فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: منذ سنوات بدأ الأسرى الفلسطينيون معركة جديدة في المواجهة مع إدارة سجون الاحتلال، شكلت "النطف المحررة" فرصة لعشرات الأسرى وعائلاتهم الذين أمضى عدد كبير منهم أكثر من 15 عاماً متواصلة في الاعتقال، لولادة حياة جديدة تعيد للأسير الأمل والروح، كما يؤكدون.
أثار فيلم "أميرة" الذي يقدم قضية أطفال "النطف المحررة" بصورة "مشوهة"، وفقاً لمؤسسات الأسرى وشخصيات ثقافية فلسطين، استياءً واسعاً بين عائلات الأسرى خاصة الذين عاشوا التجربة وشكلت لهم فرصة للتغلب على سياسات الاحتلال لقتل الحياة فيهم.
"لا حرية تعبير في تشويه الأسرى"
سناء سلامة زوجة الأسير وليد دقة، التي رزقت بطفلتها "ميلاد" عن طريق "النطف المحررة"، أكدت أن الفيلم يعمل على "تشويه قضية الأسرى وخاصة أطفال النطف المحررة".
وكشفت سناء في حديث مع "شبكة قدس"، أن بعض العائلات علمت عن الفيلم في مراحل انتاجه الأخيرة وتواصلت مع المخرج وفريق العمل وطلبوا منهم التوقف لكنهم رفضوا، وقالت: "رفض طلب العائلات يدل على وجود مصالح خاصة لفريق العمل وعلى انتهازيتهم".
وتابعت: الأفلام عادة تحمل رسالة وقيم إنسانية، غير واضح ما هي الرسالة التي يريد فيلم إيصالها للناس، عدا عن أن الحبكة في الفيلم غير واقعية ومجرد تشويه لقضية الأسرى، القضية هنا ليست حرية الفكر أو التعبير عندما يتم تشويه الأسرى لا نعود أمام حرية رأي.
واعتبرت أن الفيلم يمثل "رواية الاحتلال"، وأكدت أن "الفيلم رواية إسرائيلية والقائم على الفيلم ومن شارك في الإخراج والانتاج تبنى رواية الاحتلال".
وأردفت: نحن أقوى من أن يؤثر علينا فيلم، نحن نتحدث من ناحية مهنية أنه يجب أن يعكس الواقع كما هو، ونرى أنه يجب أن لا يتم الترويج للفيلم ونطالب المستوى الرسمي الفلسطيني بالتواصل مع الأردن للمطالبة بسحب الفيلم ووقفه.
وشددت على الحاجة لرواية نضال الأسرى في مواجهة قمع إدارة سجون الاحتلال وإصدار رواية مضادة لهذا الفيلم.
وعن دور السينما والثقافة الفلسطينية في الرواية المضادة، قال: يجب أن تأخذ قصة نطفة محررة وأن تروي حكاية انتصار الأسرى المحكومين بالسجن المؤبد، الأسير الذي يدخل إلى السجن وتريد "إسرائيل" أن يعيش في قبر، يتمكن من الانتصار عليها وإخراج "نطف محررة" تخلق أملاً جديداً في حياته.
في رسالة من داخل سجون الاحتلال، كتب وليد دقة لطفلته ميلاد: "مَنْ يأخذ بقية عمري ويمنحني لحظة عناق لتطوقيني بذراعيك الصغيرتين، من مسحت بكفيها الصغيرتين على قلبي فانتظم النبض وصح البدن وتلاشت عقود من الألم، من يا مهجة قلبي ستأتي لتغفو على صدر والدها ليداعب شعرها الناعم، إلى حبيبتي ميلاد: كلّ عام وأنت بألف خير، وعيد ميلاد سعيد".
"لا أحد قادر على التشكيك بالأسرى"
ليديا الريماوي زوجة الأسير عبد الكريم الريماوي، حققت "النطف المحررة" حلماً كان صعب المنال قبل سنوات لها ولزوجها، في عام 2013 رزق ليديا وعبد الكريم طفلهما "مجد" عن طريق "النطف المحررة"، ليكون ثاني أطفال الحرية بعد طفل الأسير عمار الزبن.
ليديا استنكرت الفيلم، وقالت إنه "لا يوجد فيلم على وجه الأرض يمكن له التشكيك في رواية الأسرى وعائلاتهم".
وأضافت: لدينا ثقة مطلقة بالنطفة وبالطريقة التي هربت فيها ولا يمكن لشيء أن يزعزع هذه الثقة، واعتبرت الريماوي في لقاء مع "شبكة قدس"، أن الفيلم يترتب عليه نتائج خطيرة ويمس بكل من ضحى وناضل من أجل فلسطين.
وأكدت على "فخرها" بالتجربة، وقالت: لو توفرت لدي فرصة أن أزرع نطفة من جديد فسأقدم على هذه الخطوة، لا يهمنا أي فيلم، هذه التجربة تشكل تحدياً للاحتلال.
وحول المطلوب من المستوى الرسمي للرد على الفيلم، أردفت قائلة: يجب رفع قضية على منتجي الفيلم لأنه يشكك في كل نضال الشعب الفلسطيني وليس فقط بالأسرى، يجب العمل من كل الهيئات لسحب الفيلم ومنع ترويجه.
وأشارت الريماوي إلى أن عدداً من عائلات الأسرى علمت بالفيلم، قبل أسابيع، واجتمعت مع وزارة الثقافة التي تعهدت بالعمل على منع عرضه والتواصل مع الجهات الأردنية والفلسطينية لسحبه.
"محاولة لإرضاء الغرب على حساب الأسرى"
وفي سياق متصل، قالت عائلة الأسير سامر المحروم الذي رزق بطفل وطفلة عن طريق "النطف المحررة"، إن الفيلم "يحاول من خلال التشكيك في قضية الأسرى إرضاء الغرب والوصول إلى جائزة أوسكار".
وأضافت في لقاء مع "شبكة قدس": رسالتنا للمخرج هاني أبو أسعد الذي شارك في الفيلم، أننا نستغرب هذه الفكرة الدرامية التي خرجت بها للتشكيك بالأسرى، بهدف إرضاء الغرب والوصول للجائزة العالمية، وهذا يذكرنا بمن يطلب اللجوء لدول الاتحاد الأوروبي لأنه منبوذ في مجتمعه وشاذ.
وتابع: نقول للمخرج وكل من شارك في الفيلم، أن الأسرى خط أحمر، الأسرى الذين بذلوا الغالي والرخيص للقضية، كان يجب على هاني أبو أسعد أن يقدم قصصهم البطولية للعالم، كيف أخرجوا أطفالاً من رحم الزنازين، وكيف أصبح لدينا جيل كامل من أطفال الحرية.
وأكدت العائلة على أن الأسرى يتخذون إجراءات مشددة للتأكد من سلامة وصول "النطف المحررة" إلى زوجاتهم.
وتابعت: نقول لهاني أبو أسعد أنت مثل الفدائي الذي حمل السلاح عشرات السنين ثم خان القضية، لا تحدثنا عن الأفلام التي انتجتها للقضية الفلسطينية وأنت تنتج فكرة درامية مشوهة للأسرى من أجل الوصول إلى جائزة أوسكار.
وأكدت العائلة على "عظمة فكرة تهريب النطف من داخل السجون"، وقالت: لا يوجد شعب في العالم أخرج مثل هذه القصص الأسطورية، جيل كامل من الأطفال جاء من "النطف المحررة"، لدينا أيضاً تجربة أبطال "نفق الحرية" الذين لا يمكن لعقل أن يتخيل عظمة البطولة التي قاموا بها.
وشددت على الحاجة لرواية صادقة تقدمها السينما والثقافة الفلسطينية للعالم بطولات الأسرى، وأوضحت: قدموا تجربة الأسرى كما هي من "النطفة إلى الرحم"، لدينا قصة أسير هرب "النطفة" مع رفيقه الذي تحرر بعد 20 سنة من السجن، وبعد أن خرج بقي ينتظر عائلة الأسير حتى حضروا وتسلموا النطفة، قبل أن يرى عائلته، يجب على السلطة والسينما الفلسطينية تقديم رواية للعالم.
"النطف المحررة: حياة وأمل للأسير"
في عام 2019، رزق الأسير نصر أبو حميد مع زوجته آلاء أبو حميد بطفلتهم "يمان"، عن طريق "النطف المحررة"، تصف الزوجة التجربة بأنها "انتصار عظيم على الاحتلال".
وقالت: تجربة رائعة جداً تضيف لعائلة الأسير روحاً جديدة ينتصر فيها على السجان.
وعن مشاعر نصر بعد أن رزقا بطفلهما "يمان"، تروي لشبكة قدس: أعطاه الأمل والدافع للحياة والروح والفرح، يكفي أنه يعتبره انتصاراً على الاحتلال أن يحمل طفل اسمه.
آلاء أكدت على أن الفيلم "مسيء جداً لعائلات الأسرى"، وقالت: كيف لدول عربية أن تسمح لنفسها بانتاج فيلم يضر بصورة الأسرى وعائلاتهم.
وطالبت المؤسسات الرسمية برفع قضية على منتجي الفيلم وإجبارهم على تقديم اعتذار للأسرى وعائلاتهم.