جاء الموقف الروسي لافتاً حين أعلنت بعثتها الدبلوماسية في الأمم المتحدة، عن عدم اعترافها بسيادة دولة الاحتلال على الجولان السوري المحتل، باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الأراضي السورية، معبراً عن قلق موسكو من خطط (تل أبيب) الاستيطانية في هذه المنطقة المحتلة، لأنها تتعارض مع أحكام اتفاقية جنيف.
مع العلم أن الروس لم يستيقظوا على أن الجولان العربي السوري محتل، إلا بعد صدور تصريحات إسرائيلية داعمة لسيادة أوكرانيا التي تتعرض لهجوم روسي واسع النطاق، مما يمكن اعتباره "مماحكة" روسية للاحتلال، وتذكيرا له بأنها تغض الطرف عن احتلاله لأراض عربية سورية منذ قرابة خمسة وخمسين عاما.
في الوقت ذاته، يكاد الموقف الإسرائيلي من التمسك بالجولان المحتل يحظى بإجماع مختلف أطياف الحلبة الحزبية، يمينها ويسارها، متدينوها وعلمانيوها، شرقيوها وغربيوها، تمثل بعدم الانسحاب منه، إلا بإجراء استفتاء عام، وإقرار أغلبية الثلثين في الكنيست.
لا تجد دولة الاحتلال صعوبات كبيرة في محاولة الإثبات لنفسها وللمجتمع الدولي أنه لن تعود عليها أي فائدة أمنية دون احتفاظها بهضبة الجولان، حتى أن الحل في عام 2000، لم يكن مقنعا فقط، بل إن المتغيرات والتطورات على الصعيدين، الاستراتيجي والتكتيكي، منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، تجعل التنازل عن الجولان أمرا خطيرا بدرجة لا يتوقعها أحد، ولعل ما شهدته سوريا من أحداث داخلية منذ 2011 منح الإسرائيليين مزيدا من التمسك بالجولان.
ورغم أن النزاع الإسرائيلي السوري، بعكس ما هو عليه الحال في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، نزاع على أراض وحدود بين دولتين، لكنه، وفق الرؤية الإسرائيلية، يشبه العشرات من النزاعات حول العالم على هذا الغرار، جزء منها تم حله، وآخر بقي عالقا حتى كتابة هذه السطور، فالنزاع مثلا بين الهند وباكستان بالنسبة لمنطقة كشمير نموذج لهذه الصراعات الحدودية.
في مثل هذا الوضع مع السوريين، يفضل الإسرائيليون اللجوء إلى "إدارة النزاع"، بدلا من حله، ودفع ثمن باهظ غير مفضل لهم، وأهمها عدم الاقتراب من فرضية الانسحاب من الجولان.
في زمن سابق، وقبل التطورات السورية منذ 2011، وصعود اليمين الإسرائيلي منذ 2009، طرحت المحافل السياسية والإسرائيلية ثلاثة أنواع من الحلول المقترحة مع السوريين، أولها استئجار هضبة الجولان من قبل الاحتلال لفترة طويلة قد تمتد مائة عام، وثانيها إيجاد حل من السيادة المشتركة على هضبة الجولان، وثالثها إيجاد حل إقليمي، وبناء عليه تحصل سوريا من إسرائيل على جزء من هضبة الجولان، كما حصل مع الأردن بالنسبة لأراضي وادي عربة في اتفاق السلام، رغم أنه اليوم، لا يبدو أن أياً من هذه الحلول بادياً في الأفق المنظور