فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: 74 عاماً على ما اصطلح عليه باسم "النكبة"، كان هذا المفهوم الذي أطلقه المفكر العربي قسطنطين زريق على الهزيمة التي لحقت بالأمة العربية في فلسطين، اختصاراً لشهور من المعارك والتقلبات التي أدت في نهاية المطاف لقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ليست النكبة وليدة يوم واحد هو الخامس عشر من أيار/ مايو 1948، بل كانت سلسلة من العمليات الإجرامية التي نفذتها العصابات الصهيونية بحق الفلسطينيين خلال شهور، في مقابل قتال شرس خاضه أهل البلاد ومن معهم من عرب ومسلمين، في ظل العوامل السلبية وغياب التسليح الكافي.
في عدة مواقع استطاع الفلسطينيون الصمود لشهور وكبدوا العصابات الصهيونية خسائر فادحة، كما حصل في منطقة باب الواد التي تربط القدس بالساحل، حيث عطلت المقاومة الفلسطينية والعربية سير القوافل الصهيونية لعدة أسابيع، الأمر الذي هدد المستوطنات في القدس بالعطش والجوع.
استفادت "إسرائيل" من دعم القوى الاستعمارية الذي بدأ مع جيش الاحتلال البريطاني، ولاحقاً من الولايات المتحدة الأمريكية التي وفرت لها أسباب الحياة في كثير من المحطات المفصلية، وما زالت تعتبر الداعم الأكبر لها في السلاح والعتاد والموارد المالية والاقتصادية.
دمرت العصابات الصهيونية أكثر من 531 قرية فلسطينية خلال النكبة، وأجبرت مئات الآلاف على الهجرة إلى بقية فلسطين ودول اللجوء، ولم تتوقف آثار النكبة على حياة الفلسطينيين بل انعكست على المستقبل السياسي للوطن العربي جميعاً، الذي كان للهزيمة ارتدادات كبيرة عليه.
كانت حرب النكبة بداية مرحلة في التوسع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين والدول العربية، وبعد سنوات احتلت "إسرائيل" بقية فلسطين مع شبه جزيرة سيناء والجولان السوري، ولاحقاً وسعت غزوها إلى لبنان، وبعد مراحل من القتال العربي ضدها أجبرت على الانسحاب من مناطق واسعة في لبنان ومصر وغزة.
بعد 74 عاماً على النكبة تعترف دولة الاحتلال أنها لم تنجح في فرض نفسها على المنطقة العربية، التي ما زال الناس فيها ينظرون لها نظرة عدائية، رغم كل حملات التطبيع التي تشرف عليها أنظمة وأجهزة مخابرات في المنطقة، ويؤكد قادتها أن "خطر الزوال" ما زال قائماً رغم امتلاكها لأعتى أنواع الأسلحة والتكنولوجيا القديمة، وكان آخر هذه الاعترافات ما قاله إيهود باراك رئيس حكومة الاحتلال السابق من أن "لعنة العقد الثمانين" تهدد مستقبل "إسرائيل".
ارتكبت دولة الاحتلال الإسرائيلي جرائم ومجازر مروعة بحق الفلسطينيين والعرب، لكن المقاومة استمرت ولم تنقطع يوماً، وحافظ الفلسطينيون والشعوب العربية على قدرة دائمة للمواجهة رغم قساوة المراحل التي مرت بها القضية، ويجمع المراقبون على أن مسار المقاومة في تصاعد مقابل تراجع "إسرائيل" التي فقدت الجيل المؤسس في ظل أزمات سياسية متلاحقة تشير إلى تراجع حتمي.