فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: بعد المواجهات الأعنف في المسجد الأقصى والقدس المحتلة، منذ سنوات، أعادت المقاومة الفلسطينية تأكيدها على التهديد الذي وجهته إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، بالتوقف عن جرائمها في المدينة، وإلا ستتلقى "رداً قاسياً".
يوم أمس، قال الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، في تغريدة على "تويتر"، إن رئيس أركان الكتائب، محمد الضيف، "لن يخلف وعده" الذي قطعه في تصريح مقتضب، قبل أيام، بالرد على جرائم الاحتلال.
في ظل الترقب والدعوات لأوسع حشد في المسجد الأقصى، لمواجهة دعوات المستوطنين لاقتحام المسجد، يوم غد الإثنين، تؤكد مصادر إعلامية إسرائيلية مختلفة، أن حكومة وجيش الاحتلال أخذا تهديدات المقاومة على محمل الجد، ودعا محللون وقادة سابقون في الأجهزة الأمنية لتهدئة الأوضاع منعاً لتفجرها في القدس والضفة.
ويتفق الخبير في الشؤون العسكرية، واصف عريقات، أن الاحتلال أخذ تهديدات المقاومة على محمل الجد، وأوضح: "إسرائيل" أخذت إجراءات على الأرض من خلال تعزيز قواتها ونصب القبة الحديدية، خشية من عمليات للمقاومة.
وأضاف: ربما يكون هناك عنصر ردع جديد تخشاه "إسرائيل"، والمقاومة تحاول تكريس معادلة جديدة وهي: "غزة - القدس".
وكانت وسائل إعلام عبرية، كشفت أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ضغط على عضو الكنيست "بن غبير"، كي يخرج من حي الشيخ جراح، وقال له: "إذا لم تترك الشيخ جراح، صواريخهم ستضرب القدس قريباً".
واعتبر عريقات أن هذه التصريحات من نتنياهو، تكشف عن "صلابة الموقف الفلسطيني والاستعداد للتضحية دفاعاً عن القدس وأهلنا في الشيخ جريح، ونتنياهو أدرك أن هذه الجدية لا يمكن كسرها بتعزيز كتيبتين من الشرطة وحرس الحدود، والاعتقالات والجرائم التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني".
وتعليقاً على التساؤلات حول هل تأخرت المقاومة في الرد؟ قال: ما زلنا في مرحلة الاستعدادات والتحضيرات للمواجهة، وإذا استمرت "إسرائيل" إجراءاتها القمعية والإجرامية فسيواصل الفلسطينيون من تضحياتهم وتصديهم.
تهديدات المقاومة يبدو أنها بدأت تثمر ووصل صداها إلى الاجتماعات المغلقة لجيش الاحتلال، فقد كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم، أن "الجيش أوصى باحتواء الأوضاع في القدس"، منعاً لتدهور الأوضاع في الضفة وغزة.
كما قالت الصحيفة إن المستشار القضائي لحكومة الاحتلال، أفيخاي مندلبيت، طلب من المحكمة العليا تأجيل جلسة النظر في قضية المنازل الفلسطينية في حي الشيخ جراح، إلى موعد آخر.
ويرى أستاذ العلوم السياسية، كمال علاونة، أن الجديد في تهديدات المقاومة أن القائد العام لكتائب القسام، محمد الضيف، وجه تهديداً بنفسه وباسمه للاحتلال، وأوضح: دخول المقاومة على الخط بشكل مباشر وبتهديد علني، يدلل أن المقاومة لديها أسلحة جديدة وهي قادرة على ردع الكيان الصهيوني، وليس فقط عبر إطلاق صواريخ على "تل أبيب" وحيفا، بل يبدو أن لديها خططاً جديدة قادرة على لجم الاحتلال عن طرد الفلسطينيين من القدس.
وتابع: التهديدات تأتي في ظل تعثر نتنياهو عن تشكيل حكومة جديدة، وتكليف لابيد بتشكيل الحكومة.
وحول صدى تهديدات المقاومة على الإعلام في دولة الاحتلال، قال: لدى الإعلام الصهيوني قلق وأرق، وحسابات جديدة على الخط، ويمكن أن تردع هذه التهديدات الاحتلال عن طرد المقدسيين، وممكن أن تؤتي ثمارها قبل إطلاق الصواريخ، وعندما يطلق الضيف والمقاومة الوعود بإطلاق الصواريخ، فإنه يلتزم بوعده، وعندما يتحدث الضيف فإن المقاومة قد تكون العملية إطلاق صواريخ، او عن طريق خلايا نائمة، لذلك فإن المقاومة شاملة قد تكون على عدة صور وأشكال.
وأكد علاونة أن "التصعيد قادم والمقاومة الفلسطينية جاهزة في الرد، والاحتلال لديه مشكلة بتشكيل الحكومة، وتصدر مشاكله الداخلية إلى غزة أو لبنان أو الضفة أو القدس أو سوريا".
وأضاف: لا بد من تصعيد مقابل تصعيد، إلا إذا حدث تطور جديد وحصلت ضغوطات أوروبية وأمريكية على الكيان الصهيوني، والاحتلال صعد من جرائمه في القدس والمسجد الأقصى، والمقاومة جاهزة للرد، بالإضافة إلى إلى الحشد الجماهيري في الأقصى، وسمعنا قسم حماية المسجد الأقصى من حناجر المصلين، يوم أمس.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تتدخل المقاومة الفلسطينية، بشكل مباشر، في الأحداث والمواجهات بالضفة وغزة، في بداية شهر رمضان المبارك أطلقت المقاومة رشقات من الصواريخ تجاه مستوطنات "غلاف غزة"، بعد اعتداء الاحتلال بوحشية على المشاركين في هبة باب العامود.
واعتبر محللون أن المقاومة تعمل على خط مسار جديد في معادلة الاشتباك مع الاحتلال، ورسم مسار جديد للخروج من الواقع الذي فرضته سنوات الحصار والانقسام الفلسطيني.
ويرى علاونة أن "المقاومة لديها حسابات تكتيكة واستراتيجية، وظروف معينة، وتدافع عن فلسطين بأكملها وليس فقط عن قطاع غزة".
ورداً على الرأي القائل أن المقاومة تحولت لتحقيق بعض المطالب المعيشية، قال: المقاومة الفلسطينية لديها من يخطط ويعد وهي أدرى بظروفها، وتتعاطى مع الحدث حسب الظروف المحيطة، وهي تدافع عن نفسها وعن القدس والأقصى والضفة، وقضية توازن الرعب يشغل جميع الفلسطينيين في الداخل والخارج، وبشكل موضوعي هذا هو الواقع، أن المقاومة تقول وتفعل، وأثبت أن اجتياح قطاع غزة أصبح من المستحيلات، ورأينا كيف يهرب الجنود من الدبابات والتجنيد الإجباري.
وكان المراسل العسكري لصحيفة "معاريف"، تال ليف رام، قال عقب تهديدات الضيف إن "خروجه من دائرة الصمت اليوم، دليل على تصميم المقاومة على إشعال المنطقة".
في شهر آذار/مارس 2019، بينما كان الأسرى في سجون الاحتلال يتعرضون لهجمة شرسة، أطلق من قطاع غزة صاروخ أصاب منزلاً شمال "تل أبيب" وألحق به أضراراً بالغة، المصادر العبرية حينها أكدت أن المقاومة تقف خلف إطلاقه، وإن لم تعلن بشكل رسمي، وأن الهدف كان إيصال رسالة للاحتلال بوقف الاعتداءات على الأسرى.
ويعتبر محللون وباحثون أن الأجيال الجديدة من الفلسطينيين في القدس والضفة، الذين لم يدركوا الانتفاضة الثانية، تأثروا بشكل كبير بأداء المقاومة خلال حروبها مع الاحتلال، وكان لحرب 2014 تأثير كبير على هبة القدس التي تميزت بعملياتها الفردية، وشهدت "شجاعة كبيرة" في مواجهة جنود الاحتلال، بعد المشاهد التي عرضت أمام العالم لعناصر المقاومة وهم يقتحمون المواقع الإسرائيلية ويواجهون الجنود من نقطة صفر.
ويشيرون إلى أن أحد الأسباب المباشرة التي أدت لاندلاع عدوان 2014، كان الرد الذي نفذته المقاومة الفلسطينية على إحراق الطفل الشهيد محمد أبو خضير والاعتداءات في الضفة والقدس حينها.