برلين - قُدس الإخبارية: حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، من خطورة طرد وسائل الإعلام الألمانية مثل "دوتشيه فيله" وإذاعة "غرب ألمانيا" عدداً من الصحافيين الفلسطينيين والعرب بعد حملات التشهير التي تعرضوا لها من جماعات موالية لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
وقال المرصد إنه "منذ أن أصدر البرلمان الألماني قرارًا يصف حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات ضد إسرائيل بالمعادية للسامية، شهدت البلاد حملات متزايدة تهدف للخلط بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية، وتجريم انتقاد الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين".
وأشار إلى أن الإذاعة الدولية الألمانية العامة (دويتشه فيله) المملوكة للدولة، أعلنت عن وقف بعض موظفيها العرب والعاملين المستقلين في الخارج عن العمل، بعد اتهامات تتعلق بمعاداتهم للسامية، حسب وصفها.
وأضاف أن إذاعة غرب ألمانيا، أوقفت البرنامج العلمي "كوارك" الذي تقدمه "نعمة الحسن"، وهي صحافية ألمانية من أصول فلسطينية، بسبب مزاعم مماثلة تتعلق بمعاداة إسرائيل.
وكشف أن منتجاً على يوتيوب يُدعى "ايرفان بيتسي"، ذو صلة بحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، نشر مقطع فيديو تظهر فيه الحسن وهي تشارك بتظاهرة احتجاجية بعنوان "مسيرة القدس" في عام 2014، تزامناً مع العدوان على غزة، حيث زُعم أنّ بعض المشاركين في التظاهرة أطلقوا هتافات فُسرت على أنها "معادية للصهيونية أو معادية للسامية".
واعتبر أن أكثر ما يثير القلق في قضية الصحفية هو "تعرضها للهجوم على منصة بيلد الألمانية لمجرد إعجابها بمنشورٍ على حساب "إنستغرام" الخاص بمنظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام" وهي إحدى أكبر الجماعات اليهودية اليسارية في الولايات المتحدة التي تنتقد إسرائيل، وكان المنشور الذي أعجبت فيه "الحسن" وتعرضت لحملة تشويه شديدة بسببه يتهم إسرائيل بممارسة سياسة "الفصل العنصري" في الأراضي الفلسطينية".
وهو ما تعرضت له الصحافية من أصول فلسطينية أردنية "فرح مرقة"، التي أوقفتها دويتشه فيله عن العمل، حيث سلطت الحملة الضوء على مقالتين كتبتهما منذ سبع سنوات.
وقال المرصد إن فريقه فحص المقالات التي أشارت إليها الصحيفة وأوضح: كلمات مرقة ربما أُخرجت من سياقها وأسيء تفسيرها، إذ أن المثال الذي وصفت فيه إسرائيل ب"السرطان" مأخوذ من مقال تحدثت فيها عن الجماعات الإسلامية المسلحة في سوريا، وأشارت فيه إلى زعيم جماعة جهادية تقاتل في سوريا مدعوم من إسرائيل، حيث ظهر في وسائل الإعلام الإسرائيلية على أنه مثال غريب على "من يقاتل من ومتى"، واختتمت الصحفية الفقرة بقولها "عندما ينمو السرطان في الجسم يؤذي العديد من أعضائه... في أجسادنا التي تتأذى بالفِرق والمذاهب والأصول... يوجد سرطان واحد فقط... استخرجوه وسنشفى!"
وبيّن الأورومتوسطي أن الجملة التي نقلتها صحيفة "شبيغل" لا توضح ما إذا كانت مرقة تشير إلى إسرائيل أو الجماعات الجهادية في سوريا.
وأضاف: أما فيما يتعلق بادعاء استعدادها للانضمام لداعش، فتشير مقالة "شبيغل" إلى فقرة أيدت فيها "مرقة" تحليلاً يتعلق بذكر زعيم تنظيم "داعش" فلسطين في خطاب له، وقالت حينها إنّ ذلك يؤشر على يأس الجماعة واستغلالها للقضية الفلسطينية، ثم قالت ساخرةً إنه إذا كانت الجماعة صادقة في شعاراتها تجاه فلسطين، فإنها ستعيد النظر في "حكمها على رجالهم وداعميهم الماليين"، ثم قالت -ساخرة أيضًا- إنها قد تنضم إلى أي جماعة -بما في ذلك داعش- إذا كانت "ستعيد أرض فلسطين لشعبها" حتى لو كان دين تلك الجماعة البوذية.
وكشف المرصد أن "دويتشه فيله" وزعت خلال العدوان على غزة، في مايو/أيار الماضي، دليلًا داخليًا من صفحتين للصحافيين العاملين لديها يمنعهم من إقامة أي ارتباط بين دولة إسرائيل والاستعمار، أو استخدام مصطلح الفصل العنصري، وشدد على أن الإجراء "ينطوي على قمع خطير لحرية التعبير يهدف إلى ترسيخ الانحياز لإسرائيل في وسائل الإعلام الألمانية بدلاً من الدفاع عن المبادئ الصحفية".