رام الله - خاص قدس الإخبارية: شكلت عملية حومش التي نفذها مقاومون من بلدة السيلة شمال الضفة المحتلة، وأدت لمقتل مستوطن وإصابة آخرين، ضربة جديدة للمنظومة الأمنية الإسرائيلية خصوصًا وأنها أتت بعد فترة وجيزة من عملية إطلاق نار أخرى أوقعت خسائر في صفوف الاحتلال في القدس المحتلة.
وتتركز العقيدة الأمنية الإسرائيلية على مبدأ الإنذار المبكر القائم أي منع العمليات قبل وقوعها غير أنه في الفترة الأخيرة وتحديداً في الضفة والقدس المحتلتين تحول إلى مبدأ التعامل مع العمليات في أعقاب وقوعها سواء بملاحقة المنفذين واغتيالهم أو أسرهم.
في السياق، يقول الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي حسن لافي إن العملية تعكس جرأة كبيرة لدى المنفذين بقدرتهم على التنفيذ والانسحاب من المكان بدون خسائر وهو نوع من أنواع الانتصار الفلسطيني على المنظمة الأمنية الإسرائيلية.
ويضيف لافي لـ "شبكة قدس" أن من أهم دلالات العمليات هو رفض الفلسطينيين في الضفة التعايش مع الاستيطان وعمليات سلب الأراضي والقتل الممنهج على الحواجز والرغبة في المقاومة وتنفيذ العمليات ضد الاحتلال.
وبحسب الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي فإن اعتقال المنفذين هو أمر ليس مستبعدًا في ساحة الضفة خصوصا في ضوء العوامل الأمنية الضاغطة هناك على عمل المقاومين أو الخلايا التابعة لقوى المقاومة الفلسطينية.
ويشدد لافي على أن العملية كسرت العقيدة الأمنية الإسرائيلية المبنية على الإنذار المبكر وليس اعتقال المنفذين، وهو ما يعكس فشل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بشكل كبير رغم امتلاكها 3 عوامل أمنية تشكل قوى لها في منع العمليات.
وتتمثل هذه العوامل في جهاز أمن الاحتلال العام "الشاباك" وأدواته التكنولوجية الحديثة بالإضافة لقدرات الجيش وتعزيز انتشاره الكبير في ساحة الضفة وإحكامه السيطرة عليها، أما الأداة الثالثة فهي التنسيق الأمني الذي يعتبر من أهم عوامل ضبط الحالة في الضفة، وفقاً للكاتب والمحلل لافي.
ويرجح أن تتحول ساحة الضفة المحتلة من مرحلة الجبهة المهددة الخامدة، للجبهة النشطة المهددة "لإسرائيل"، في عام 2022، في ضوء كم العمليات التي نفذت في الشهرين الأخيرين بالرغم من الحملات الأمنية وعمليات الاعتقال الكبيرة.
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أنه في ضوء هذا النوع من العمليات سواء كانت منظمة أو فردية فإن الوصول للمنفذين هو تحصيل حاصل في ضوء قدرة الاحتلال الأمنية المتطورة، وهو أمر معتاد منذ عام 2014.
ويستدرك عرابي في حديثه لـ "شبكة قدس": "إضافة إلى البيئة السياسية المحلية في فلسطين وسياسات السلطة غير المتعاطفة مع المقاومة، وهو ما يصعب الحالة على المقاومين، لكن ما جرى يعكس استمرار حالة المقاومة وتصاعدها بأشكال مختلفة".
ووفقاً للكاتب والمحلل السياسي فإن ما يجري يندرج في سياق الحالة العامة القائمة على المواجهة ويعطي رسالة ومؤشر على استمرارها فكما ظهرت مجموعات بعد عاصم البرغوثي ومنتصر شلبي وفادي أبو شخيدم سيبقى الأمر مستمراً خلال الفترة المقبلة.
ويتابع بالقول: "العملية تدل على أن فكرة المقاومة قائمة وأن هناك حالة عامة على وشك التشكل ولابد في قلب هذه الحالة العامة أن يكون هناك عمليات أكثر خطورة، لكن الأجنحة العسكرية للمقاومة لم تصل بعد إلى تلك الحالة التي كانت عليها في السابق، واستمرار المحاولات بهذا الشكل سينتج عمليات ذات طابع نوعي".
وعن الفشل الأمني يعتقد عرابي أن حالة الفشل في جنين تبدو مختلفة خصوصًا مع زيادة أعداد الشهداء والمعتقلين في المخيم، وتشكيله لحالة تمرد إضافة إلى وجود علاقات جيدة ملموسة بين فصائل المقاومة هناك وبعض الكوادر في حركة فتح.
ويشدد الكاتب والمحلل السياسي على أن تراجع السلطة شعبيًا واقتصاديًا وسياسيًا هي عوامل تدفع الشبان لمزيد من العمليات في الضفة المحتلة، بأشكال وأدوات مختلفة بما في ذلك أولئك الغير مؤطرين داخل الفصائل بشكل رسمي.
وبشأن دلالات الخلفية التاريخية للمشاركين في العمليات، يذكر قائلاً: "هناك دلالات واضحة في العمليات هي إما أنهم أبناء شهداء أو قادة في الفصائل أو أصحاب خلفيات تنظيمية والحالة ممتدة منذ مهند الحلبي مرورًا بخلية صوريف وعملية فادي أبو شخيدم وعملية حومش وغيرها من العمليات، ما يعكس أن البيئة التنظيمية والثقافة التعبوية تؤثر في تنفيذ هذه العمليات.