رام الله - خاص قدس الإخبارية: اعتبر بعض المسؤولين السلطة الفلسطينية أن موافقة وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي بني غانتس الموافقة على تقديم 5 آلاف طلب لم شمل للعائلات فلسطينية في الضفة المحتلة وقطاع غزة؛ إنجاز بالمعنى السياسي والإنساني.
وتحدث وزير الشؤون المدنية وعضو اللجنة المركزية حسين الشيخ عن هذا الملف، مشيرا إلى أن ما تحقق في نهاية الشهر الماضي يأتي في سياق التسهيلات المقدمة للفلسطينيين وبمثابة "إنجاز" تمكنت السلطة من الحصول عليه من قبل حكومة الاحتلال ضمن سلسلة من الخطوات.
وبحسب محللين وأكاديميين فلسطينيين فإن ما جرى لا يحمل صفة "الإنجاز السياسي" ويندرج في إطار مكتسبات نجح من خلالها الاحتلال الإسرائيلي من خلالها في تقزيم المطالب التي يطرحها المفاوض الفلسطيني لتتحول من القضايا الوطنية وقضايا "الحل النهائي" إلى قضايا ذات طابع إنساني.
في السياق يقول الكاتب والمحلل السياسي عماد أبو عواد إن ما جرى هو "ذر للرماد في العيون" ويعكس قبول السلطة بأداء دور وظيفي مقتصر على تسيير أمور الفلسطينيين وحمل العبء الأمني عنها.
ويضيف أبو عواد لـ "شبكة قدس": "الحديث في مثل هذه القضايا يندرج في إطار دعم السلطة الفلسطينية ضمن نطاق ثانوي متعلق بملفات حياتية وليست ملفات ذات طابع سياسي، وهو ما يعكس وجود نية إسرائيلية لتحويل دور السلطة من سياسي إلى خدماتي مع قبول السلطة بذلك".
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي فإن قبول السلطة بهذا الدور هو بمثابة إنجاز إسرائيلي كبير، إذ تم تجريد السلطة من أي بعد ذو قيمة سياسية إلى جانب موافقة السلطة على حصر دورها بهذه الطريقة بشكل أو بآخر.
وأردف قائلاً: " الاحتلال هو من يتحكم في إصدار مثل هذه القرارات سواء المتعلقة بقضايا لم الشمل أو غيرها من الملفات، لكن الأهم هو محاولة السلطة أن تضخم أي تقدم في الملفات الحياتية على أنه "إنجاز سياسي" أمام الناس".
من جانبه، يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة بيرزيت بدر الأعرج أن ما جرى هو "إنجاز" محدود للغاية، إذ أن ما يجري هو محاولة إسرائيلية لتحسين صورة السلطة بعد القلق الذي أعقب التطورات التي جرت خلال معركة "سيف القدس".
ويوضح الأعرج لـ "شبكة قدس" أن ترويج السلطة لهذا الملف على إنجاز يعكس حالة "النقص" في الإنجازات ويجعلها تريد تقديم أي نجاح أمام الناس والمجتمع".
وعن إمكانية تراجع الاحتلال عن قراره علق قائلاً: "تجربة أوسلو نفسها تؤكد أن هناك فرق بين الوعودات الإسرائيلية والتطبيق على أرض الواقع، لكن الوضع مختلف هذه المرة بسبب الرغبة في الحفاظ على السلطة من قبل الاحتلال".
وبشأن التهرب الإسرائيلي من الحديث في الملفات السياسي، لفت الأعرج إلى أن ذلك ليس خيار السلطة بل خيار الأقوى، الذي يفرض ما يشاء، وبات واضحاً أن الحكومة الجديدة غير قادرة على تقديم تنازلات سياسية للسلطة الفلسطينية.
ويردف قائلاً: "على صعيد الملف السياسي لا توقعات بأن يكون هناك تقدم أو نجاح في الخيار السلمي وسيظل الملف الاقتصادي والتسهيلات هي القائمة على الطاولة".
في السياق، يؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي أنه يجب فصل الأمور بين المسار الوطني الذي لا يعتبره إنجاز وبين الواقع المعيشي للفلسطينيين.
ويرى الشوبكي في حديثه لـ "شبكة قدس" أن ما جرى هو تقدم على الصعيد السياساتي يلقى بظلاله على مجموعة من الفلسطينيين، ولا يمكن القول إن لم شمل 5 آلاف فلسطيني هو نجاح سياسي، سيما وأن هناك عشرات الآلاف من الأسر التي تحتاج للم الشمل.
ويتابع قائلاً: "ما يتم الآن هو أن الاحتلال أبقى مجموعة من القضايا لتقزيم سقف المفاوضات من بين هذه القضايا ملف لم الشمل والتحويلات والجمارك والمقاصة، لذلك سنجد أننا بدل التفاوض على القدس والمياه واللاجئين نتفاوض على قضايا ذات قيمة أقل مرتبطة بهموم الفلسطيني اليومية وهي جزء من استراتيجية إسرائيلية في أن تبقى سقف المفاوض الفلسطيني مقزماً".
ويشير الشوبكي إلى أن الإسرائيلي مستعد للحديث عن الفلسطيني في إطار سياساتي وليس في إطار سياسي.