بعد هبة باب الأسباط عام 2017 أدرك المحتل بالتجربة مدى خطورة التجمهر الشعبي وما يمكن أن يفرضه عليه من تراجع. هذا قاده إلى التفكير في إعادة هندسة الحيز المفتوح للتجمع في محيط البلدة القديمة، فوضع تحت مجهره بابي العامود والأسباط، وبدأ بمجموعة مهمة من التغييرات التدريجية فيهما بما يقوض تدريجياً –بنظره- إمكانات التجمع المقدسي الواسع فيهما.
بدأ التنفيذ بباب العامود لاعتبارات السهولة والأهمية، فأسس الاحتلال ما بين شهر 2 وحتى 6-2018 أربع غرف مراقبة أمنية تضاف لها نقطة سابقة فوق باب العامود من الأعلى وداخل الباب نفسه، فبات في باب العامود وساحته 6 نقاط أمنية ثابتة، غير مراكز الشرطة القريبة منها إلى الشمال والشرق.
يريد المحتل من ذلك تحويل باب العامود إلى نقطة أمنية محصنة، ونقل التجمهر فيها من المقدسيين إلى المستوطنين باعتبارها النقطة الأفضل لتجمهرهم، وهذا ما يفعله المستوطنون بالفعل في عدة مناسبات، وبالذات في ذكرى "يوم القدس" العبري التي ستحل بعد ثلاثة أسابيع، في 28 رمضان تحديداً، إذ باتوا يعتبرون ساحة البراق وساحة باب العامود نقاط تجمعهم الرئيسة.
المعركة على باب العامود هي معركة مهمة على الحيز العام، وعلى الهوية في قلب المدينة، ومحاولة إدانتها أو الانسحاب منها بسبب عدم الرضا عن ممارساتٍ محددة تتم فيها خلال سمر الشبان في رمضان يعني أنك ترى في تركها للقضم التدريجي وللمستوطنين أفضل من وجود شبان مجتمعك فيها!
هذه نزعة انتحارية ترى في الإصلاح الداخلي أولوية مقدمة على مواجهة العدو الخارجي، وهي النزعة التي تمارسها ومارستها تيارات عديدة أدت بها إلى الوقوف خارج المعركة لفتراتٍ أو بشكل دائم...
رحم الله الشيخ القسام الذي أدرك أنما يراه المجتمع بلطجة وزعرنة تصبح فضيلة وبطولة إذا ما وُجهت لصدر المحتل؛ وأن خوض صاحبها للمواجهة هو أفضل طريقٍ إلى تزكية القلب وتهذيب الروح وصياغة بعض أصلب المجاهدين.