خاص قُدس الإخبارية: كشفت مصادر مطلعة، اليوم الثلاثاء، لـ"شبكة قدس"، أن مسؤولين كبار في السلطة الفلسطينية أبلغوا شفوياً دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي، خلال لقاء جمعهم الأسبوع الجاري عن نية السلطة تأجيل الانتخابات التشريعية.
وقالت المصادر، إن السلطة الفلسطينية لم تتقدم بالأساس للاتحاد الأوروبي بأي طلب حول إجراء الانتخابات في القدس أو السعي لإيجاد بدائل وترتيبات فنية لإتمام عملية الانتخاب بالقدس، كما لم تطلع السلطة الأطراف الدولية على أي رسالة إسرائيلية بخصوص عدم إجراء الانتخابات في القدس.
وحصلت "شبكة قدس" على نسخة من الرسالة التي أرسلها حسين الشيخ لمنسق أعمال حكومة الاحتلال حول إجراء الانتخابات، والتي حملت مجرد إبلاغ بنية السلطة إجراء الانتخابات التشريعية في القدس حسب بروتوكول اتفاق أوسلو، ولم يطلب الشيخ إرسال أي رد إسرائيلي على هذا الأمر، كما لم يتم التواصل مع جهات إسرائيلية أخرى غير المنسق لطلب إجراء الانتخابات بالقدس، وهو ما يفتح السؤال عن حقيقة جهود السلطة لإجراء الانتخابات في القدس.
وبحسب المصادر، فإن "إسرائيل" لم تبلغ السلطة ولا الاتحاد الأوروبي نيتها عدم إجراء الانتخابات بالقدس، وعلى العكس من ذلك نقلت رسائل من خلال دبلوماسيين أوروبيين أنها لن تقف عائقا أمامها في أكثر من لقاء، كان آخرها لقاء نظم صباح اليوم الثلاثاء، جمع ممثلا عن وزارة خارجية الاحتلال مع 13 سفيراً أوروبياً، والذي تم التأكيد خلاله على عدم وجود رد إسرائيلي بمنع الانتخابات أو عرقلتها وأن قرار الانتخابات متروك بالكامل للرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وعلى الرغم من تصاعد الحديث والتقارير عن قرار السلطة بتأجيل الانتخابات؛ إلا أن الاتحاد الأوروبي لم يوقف مساعيه الخاصة بالعملية الانتخابية، بما في ذلك الشق المتعلق بالقدس.
وكانت "شبكة قدس" قد أشارت في تقرير لها بتاريخ 17 أبريل الجاري، أن بعض الأطراف في السلطة ومنظمة التحرير قامت بالتلميح لممثل الاتحاد الأوروبي سفين كون فون بورغسدورف بإمكانية تأجيل الانتخابات إن لم تُجرَ في القدس وذلك بالتزامن مع ضخ إعلامي في هذا الاتجاه.
الأسباب الحقيقية لتأجيل الانتخابات؟
وفي السياق كشفت مصادر قيادية في حركة فتح لـ"شبكة قدس"، أن قرار تأجيل الانتخابات تمت مناقشته بشكل حثيث في مطلع الشهر الجاري بعد قرار الأسير مروان البرغوثي خوض الانتخابات التشريعية من خلال ممثلين عنه، وتم في وقت لاحق مناقشة خيار إصدار مرسومين في نهاية شهر أبريل؛ الأول لتأجيل الانتخابات، والثاني لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وأوضحت المصادر، أن الخوف من خسارة الانتخابات وفوز حركة حماس بسبب تشتت قوائم حركة فتح، وخسارة قائمة فتح أمام قوائم البرغوثي ودحلان؛ هو السبب الرئيسي الذي جعل جميع أعضاء المركزية - باستثناء اللواء جبريل الرجوب - يضغطون على الرئيس عباس لإلغاء الانتخابات والإعلان عن تأجيلها، وهو ما وافق عليه الرئيس.
وبحسب المصادر، فقد اقترح رئيس الوزراء محمد اشتية على الرئيس عباس، إجراء تعديل حكومي بعد إصدار مرسوم التأجيل يشمل خمس وزارات من بينها الصحة والسياحة والخارجية، لكن الرئيس رفض هذا المقترح وأصر على أنه في حال تأجلت الانتخابات فسيتم تغيير شامل للحكومة.
وأشارت المصادر، إلى أن مركزية فتح أقنعت الرئيس عباس بضرورة تأجيل الانتخابات عبر التأكيد له على خطورة حصول قائمتي القدوة ودحلان مجتمعتين على عدد مقاعد أعلى من مقاعد حركة فتح، وهو ما سيضعف موقف تيار عباس أمام الفصائل الفلسطينية الأخرى وعربياً ودولياً، وسيؤدي ذلك إلى انشقاقات وخلافات أكبر داخل حركة فتح، قد تصل إلى المطالبة بتغيير أعضاء المركزية، وتغيير الخريطة القيادية الحالية.
وبحسب المصادر، فإن مركزية فتح نقلت للرئيس عباس مخاوفها من دخول دحلان للنظام السياسي الفلسطيني من بوابة التشريعي، لأن هذا يعزز فرصه كبديل له، حيث إن الرئيس عباس يرى في الأخير تهديداً وجودياً على منصبه، كما وحُذر الرئيس من ترشح البرغوثي من خلال قائمته والقدوة للانتخابات الرئاسية واحتمالية فوزه.
خطة السلطة للتعامل مع تأجيل الانتخابات
وقالت المصادر، إن فور الانتهاء من الاجتماع الأخير الذي عقد يوم الأحد الماضي، كان القرار قد اتخذ بشأن التأجيل، وصدرت مباشرة تعليمات لوسائل الإعلام الرسمي بتهيئة الرأي العام لتمرير قرار التأجيل من خلال تكثيف النشر من مدينة القدس وتصويرها على أنها تعيش حالة طوارئ، وأيضا من خلال النقل المستمر لتصريحات قيادة السلطة بأن "الانتخابات بدون القدس" أمر مستحيل.
واشتملت الخطة كذلك على تسريب معلومات مغلوطة عبر وسائل الإعلام غير التابعة لفتح بأن هناك موافقة من الفصائل على قرار التأجيل مقابل حصص وزارية في الحكومة القادمة، وأن قرار التأجيل جاء بإيحاءات إيجابية من طرف الفصائل، ولتسويق هذه الرواية يتم أيضا استخدام متحدثين من فصائل غير حركة فتح لتمريرها للصحفيين على أنها معلومات خاصة.
وبيّنت المصادر، أنه تم الاتفاق خلال الفترة القادمة على تمرير معلومات بأن السلطة ستتخذ قرارات كبيرة بسبب عدم سماح الاحتلال الإسرائيلي إجراء الانتخابات في القدس، من بينها الإيعاز لبعض فصائل المنظمة بتفعيل خطاب الالتزام بقرارات المجلسين الوطني والمركزي بوقف التنسيق والاتفاقيات مع الاحتلال، وأيضا اتهام كل من يطالب بإجراء الانتخابات بالتواطؤ مع صفقة القرن، وتمرير معلومات بأن هناك مفاوضات مع حماس على حصتها في الحكومة القادمة.
وبحسب المصادر، فإن المسألة الأكثر حساسية بالنسبة للرئيس عباس وقيادة السلطة؛ كانت إمكانية التظاهر في الشوارع والساحات الرئيسية بعد قرار التأجيل، لكن توصيات الأجهزة الأمنية كانت بأن الأمور لن تخرج عن السيطرة وبأن الفصائل والقوائم لن تلجأ لخطوات كهذه.