شبكة قدس الإخبارية

هنا غزة... فهل تسمع ؟

وداد البرغوثي

هنا غزة

دعوت الشعر ما لبى ولم أقلِ

ولا الشعراء قد كتبوا كما يرجى

و كم حاولت لكني

يراوغني الكلام تفرُ مني آخر الجمل

فهذا الحزن هذا العز أكبر من قصائدنا

وأكبر من رثاء الأرض في إطلالة الشعراء

أوسع من مدى الإدراك

أعمق من مراثينا

وأفجع من هطول الدمع

أكثر حرقة من نار بركان

وأطول من مسافات تلاحق شاطئ الأمل

فمعذرة إذا خرس اللسان وجف دمع العين والمقل

ومعذرة لما قيلَ

ومعذرة لشعر بعد لم يُقلِ

فغزة من سيرويها

خزاعة من سيرسمها.

ومن يرقى من الشعراء

لو في الحلم أن يصف الشجاعية

وأن يحكي مآسيها

نظرت لأصدق اللوحات

وطافت أمهات الشعر ذاكرتي

فماذا يا ترى وجدت

فما اعتبروه إبداعا

وما خطّوه في عجل

يساوي لحظة حبلى بدمع غير منهطل

خبت في عين نائحة

تهدهد حرقة الثكل

فهل من مبدع يقوى ليكشف عن معانيها

فلا درويش قاربها

ولا إيلوار لامسها

ولا نيرودا يشبهها ولا بايرون يكفيها

ولا ألوان بيكاسو ولا لوحات شموط تعالج بعض ما فيها

فكم أعوام إبداع ستشغلها ثوانيها

فغزة صارت القاموس للغة التي ضلت

سبيل القول والمعنى

وغزة ريشة الفنان كي تبقى ولا تفنى

على الرسام أن يستل

ألوان الخلود الدائم الأبدي من رملات شاطيها.

ويغمسها بنار الماء يغسل عند خف البحر ماضيها.

يعمدها يطهرها ويشفيها

ويكسر خبرة الماضي يشظيها

هنا تجب البداية من سيكتبها سيرسمها يغنيها

هنا سيكون أولها

هنا سيخط تاليها.

هنا ارتبكت قواميس اللغات وضجت الأسفار لا تدري مقاصدها مراميها

فغزة مبتدا الكلمات منبعها سواقيها.

هنا غزة

فمن يصف

هنا تمضي هنا تمشي

هنا تعدو هنا تقف

هنا تروى الحكايات التي لم يروها راو

هنا الأعمار تنقصف

هنا كانت بيوت الناس للقناص فوق الناس والأطفال ترتجف

وتسقط دون إنذار فيبكي النخل والسعف

فلا أرض ولا حضن ولا ثوب به الأشلاء تلتحف.

هنا رأس هنا كف هنا ساق هنا كتف

هنا كانوا هنا لعبوا هنا وقفوا

هنا ساروا هنا ركضوا هنا زحفوا

هنا انتفضوا هنا ماتوا هنا جرحوا هنا نزفوا

هنا كرة على الشطآن كانت قبل تنقذف

تفتش عن بقايا الطفل قبل القصف هدهدها

فماذا يا ترى وجدت؟وماذا سوف تكتشف؟

زعامة مافيات الكون يرأسها زعيم جد منحرف

فلم تسأل

أبنيامين؟

بان كيمون؟

أوباما؟

فلا فرق

تشابه فعلها دوما ولو بالاسم تختلف.

فماذا تنفع الأسماء والألقاب

ما دام المسمى من دم الأطفال يغترف

وما دامت زعامات لفن الموت تحترف

فلا أمن ولا خلق ولا شرف

فمن يحكي ومن يصف؟

فهل شعر وهل رسم وهل عزف؟

وهل قصص وهل كتبٌ وهل صحف؟

هنا غزة

فمن يصف؟

 

هنا غزة

فهل تسمع؟

جواب الطفل من صاروخكم أسرع

وقلب الأم من آفاقكم أوسع

ووهن الشيخ من حاخامكم أشجع

وفعلكمو كما الفاشست بل أفظع

زمان الضعف قد ولى

وهذا ردنا الأروع

فكل صغيرة قتلت ستولد بعدها أربع

وكل شجيرة قطعت سيصبح جذعها مدفع

وأما نحن موجودون كي نبني وكي نزرع

ومن نفق إلى نفق بعز منامكم نطلع

ونصنع من رمال البحر نيران المدى المشرع

وحتما أيها النازي أرجلكم هنا تقطع

وإلا فاحمل الأوزار واذهب حيث لا ترجع

هنا غزة

فهل تسمع؟