رام الله - خاص قدس الإخبارية: فتحت قضية الضابط الإسرائيلي الذي كان يعمل في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وظروف وفاته وما رافقها من كشف عن جانب من المعلومات التي سمح جيش الاحتلال بنشرها؛ الباب للحديث عن أسباب عدم كشف الاحتلال عن قضايا التجسس الداخلية لديه.
وسبق وأن تعرض الاحتلال لقضايا تجسس سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة لكنه كان يكتفي بنشر بعض التفاصيل ويخفي كل المعلومات المتعلقة بهذه القضايا ويفضل الاحتفاظ بها بشكلٍ سري دون حديث عن طبيعة الملفات والمعلومات المسربة.
ويتفق مراقبون للشأن الإسرائيلي أن الاحتلال الإسرائيلي نادراً ما يفصح عن تفاصيل المعلومات والقضايا المتعلقة بالتجسس الداخلي ويفرض رقابة عسكرية مشددة على وسائل الإعلام ويمنعها من نشر أية تفاصيل، عبر مقص الرقيب العسكري.
وقال الكاتب والمحلل السياسي عصمت منصور إن الاحتلال نادراً ما يفصح عن المعلومات المتعلقة بقضايا التجسس الداخلي، إذ أن غالبية المعلومات المتعلقة بالجواسيس الإسرائيليين يتم الكشف عنها من قبل وسائل إعلام غربية أو وسائل إعلام خارجية.
وأضاف منصور لـ "شبكة قدس": "إسرائيل" تتحفظ لأسباب معنوية وأخرى أمنية وبالعادة لا تكشف عن حالات بعينها أو تفاصيل المعلومات، مشيراً إلى أن الرقيب العسكري عادة ما يمنع الكشف عن المعلومات المتعلقة بالعملاء أو تفاصيل القضية بعينها.
وبحسب منصور فإن هناك الضابط "اكس" الذي انتحر قبل سنوات في أحد السجون الإسرائيلية في ظروف غامضة مشابهة لظروف الضابط الذي توفي قبل أيام، إذ بقى الضابط "اكس" محتجزاً في السجن بدون اسم أو رقم وحتى أهله لم يكونوا يعرفون أية معلومات عنه.
وأردف قائلاً: "الموساد قام بزرعه عبر تأسيس شركة تكنولوجية في أوروبا تهدف لإدخاله إلى إيران للتجسس عليها إلا أن ما حدث هو العكس إذ نجح الإيرانيون في تجنيده لصالحهم إلى أن توفي بعد اكتشافه في أحد السجون الإسرائيلية".
لكن الكاتب والمحلل السياسي اعتبر أن الحادثة الأخيرة تختلف عن واقعة الضابط "اكس"، الذي تم اكتشافه في الدقيقة 90 كما كشف الاحتلال عن بعض معلومات القضية، وكان يعمل في مجال المعلومات ضمن الاستخبارات العسكرية.
ويشير منصور إلى أن الجندي كان على وشك أن يكشف سرا هو الأخطر بالنسبة للاحتلال وفقاً للمعلومات التي تم تسريبها، أما ظروف وفاته فبقيت غامضة فيما سمح لأهله فقط بالاطلاع على لائحة الاتهام الموجهة له بعد وفاته مع عدم السماح بنشرها.
ومن بين الجواسيس الذين اكتشفهم الاحتلال، أحد الخبراء الذين كانوا يعملون في مفاعل ديمونا وقام بتسريب أسرار عن المفاعل قبل أن يتم خطفه ونقله إلى دولة الاحتلال ليعلن لاحقاً عن وفاته في ظروف غامضة مشابهة لظروف آخرين.
ولم يكن هذا الخبير هو الوحيد، إذ تم الكشف عن جاسوس روسي كان مطلعاً على الأسرار المتعلقة بالأسلحة البيولوجية وتم عزله في أحد السجون التي كانت تضم أسرى فلسطينيين، إلا أنه لم يسمح له بالاختلاط بهم وظل معزولاً.
ووفقاً للمختص في الشأن الإسرائيلي والكاتب عصمت منصور فإن الملاحظ أن هذه الحوادث تنتهي إما بظروف وفاة غير طبيعية أو يعلن عن انتحار الجاسوس فيها، فيما لا يسمح بالإفصاح عن تفاصيل القضية أو المعلومات المسربة، ويحظر على الإعلام نشر أية معلومات.
طي الكتمان
من جانبه، قال المختص في الشأن العبري د. عمر جعارة، إن هذه القضايا تبقى طي الكتمان ولا يفصح الاحتلال عنها ويحظر على وسائل الإعلام العبرية الحديث عنها أو الإشارة إليها وإن كانت المعلومات متداولة في بعض المرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشار جعارة في حديثه لـ "شبكة قدس"، إلى أن رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي قال عن الواقعة الأخيرة: "لقد ارتكب هذا الضابط مخالفة أمنية كبيرة وأمرت بتشكيل لجنة تحقيق في كيفية موته أو انتحاره وهو محتجز في موقع أمني حصين وتم دفنه بالطريقة المدنية وليس العسكرية".
وأوضح أن هناك اختلافا بين ظروف الأسير "اكس" وبين الضابط الحالي الذي كان يعمل في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، مبيناً أن إحدى المذيعات خرجت لتتحدث عن قضية الضابط وتحدثت عن معرفتها عن هويته لكنه يحظر عليها الحديث بسبب الرقيب العسكري، بعكس ظروف الجندي أو الجاسوس "اكس".
وأكد جعارة أن وسائل الإعلام لدى الاحتلال لا تستطيع تجاوز الرقابة العسكرية وتتلقى توجيهاتها منه وهو ما يمنع نشر هكذا معلومات.
وبحسب المختص في الشأن الإسرائيلي فإن قضايا سابقة مرتبطة بالتجسس تم الحديث عنها كوصول حركة حماس والمقاومة إلى هواتف بعض الجنود والضباط الذكية والحصول على بعض المعلومات لكن لم يتم الإفصاح عن طبيعة هذه البيانات.
ومن بين الملفات المتعلقة بالتجسس وفقاً لجعارة فقد سبق وأن تم اعتقال جنود إسرائيليين من قبل جيش الاحتلال بتهمة تقديم معلومات لحزب الله قبل سنوات ولم يتم الإفصاح عن المعلومات أو طبيعة العمل الذي جرى مع التنظيم اللبناني.