جنين - خاص قدس الإخبارية: في رمضان تتحرك المشاعر، وزينته وموائده وصلواته وابتهالاته تشعل في القلوب الشوق وحنين الذكريات وخاصة على موائد الافطار الناقصة، تمامًا كما هو الحال في منزل القيادي الراحل وصفي قبها.
المائدة التي اجتمعت حولها العائلة دائمًا وأشبعت القلب بالحب والسعادة، نقصت هذه المرة وعلى غير المعتاد، رحل أبو أسامة وبقي مقعده فيها فارغًا، وفي الطريق إلى صلاة التراويح لم تجد أم أسامة رفيقها الدائم ولم يصطحبها يوم الجمعة إلى المسجد الأقصى كما اعتادا في كل رمضان سبق فتقول أم أسامة: "أبو أسامة كان يعتبر يوم الجمعة في رمضان فرصة لزيارة الأقصى لا يمكن تفويتها".
تفاصيل فقد موجعة
الزينة التي تعلق كل عام في الحديقة لم تعلق هذا العام تقول ابنته دانية: "كان للوالد اجواء مميزة في رمضان حيث كان يقضي معظم وقته في حديقته الخاصة والاهتمام بها والتحضير لعزائم رمضان للأهل والأحباب والأصدقاء وكان يحضر زينة رمضان بيده ويهتم بإضائتها كل ليلة".
مكتبه وأوراقه وكتبه وحتى جهازه المحمول وفنجان قهوته الذي يعده بنفسه بعد الإفطار، زوجته وأبناؤه وأحفاده الذين ضجت زوايا المنزل بضحكاتهم استجابة لمداعبة جدهم الحنون، جميعهم يفتقدونه هذا العام، تضيف دانية: "كان والدي يزورنا دائما بمناسبة أو بدون مناسبة ويدعونا للإفطار ويُحضّر لاستقبالنا واستقبال أحفاده بالشكولاتة والعصائر والمصاص".
رغم الاعتقال والمطاردة .. لوجوده نكهة خاصة
قضى الراحل وصفي قبها ١٥ عامًا من حياته في سجون الاحتلال، فاعتادت العائلة على غيابه الطويل ولكنها دائمًا كانت على يقين بعودته قريبًا، يقول أسامة نجل الراحل وصفي قبها "حتى الآن لا نصدق رحيل والدي والشعور الوحيد الذي يطغى علينا هو أنه في السجن وسيعود قريبًا".
حُرم أبو أسامة من قضاء رمضان مع عائلته في كثير من الأحيان نتيجة الاعتقالات المتكررة ولكن الرمضانات القليلة التي حظي بها معهم كان لوجوده فيها نكهة خاصة حرص فيها على أن يصل رحمه فيقول أسامة: "كان والدي يحرص على أن يجمع كافة أفراد العائلة والأعمام والأخوال والأنسباء والأصدقاء، ولم يقطع صلة رحم نهائيًا على الرغم من إبعاده عن قريته برطعة الممنوع من دخولها من عشرات السنين فكان يزور قريباته ممن تواجدن خارجها في رمضان والأعياد وكافة المناسبات".
قضى القيادي الراحل وصفي قبها رمضانه الأخير مطاردًا من قبل الاحتلال وبقي مطاردًا حتى أصيب بفايروس كورونا ودخل على إثره المستشفى وتوفاه الله هناك، فُحرم أيضًا من قضاء رمضانه الأخير مع عائلته.
فقيد الوطن .. لا الأسرة فحسب
الفراغ الذي أحدثه رحيل أبو أسامة لم يكن عند عائلته فقط، فصلة الرحم عنده لم تقتصر على أقربائه بالدم، فقد كان رحمه الله صاحب رسالة وقضية وكان يعتبر عائلات الشهداء والأسرى أهله ويعودهم في كل عيد ورمضان ويزور أمهاتهم وأبنائهم ومن كل أطياف الشعب الفلسطيني على اختلاف فصائلهم وتوجهاتهم، ويقضى معهم معظم أوقاته ويشاركهم في الوقفات التضامنية والفعاليات حتى أحدث رحيله فجوة لم يسدها أحدًا بعده.
وفي هذا السياق يعقب أسامة: "من يزور والدتي في البيت من عائلات الأسرى والشهداء يبكي حرقة على رحيل الوالد الذي كان له وقفات معهم وسبب رحيله فقد كبير لمساند دائم، وفي كل مكان أزوره في المسجد والشارع يسلم علي الناس ويتذكرون مناقب الوالد ويترحمون عليه".
يذكر أن القيادي الراحل المهندس وصفي عزات قبها "أبو أسامة"، من بلدة برطعة غرب جنين، ولد عام 1959 وشغل منصب وزير الأسرى في الحكومة الفلسطينية العاشرة ويعد من القيادات الإسلامية والوطنية البارزة في فلسطين، وأحد قيادات حركة حماس البارزة في الضفة الغربية، ويعتبر شخصية قيادية اتصفت بالجرأة والصلابة، حمل هم قضية الأسرى في حياته حتى أضعفه المرض في شهوره الأخيرة نتيجة إصابته بكورونا قبل الإعلان عن وفاته في ١١ نوفمير/ تشرين الثاني عام ٢٠٢١ عن عمر يناهز ٦٢ عامًا.