الرياض - خاص قدس الإخبارية: يبدو السلوك السعودي المرتبط بالتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي مغايراً في الآونة الأخيرة خصوصاً في الفترة التي تلت رحيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووصول الرئيس الحالي جو بايدن إلى سدة الحكم.
وفي أعقاب الاتفاق الإماراتي والبحريني والسوداني والمغربي، كان الحديث منصباً عن تطبيع الرياض لعلاقتها مع الاحتلال الإسرائيلي ضمن إطار الاتفاق الذي كان يحمل اسم "أبراهام" غير أن ذلك لم يحصل خلال الشهور الأخيرة الماضية.
وحاولت إدارة ترامب الضغط بشدة على الرياض لتنضم إلى قافلة الدول العربية التي وقّعت الاتفاقية من أجل تطبيع العلاقات مع "إسرائيل".
وشهدت الآونة الأخيرة خطوة تمثل ضربة من الرياض ضد أي مؤشرات تقارب مع الاحتلال الإسرائيلي، إذ عدلت السعودية قواعد الاستيراد من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي لتستبعد السلع المنتجة في المناطق الحرة أو التي تَستخدم مكوناتٍ إسرائيلية من امتيازات جمركية تفضيلية.
وبموازاة ذلك، فإن العلاقات الثنائية بين الرياض وأبوظبي أبرز الدول المطبعة والمنفتحة بشكل غير مسبوق على "إسرائيل" تشهد تبايناً واضحاً في عدد من القضايا الخلافية كان إحداها مسارعة أبوظبي بشكل مباشر نحو اتفاق "السلام" مع الاحتلال.
وفتح ظهور رئيس حركة حماس خالد مشعل على قناة العربية المملوكة سعوديا، المجال للحديث عن تقارب، أو استعادة للعلاقات بين الحركة والرياض بعد سنوات من القطيعة وملاحقة الفلسطينيين في الأراضي السعودية.
ويعتقد البعض أن هذا الظهور قد يكون ضمن وساطات تقوم بها بعض الدول خصوصاً قطر ومصر اللتان تصالحتا بعد سنوات من القطيعة، وحالة إعادة التموضع في التحالفات في المنطقة العربية على حساب المحاور التي كانت سائدة مؤخراً بين محور الاعتدال المحسوب على الرياض وأبو ظبي ومحور الممانعة والمقاومة الذي تتبناه إيران.
وتبدو الحركة التي ارتبطت بعلاقات تاريخية مع السعودية منفتحة على تحسين هذه العلاقات أو استعادتها بالحد الأدنى أملاً في حل مشكلة المعتقلين في السجون لدى الرياض والإفراج عن بعض قادتها، في إطار الانفتاح على مختلف الدول العربية.
ويعزز هذا الأمر ما يجري بين مصر وفصائل غزة المعروفة بخلفيتها الإسلامية المتمثلة في حماس والجهاد الإسلامي في أعقاب معركة سيف القدس الأخيرة، إذ يتضح وجود رغبة لدى القاهرة في تغيير السلوك السياسي مع القطاع وفصائل المقاومة.
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن ثمة متغيرات عديدة تجعل السعودية أبعد عن التطبيع في الفترة الحالية، لا سيما مواقفها الأخيرة والخلاف مع الإمارات الذي ظهر في عدة قضايا إقليمية في اليمن والموقف من سد النهضة الأثيوبي والموقف من القضية الفلسطينية.
ويوضح عوكل لـ "شبكة قدس" أن الرياض ترددت كثيراً في تطبيع علاقتها مع "إسرائيل" خلال فترة حكم ترامب، ويبدو أن الموقف سيكون مختلفاً في عهد بايدن على اعتبار تراجع الضغوطات الخارجة من البيت الأبيض حالياً مقارنة مع الفترة السابقة.
ويشير الكاتب والمحلل السياسي إلى أن الرياض قد تنفتح في العلاقة مع حماس أو توقف حالة القطيعة في ظل التحسن المتصاعد في العلاقة بين القاهرة وغزة، وعملية إعادة بناء التحالفات التي تتم في المنطقة في الفترة الأخيرة بين الدول المنتاحرة.
ويبين أن ظهور مشعل قد يبدو رسالة عن إمكانية التحسن في العلاقة أو قرب إعادتها لسابق عهدها أو بمستوى أدنى وحل الإشكاليات التي لحقت بالعلاقات المشتركة خلال فترة عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وهو ما تريده الحركة.
ووفقاً لعوكل فإن الرياض في المرحلة الحالية لا تحتاج إلى التطبيع مع الاحتلال في ضوء تراجع كل عوامل الضغط وتصاعد الخلافات مع أبوظبي بصورة واضحة، ما لم يكن هناك حراكاً في مسار العملية التفاوضية الخاص بالقضية الفلسطينية.
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أن أحد أسباب التراجع أو الهدوء الحذر في الموقف السعودي بشأن الانفتاح على الاحتلال الإسرائيلي يتمثل في تغير الإدارة الأمريكية السابقة ورحيل إدارة ترامب وحضور إدارة جديدة ذات طابع تقليدي في العلاقة مع "إسرائيل".
ويقول عرابي لـ "شبكة قدس" إن الأسباب المنطقية للموقف السعودي تتمثل في الخلاف مع الإمارات والقرار الأخير بشأن وقف استيراد السلع المستخدم بها مواد إسرائيلية لا سيما المصنعة في الإمارات بمنطقة جبل علي وهو يعكس الخلاف بين الجانبين.
ويوضح الكاتب والمحلل السياسي أن السعودية ستذهب باتجاه تهدئة العلاقة مع حركة حماس دون الدخول في محور دعم المقاومة، إلى جانب استمرار علاقتها مع السلطة بنفس الطابع الحالي باعتبارها جسماً رسمياً وتستمر في تقديم الدعم المالي لها.
ووفق عرابي فإن الأنظمة العربية تعيش حالة من الأزمة وتشهد سياساتها الخارجية تغيراً إما كل 4 سنوات أو 8 سنوات وهو مرتبط بتغير الإدارة الأمريكية وهو ما يعكس هشاشة هذه الأنظمة، إلى جانب الأداء الذي قدمته المقاومة في معركة سيف القدس الأخيرة وإثباتها أنها جسم لا يستهان به.