رام الله المحتلة - قُدس الإخبارية: وجه نشطاء فلسطينيون، انتقادات لمؤسسات حقوقية فلسطينية على خلفية استضافتها لقاء مع مؤسسات حقوقية إسرائيلية في مدينة رام الله المحتلة خلال أكتوبر 2021، من بينها منظمة "مقاتلون من أجل السلام" والتي تعرف نفسها على أنها تضم إسرائيليين خدموا سابقا في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ويرى الكاتب والباحث ساري عرابي، أن اللقاء جرى كمحاولة لإلغاء القرار الإسرائيلي بتصنيف 6 مؤسسات فلسطينية "إرهابية"، مؤكدا وجود إشكالية حقيقية في اللقاء بحد ذاته، الذي ينم عن عدم وجود إجماع فلسطيني وطني كاف بشأن تصنيف المؤسسات الإسرائيلية من حيث جزيئية التطبيع، والإشكالية الأكبر في وجود أشخاص من "مقاتلون من أجل السلام".
ويعتقد عرابي في حديثه لـ"شبكة قُدس"، أن المؤسسات الست لم توضح تفاصيل ما جرى لانها في موقف حرج للغاية، قائلا: هذه المؤسسات يجب أن تتحلى بالشفافية الكاملة بهذا الشأن وتوضح موقفها بشكل واضح.
وقال الكاتب الصحفي معز كراجة، إن "المؤسسات الوطنية التي بنيت على أكتاف مناضلين، عندما ترتكب خطأ ما، الواجب عليها والمتوقع منها أن تواجه الحقيقة وتواجه نفسها وأن تعترف بما اقترفت وأن تشرح حيثيات الخطأ وتفسره لتجاوزه وليس تبريره للتنصل منه وأن تعتذر لنفسها وتاريخها، وأن تعيد التأكيد على مبادئها والتمسك بها، وأي سلوك غير ذلك هو استمرار وإمعان في ما اقترفت".
وأضاف كراجة: "هناك مؤسسات تفعل ما تفعل عن قناعة ومن باب الانتفاع، وهنالك مؤسسات ربما فعلت ذلك لحيثيات كثيرة من حق الناس أن تعرفها، ولكن بكل تأكيد ليس عن قناعة، لذلك من الظلم لنفسها وشعبها أن تضع تلك المؤسسات نفسها في سلة واحدة مع المنتفعين من خلال صمتها وعدم مواجهتها الخطأ بكل مسؤولية وطنية، وإلا لن يبقى اسمه خطأ".
وقال الناشط والباحث عرفات البرغوثي، إنه "عندما يتوه اليساري في توصيف عدوه يكون انتهازيا وليس غبيا، فالشمس لا يغطيها الغربال".
وأضاف البرغوثي: "العدو واضح كوضوح الشمس في نهارٍ من آب، وليس عيبا أن تخطئ ولكن الإمعان في الخطأ يجعلك مجرما والغوص في تبرير جرمك يجعلك وقحا، والاستهتار بوعي شعبك يجعلك سافلا".
وكتبت الصحفية لينا أبو الحلاوة، أن قرار الاحتلال بشأن تصنيف 6 مؤسسات فلسطينية "إرهابية"، "حقّق الكثير من أهدافه عندما أدارت مؤسسات فلسطينية يسارية ظهرها للمعايير الوطنية وعقدت لقاءً تطبيعيّاً مع مؤسسات إسرائيلية".
وقالت: "مؤسسات اليسار تقع في فخ التطبيع؟، هذه كارثة أرى أنه من الواجب الحديث عنها بشيء من الإسهاب، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، خاصة وأن هناك حالة من السكوت الغريب إزاء القضية".
ورأى الصحفي محمد بدر، أن "عدم الخروج بموقف من قبل المؤسسات الست فيما يتعلق بلقائهم بإسرائيليين، يمكن تفسيره بأنه عدم اكتراث بردة فعل الناس، أو عدم اعتراف بأن ما حدث خطأ يستحق التوضيح، أو أنهم يعتقدون أن الملاحقة الإسرائيلية حصنتهم أمام أي نقد أو رأي".
وأشار إلى أن "المنتقدين لهذا اللقاء هم أنفسهم الذين تضامنوا مع المؤسسات، تضامنوا انسجامًا مع مبادئهم وانتقدوا للسبب ذاته".
وكانت حكومة الاحتلال قد أعلنت تضيف 6 مؤسسات أهلية فلسطينية بـ"الإرهابية"، بداعي ارتباطها بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفق صحيفة "جيروساليم بوست" الإسرائيلية، وهو ما لاقى استنكارا ورفضا فلسطينيا وأمميا.
وفي الوقت الذي لم تصدر فيه حركة المقاطعة BDS أي موقف بالخصوص، قال المدير التنفيذي لمركز بيسان للبحوث والإنماء أبيّ العابودي لـ"شبكة قُدس"، إن "هذه المؤسسات الفلسطينية تتعرض للاستهداف من قبل الاحتلال الإسرائيلي وكانت تحافظ على الرواية الوطنية الفلسطينية، ومطلوب أن تركز الجهود للدفاع وحماية هذه المؤسسات والابتعاد عن أي جدال داخلي فلسطيني وهذه المعركة دولية".
وقال شعوان جبارين، المدير العام لمؤسسة الحق، إنه بعد اتصال من مدير مؤسسة "بيتسليم" الحقوقية الإسرائيلية، "رحبنا بزيارتها ومؤسسات حقوقية كزيارة تضامنية".
وأضاف في لقاء مع "شبكة قُدس"، أن عددا من المؤسسات الإسرائيلية أبلغت بإحضار طواقمها معها إلى مقر مؤسسة الحق، للتضامن مع المؤسسات الفلسطينية الست التي صنفها وزير حرب الاحتلال بـ"الإرهابية"، "وكان الحديث بشأن إبطال القرار، وأكدنا على أن القرار يجب أن يسقط".
وبحسب جبارين، فإن أحدا لم يعرف عن نفسه في اللقاء، وبالتالي "لم نعلم بوجود منظمة مقاتلون من أجل السلام التي لا نتعامل معها على الإطلاق ولم نكن نعلم بوجودها، ورفضنا لاحقا، إجراء مقابلات صحفية مع صحيفة إسرائيلية وطلبنا من مراسلتهم مغادرة المكان".
وأكد جبارين، على موقف مؤسسته من التطبيع، قائلا: موقفنا واضح، نحن نرفض التطبيع القائم على قاعدة الحوار السياسي، ونحن بعيدون عن هذا الجانب، وما جرى هو عبارة عن زيارة تضامنية ولا علاقة لها بأي شكل من الأشكال بالحوار السياسي".
وأوضح: لدينا شروطنا للتعامل مع المؤسسات الحقوقية الإسرائيلية في ما يتعلق بالمشاريع المشتركة، بحيث يجب على المؤسسة الاعتراف بحق العودة وتقرير المصير والقدس وإزالة الاحتلال، وفي حال أعلنت مؤسسة موقفها في هذا الاتجاه ليست لدينا مشكلة في التعامل معها.