بعد انقضاء أسبوعين وزيادة على وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، يؤيد جيش الاحتلال تشديد المواقف مع المقاومة، ويرى أن تصعيدًا آخر أكثر قبولًا من التهدئة، ويحاول بناء آلية إنهاء مختلفة عن العدوانات السابقة، ولذلك تأتي صعوبة التوصل إلى اتفاقات، وإحراز تقدم في المفاوضات مع المقاومة من أجل وقف إطلاق نار مستقر.
عمليًّا حتى هذه اللحظة، إن الاتفاق الوحيد هو ما تُوصل إليه في نهاية العدوان، ما يعني وقف إطلاق النار، ليس أكثر، وفي هذا الواقع تعتقد المؤسسة العسكرية أن المزيد من التصعيد في غزة سيناريو أكثر معقولية من التهدئة، والاتفاق على صفقة تبادل الأسرى.
تتحدث التقديرات أن الاحتلال سيغير ثلاثة مبادئ تتعلق بغزة، أولها أنه لا إعادة إعمار لغزة أو فتح لمعابرها إلا بعد إعادة جنوده، وثانيها أن أموال المساعدات لإعادة إعمارها -ومنها المنحة القطرية- ستمر عبر السلطة الفلسطينية، وليس مباشرة للحكومة في غزة، بإشراف رقابة دولية، وثالثها تغيير جوهري بمعادلة الرد على استمرار إطلاق الصواريخ من غزة، وتحميل المقاومة كلفة أعلى لكل إطلاق صاروخ.
لقد توقع الاحتلال من نتائج الحرب الأخيرة تعميق ردع جيشه بمرور الوقت، لكنه افتراض يحمل نقطة ضعف رئيسة تتمثل في أن المقاومة لديها خطط أخرى خاصة بها، وهي مصممة بكل الطرق على تقديم انتصار على (إسرائيل) في الصراع الأخير، هذه مشكلة العمليات الإسرائيلية التي تهدف لردع عدو يختلف تفكيره ونظامه.
عند الحديث عن فرص إنجاز صفقة تبادل أسرى مع حماس؛ تدفقت تفاصيل باردة، بأنه لا يوجد تقدم كبير، فالفجوات ما زالت ضخمة، وفرص التقدم لا تزال منخفضة جدًّا، ومن يتوقعون نتائج سريعة فقد يصابون بخيبة أمل، لأنه عندما يكونون في طريقهم للتوصل إلى اتفاق وتسوية؛ ليس مستبعدًا أن تتطور جولات أخرى من التصعيد بغزة في المستقبل القريب، وهذا الخيار الأكثر منطقية.
صحيح أن جيش الاحتلال استخدم في العدوان الأخير كثافة نارية هائلة، وزعم أنه ألحق أضرارًا بقدرات المقاومة، التي فندتها، وأكدت أن نسبة الأضرار ليست كبيرة، ولكن في النهاية ما زالت العملية محدودة في نطاقها، ويجب توخي الحذر، وسط مخاوف أن يؤدي الوضع القائم إلى جولات أخرى من التصعيد، أو قرار الدخول في حملة أوسع من السابقة، ولن يكون اختبار الحكومة المقبلة ردًّا على بالون واحد من النيران.
مع العلم أنه وجه جزء من الانتقاد للطريقة التي نفذ بها جيش الاحتلال خطة الاحتيال خطوة أولية للهجوم الأول لسلاح الجو على الأنفاق الدفاعية للمقاومة في شمال قطاع غزة، ما أعطى مقاتليها فرصة أفضل، بعدم دخولهم تلك الأنفاق، ما أفشل خطة جيش الاحتلال.