رام الله - قدس الإخبارية: حذر الائتلاف الفلسطيني للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (عدالة) من خطورة انغلاق النظام السياسي الفلسطيني على نفسه في ظل غياب آليات المحاسبة والمساءلة من قبل مجلس تشريعي ونظام قضائي.
وانتقد الائتلاف آلية تشكيل لجان التحقيق بالإضافة إلى عدم الأخذ بتوصياتها، مما سيؤدي إلى مزيد من إضعاف ثقة الناس في النظام السياسي.
وأضاف الائتلاف: "جرت العادة في الملفات والقضايا التي تتحول لقضية رأي عام، وتتحمل الحكومة المسؤولية عنها، أن يتم المسارعة إلى تشكيل لجان تحقيق مستقلة، وذلك يُعزى في جانب كبير منه لانعدام ثقة المواطنين بالهيئات الرقابية والمؤسسات الرسمية القائمة التي يجب أن يُناط لها هذا الدور، مثل: النيابة العامة، وديوان الرقابة الإدارية والمالية، وهيئة مكافحة الفساد. علماً بأن الإنفاق على هذه الهيئات الثلاث من الميزانية العامة: على سبيل المثال، يتجاوز الـ 70 مليون شيقل سنوياً".
وتابع: "في الآونة الاخيرة تم تشكيل لجنة تقصي حقائق حول ملف تبادل اللقاحات مع الاحتلال، ولجنة تحقيق في ملف اغتيال الناشط السياسي نزار بنات، كلا اللجنتين وبغض النظر عن الميل إلى اللغة الهادئة التي حملت نتائج تحقيقاتها إدانة لمسؤولين وموظفين سواء في القطاع الصحي أو القطاع الأمني، إلا أنه لم يتم اقالة أو استقالة أي من المسؤولين واحتفظ الجميع بوظائفهم، فاستقالات المسؤولين الرسميين سواء في ملفات القمع الداخلي أو الفساد أو حتى الإخفاق في أداء مهاهم الوظيفية تعتبر نادرة الحدوث، و ثقافة ليست دارجة سواء في الوظيفة العمومية أو في النظام السياسي ككل".
وأشار إلى أن الإقالات عادة لا تتم إلا كنتيجة لصراعات، وعملية تصفية داخلية، كإقالة محمد دحلان وفصل ناصر القدوة ومؤخراً فصل وزير الثقافة السابق من أمانة المكتبة الوطنية لانتقاده قتل نزار بنات.
ولفت الائتلاف إلى أن الاتحاد الأوروبي غير راضٍ ولا يثق بلجنة التحقيق التي شكلتها الحكومة الفلسطينية، مردفاً: "ممثل الاتحاد وجد في اغتيال بنات فرصة علنية لانتقاد السلطة ووصف سلوكها بالعنيف اتجاه المعارضين السلميين وفيه إدانة للسلطة في ملف حقوق الإنسان، إضافة أن الاتحاد الأوروبي بات يتعامل مع قيادة السلطة إلى كونها غير منتخبة ووصف سابقاً قرار تأجيل الانتخابات الفلسطينية بأنه "مخيب للآمال" داعياً إلى المسارعة لتحديد موعد جديد للانتخابات".
وبحسب الائتلاف فإن لجنة التحقيق في قضية اغتيال نزار، برئاسة وزير العدل محمد الشلالدة، وعضوية: ممثل عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وطبيب يمثل عائلة بنات، واللواء ماهر الفارس عن الاستخبارات العسكرية، واجهت العديد من الانتكاسات التي يمكن رصدها، بدأً من حيث التشكيل حيث اعتذرت الهيئة والعائلة عن المشاركة في تلك اللجنة، ولاحقاً رفضت أيضاً نقابة المحامين أن تكون جزءاً منها، بالتالي اقتصرت اللجنة في تشكيلها على الحكومة، وأعلنت عن نتائج عملها بعد خمسة أيام من تشكيلها، وأشار الشلالدة خلال مؤتمر صحفي للجنة بكونها "أوصت بإحالة تقريرها ومرفقاته إلى الجهات القضائية لاتخاذ المقتضى القانوني اللازم وفق القوانين والتشريعات الفلسطينية". أما لجنة تقصي الحقائق في ملف اللقاحات تم تشكيلها من أطراف خارج الحكومة، وهم "عمار الدويك رئيس الهيئة المستقلة (لحقوق الإنسان)، باسم خوري ممثلاً للصناعات الدوائية في فلسطين، نظام نجيب نقيب الأطباء السابق ومنسق المستشفيات الخاصة، وممثلاً عن منظمة الصحة العالمية، والدكتورة سلوى النجاب ممثلة عن القطاع المدني في القطاع الصحي"، وقامت اللجنة بنشر النتائج بتاريخ 06/07/2021 وبالرغم من اختيار تعبيراتها بعناية فائقة، إلا أنها لم تستطع تجاهل أن تلك الصفقة كانت مضرة بالمصالح الفلسطينية وأن توقيت إجراء هذه الصفقة لم يكن هناك احتياجا فلسطينيا لها.
وأكد الائتلاف على عدم التعامل بجدية مع نتائج اللجان المستقلة أو اللجان الحكومية ساهم في فقدان الثقة في الحكومات المتعاقبة وإجراءاتها.
واستكمل: "عوضاً عن معالجة قضايا الرأي العامة بمسؤولية، يتم اللجوء إلى التحشيد الداخلي والبدء بمعالجات وتغيرات سريعة، وتصدير خطاب المؤامرة بصورة مكثفة وغير مسوغة، فلم يعد من المقبول الاستمرار بالركون إلى خطابات المؤامرة على الشرعية والمشروع الوطني، فهذا غير كافي وسيجد النظام السياسي نفسه في نهاية المطاف معزولاً".
وأشار إلى أن الأحداث المتعاقبة تؤكد أن النظام السياسي أصبح يتضامن مع أقطابه المختلفة، ويتستر على أخطائهم وفسادهم، والذي بات مكون أساسي للمنظومة ككل بل إنه يسهم في زيادة تكتلها، لذا ما زلنا نرى عدم وجود إقالات أو استقالات في المناصب العليا، وهذا السلوك جعل من فكرة اجراء عمليات محاسبة غير ممكنة وهذا ساهم في خلق مزيد من الانقسامات الداخلية.