقت هذا لا ينفي فكرة أننا امام جيل قد خرج على "اوسلو" وما يمثله، وهو الآن في طور إعادة بلورة الوعي الجمعي التحرري الذي تم تفكيكه وهدمه، وبالتالي على كل الاطراف أن تقرأ التحولات بموضوعية بعيد عن القراءات المؤدلجة أو الرغبوية.

#غزة #جامعة بيرزيت #فتح #الضفة #المقاومة #حركة الشبيبة الطلابية