ليست هي المرة الأولى التي تذهب دولة باتجاه تصنيف حركة حماس على قوائم الإرهاب الدولي، فقد سبقت أستراليا بريطانيا ومن قبلها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا وغيرها من الدول، ويبقى السؤال الأهم: ماذا حققت تلك الدول من هذا التصنيف؟ وماذا فعلت حركة حماس لمواجهة هذا التوجه؟
أولاً: المكاسب الدولية عند تصنيف حركة حماس حركة إرهابية:
تصنيف حماس على قوائم الإرهاب من وجهة نظر الدول التي ذهبت إلى هذا التوجه يتلخص في الآتي:
1. استجابة وإرضاء لدولة الاحتلال الإسرائيلي ومنها كسب ود واشنطن.
2. وقف أي تمويل أو دعم محتمل قد يصل إلى حركة حماس، وبذلك عزلها سياسياً وإعلامياً.
3. دعم المشروع الصهيوني وضمان بقائه واستمراريته، حيث يعتقد البعض أن عزل المقاومة وأرهبتها من شأنهما تقويض القضية الفلسطينية وبذلك تمدد وانتصار المشروع الصهيوني.
قد نتفق أو نختلف على المكاسب الدولية، ولكن ما لا تعلمه تلك الدول هو قراءة تداعيات أرهبة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لحركة حماس منذ أحداث سبتمبر/2001م ما يطرح تساؤلات أهمها:
ماذا حققت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي نتيجة أرهبة حركتي حماس والجهاد الإسلامي...؟
على المستوى العسكري والأمني حماس أقوى أضعاف المرات اليوم، وعلى المستوى الشعبي ازدادت حاضنة حماس أضعاف المرات، ولعل انتخابات 2006م مؤشر مهم على صحة ما نقول.
واضح أن المجتمع الدولي بات يقرأ فشل أرهبة تلك الفصائل ولكنه راهن على استخدام الحصار كورقة لكسر إرادة المقاومة عبر ضرب الحاضنة الشعبية وإضعاف القوة العسكرية، ماذا كانت النتيجة...؟ الحاضنة الشعبية للمقاومة في تزايد، والقوة العسكرية عكست نفسها في معركة سيف القدس، وعليه فشل الحصار وفشلت سياسة الأرهبة التي تحرم دولاً عديدة من لعب دور بارز في الملف الفلسطيني.
تنضم أستراليا إلى بريطانيا في الوقت الذي تبحث به بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة على مراجعة تلك السياسة، عندما تذهب الولايات المتحدة إلى رفع أنصار الله (جماعة الحوثي) من قوائم الإرهاب، وتطالب مراكز بحث بضرورة مراجعة قانون الإرهاب لعام 1987م، هذا يعني أن أستراليا وقبلها بريطانيا تطبقان المثل القائل: "اللي رايح على الحج والناس مروحة".
إن من يظن أن أرهبة فصائل المقاومة ستنعكس إيجاباً على إسرائيل وعلى عملية السلام وحالة السلام والاستقرار في المنطقة أقول له من باب النصح إنكم أخطأتم التقدير، لماذا...؟
لأن تصنيف فصائل المقاومة بالإرهاب سيكون رسالة دعم وتعزيز للتيار الراديكالي داخل فصائل المقاومة، وإضعاف للبراغماتيين، فمن أوقف العمليات الاستشهادية في الداخل المحتل كان يتوقع أن يكافئه العالم برفعها من قوائم الإرهاب، ومن عدل الميثاق وعكس براغماتية سياسية تجاه الدولة على حدود الرابع من حزيران/1967م كحل مرحلي لا يخالف الإجماع الوطني مع احتفاظ حماس كحركة بعدم الاعتراف بإسرائيل كان يتوقع بأن العالم سيكافئ حماس ويرفعها من قوائم الإرهاب، ومن يرفض نتيجة الانتخابات الديمقراطية في عام 2006م لأنها جاءت بحركة حماس يؤكد أن مزيدا من البراغماتية الحمساوية يقابل بمزيد من الحصار والأرهبة والتضييق، فماذا تتوقع تلك الدول المرحلة المقبلة؟ أعتقد أنها مرحلة القوة والمواجهة.
ثانياً: حماس وقرارات الأرهبة:
لا شك أن حركة حماس بذلت جهوداً كبيرة من أجل رفعها من قوائم الإرهاب، سواء عبر الدبلوماسية الرسمية والشعبية، أو من خلال تجويد أدبياتها وخطابها وسلوكها على الأرض، أو عبر اللجوء إلى المحاكم التي لم تحترمها أوروبا، ورغم ذلك فإن حركة حماس تحتاج إلى مزيد من الخطوات تمزج بين إيضاح إجراءاتها وخطواتها للرأي العام الغربي، وفي نفس الوقت تزيد من الضغط على الاحتلال عبر مسارين:
1. الاشتباك بكل الأدوات والوسائل وفي كل المناطق وممكن التفكير بالعودة إلى كل أشكال المقاومة بما فيها العمليات الاستشهادية.
2. العمل وبكل قوة على دخول منظمة التحرير الفلسطينية عبر قيادة تكتل وطني يطالب بإصلاح م.ت.ف عبر الذهاب للانتخابات، وبعد ذلك قيادة عملية تصحيحية تهدف إلى تصحيح المسار السياسي الذي نشأ بعد أوسلو، وفي حال تحقق ذلك ونجحت حماس وكل من يؤمن بصواب فكرة تغيير وظيفة السلطة الفلسطينية في هذا المسار التصحيحي فإن الاحتمال الأرجح يتمثل في العودة إلى ما قبل أوسلو بمقاومة مخالبها قوية قد تحدث تغييراً في المنطقة ككل.
الخلاصة: إن الاستماع إلى فصائل المقاومة مباشرة بدل الاستماع عنها من خصومها هو أقصر الطرق لتحقيق السلام والاستقرار، على قاعدة رد الحقوق لأصحابها، وعدم الكيل بمكيالين.