يناقش المقال التحول الصهيوني تجاه قطاع غزة، وهل فعلًا هو تحول أم تكتيك صهيوني له مآرب أخرى؟ هل التسهيلات نتيجة لمعركة سيف القدس، أم أنه مرتبط بمسار أمريكي إقليمي قائم على جلب الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط؟ للإجابة عن هذه التساؤلات لا بد من تناول ثلاثة محاور أساسية، وهي:
1. واقع قطاع غزة:
المتتبع سياسات (إسرائيل) تجاه قطاع غزة في السنوات الأخيرة يستطيع أن يستخلص أهم الإستراتيجيات المتبعة تجاه القطاع، وهي: بقاء الانقسام وتثبيته عبر سياسات أمنية وعسكرية واقتصادية تحقق الهدف (تثبيت معادلة الهدوء مقابل الهدوء عبر سياسة ردع وكي وعي ترسخ نظرية عدم جدوى المقاومة مقارنة بقوة الاحتلال)، ومنع تعاظم قوة المقاومة عسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا.
نتائج السياسة الصهيونية تجاه القطاع أفرزت زيادة في معدلات الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي، وفي الوقت نفسه احتضانًا أكبر للمقاومة وقناعة لدى أهلنا بالضفة الغربية بجدواها، لا سيما مع انسداد الأفق السياسي وفشل مسار التسوية، وعليه نستطيع القول إن (إسرائيل) نجحت في جعل الحياة في قطاع غزة صعبة، وفي تثبيت الانقسام، ولكنها فشلت في ضرب حاضنة المقاومة، وفي منع تطور قدراتها، وهو ما دفع الحكومة الجديدة إلى اتخاذ قرارات للتخفيف من حالة الحصار المفروض على القطاع، وتناول مواقف ورؤى جديدة تجاه غزة.
2. الموقف الإسرائيلي من التسهيلات:
يتفق بينيت ولبيد وغانتس على السلام الاقتصادي، على أن يهدف هذا السلام إلى تقوية الرئيس محمود عباس وسلطته على حساب حركة حماس، وخطة لبيد في هذا الشأن تقوم على إعادة السلطة إلى قطاع غزة لنزع سلاح حماس، وهذا يدل على مسألتين: إما أن لبيد يجهل الواقع الفلسطيني، وهذا احتمال ضعيف، أو أن لبيد يريد الهروب من الضغوط الدولية والإقليمية لتحسين الواقع الإنساني في قطاع غزة عبر طرح مبادرة فاشلة قبل أن تنطلق.
رغم ما سبق إن لبيد وغانتس يتفقان على أن يوازي السلام الاقتصادي تحقيق تقدم سياسي مع السلطة الفلسطينية، وهذا أيضًا سراب لأنه يهدد الائتلاف الحكومي.
3. إيجابيات وسلبيات هذه التسهيلات:
فلسطينيًّا -تحديدًا في قطاع غزة- أي حركة حماس في تقديري ترى أن التسهيلات نتاج معركة سيف القدس، وهي استحقاق للشعب الفلسطيني الذي عانى ويعاني ويلات الحصار، والأفضل لحركة حماس ألا تعارض ولا تؤيد هذه التسهيلات، وتتعاطى معها نتاج تدخل الوسطاء.
أولًا: إيجابيات التسهيلات:
* التخفيف من حالة الحصار الإسرائيلي.
* تحييد سيناريو الحرب (استراحة محارب).
* تعزيز صمود المواطن الفلسطيني والحد من نسبتي الفقر والبطالة.
ثانيًا: سلبيات السلام الاقتصادي:
* التعاطي مع القضية الفلسطينية بمنظور اقتصادي إنساني لا سياسي.
* هروب (إسرائيل) من استحقاقات سياسية وقانونية ومن ضغط المجتمع الدولي.
* قد تنجح (إسرائيل) في تصدير صورة السلام الاقتصادي خارجيًّا بما يدعم التطبيع.
الخلاصة: لا شك أن التسهيلات في الأراضي الفلسطينية هي من أسهل القرارات وأقلها كلفة لحكومة بينيت لابيد، وعلى قوى المقاومة توظيف ذلك بكل الوسائل والسبل من أجل أن ينعم شعبنا برخاء وازدهار، بما يفشل خطط السلام الاقتصادي، ويعزز من مسئولية الكيان الإسرائيلي القانونية عن شعبنا، قوةَ احتلال مطالبة بتوفير كل مقومات شعبنا واحتياجاته، بقوة القانون وقوة السلاح.