غزة - خاص قدس الإخبارية: منذ شهر رمضان يأخذ المشهد السياسي والميداني منحنى تصاعدياً بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي كانت بدايته بالأحداث في المسجد الأقصى ورفض ذبح القرابين مروراً باقتحامات الأقصى ومحاولة رفع الأعلام بداخله.
ومع انتهاء هذه الأحداث، كانت التوقعات تشير إلى إمكانية عودة الهدوء من جديد بعد تدخل الوسطاء وأطراف دولية وعربية لاحتواء المشهد وعدم الذهاب إلى معركة عسكرية جديدة على غرار سيف القدس كما حصل عام 2021.
وشكلت العمليات التي نفذت في الأسابيع الأخيرة ضربة لهذا الافتراض خصوصاً مع إعلان كتائب القسام تبني عملية سلفيت بشكلٍ رسمي في حدث نادر لم يعتد عليه الاحتلال أو الفلسطينيين في السنوات الأخيرة في الضفة المحتلة.
ومع عودة هذا الافتراض، جاءت عملية "إلعاد" المزيرعة لتعيد التصعيد من جديد إلى نقطته الأولى مع تصاعد التهديدات التي وجهت لرئيس حركة حماس يحيى السنوار بالتحريض على تنفيذ العمليات في خطابه الأخير نهاية رمضان.
وتعزز التصعيد بتهديدات أطلقها الناطق العسكري باسم القسام أبو عبيدة بشأن المساس بالسنوار أو أي من قادة المقاومة، ليفتح المشهد على مصراعيه أمام إمكانية تنفيذ الاحتلال لعمليات اغتيال خلال الفترة المقبلة مع تتالي التسريبات والضخ الإعلامي.
ومع استبعاد البعض إمكانية تنفيذ مثل هكذا عملية في ظل محاولة إبعاد شبح المواجهة مع غزة إلا أن الأمر يبدو قائماً في ظل تجارب فلسطينية سابقة على غرار ما حصل خلال فترات الانتفاضة الثانية، أو حتى كما حصل مع أحمد الجعبري وبهاء أبو العطا.
وتشكل الأزمات التي تعيشها حكومة الاحتلال الحالية دافعاً لمخالفة التقديرات الأمنية وتوصيات الجيش للخروج في مواجهة أكثر عنفاً مع المقاومة تستهدف ضرب قيادتها السياسيين والعسكريين، رغم الإدراك المسبق بحجم الرد الذي قد تقوم به المقاومة.
وأمام هذا الواقع فإن المشهد سيبقى مفتوحاً أمام المقاومة التي لا تريد أن تتراجع عن هدفها بالإبقاء على جبهة الضفة والقدس المحتلتين وأراضي 48 مشتعلة وبين الاحتلال الذي يسعى لتسكين جبهة غزة وإبقائها بعيدة عن المشهد مع تهدئة الأوضاع في بقية المناطق الفلسطينية.
ومع ذلك فإن الاحتلال سيذهب نحو اتخاذ إجراءات اقتصادية ضاغطة على غزة وجنين بهدف الضغط على المقاومة وحاضنتها الشعبية ومنع تنفيذ مزيد من العمليات أو "التحريض" عليها وتوفير أرضية خصبة لها في ظل رفض المقاومة لكل الضغوطات والتهديدات التي تنقل لها عبر الوسطاء من الاحتلال.
وعمل الاحتلال على ذلك، عبر إبقاء حاجز إيرز "بيت حانون" مغلقاً أمام دخول العمال والتجار إلى الأراضي المحتلة إلى جانب الرسائل التي نقلت إلى قيادة حماس في غزة بشأن إمكانية اتخاذ إجراءات جديدة خلال الفترة المقبلة.
ويؤشر المشهد الحالي على بقاء حالة التصعيد قائمة في المنظور القريب مع إمكانية أن تنزلق الأمور بشكل أكبر في وقتٍ لاحق، خصوصاً أن بعض قادة المستوى السياسي بات يعتقدون أن هناك ضرورة للخروج في مواجهة عسكرية، حفاظاً على بقائهم في الحياة السياسية في ظل التقديرات بانهيار قريب للحكومة الحالية والذهاب نحو الانتخابات.
ويعتبر نفتالي بينيت أحد أبرز الداعمين لتنفيذ الاغتيالات وتنفيذ عملية عسكرية في جنين تؤدي لنتائج ميدانية تقود إلى حالة من الهدوء حسب اعتقادهم وتمنع المقاومة من تنفيذ نجاحات سياسية وميدانية خصوصاً في جبهة الضفة.
أما أذرع الاحتلال الأمنية والعسكرية فترى بوجوب عدم تنفيذ أي اغتيالات مرحلياً خصوصاً للسنوار كون الأمر سيؤدي لمواجهة جديدة، وهو ما يعني أن قرار الاغتيال لم يستبعد وأن الخلاف فقط على التوقيت الذي يتم تنفيذه فيه وهو ما سيبقى المشهد ضبابياً.