لا يستغربنَّ أحدكم العنوان، وهل يتحدث المحمول على الأكتاف للمرة الأخيرة؟
اليوم في تشييعه من دار الدنيا إلى نعيم الله -إن شاء الله- وأمام تقدم الحشود وجموع المشيعين الهادر، بيانه الأخير، حديث السياسة والثورة والتحدي والإصرار وأمانة العهد.
اليوم قال أبو عاصف في كل الفئات العمرية للمحبين الذين بايعوه للسير على طريقه وفاء لعرق السنين وتعب السجون وظلم الظالمين، قال للكبار والصغار والفتية والنساء والإخوان، إن سنوات الملاحقة والمطاردة والمنع ومحاولات الاجتثاث وجز العشب والخنق وتغييب الحريات والحظر، إنكم وفكرتكم ورسالتكم تستعصي على التذويب والترهيب والتغييب بقسوة القوة وقوة القسوة، إنكم أقوى من كل المؤامرات والمكر والمكائد، وإن الأشجار الباسقة خبأت لمثل هذا اليوم البذور، ففي كل زهرة وثمرة برعم يثور.
قالها أبو عاصف لمن حضر وشارك، لمن غاب منعه العذر، لمن راقب يعض أصابعه، نحن الصخرة التي تتكسر عليها كل ما يمكرون، نحن الشمس التي تشرق على العالمين، نحن الحق الذي يزهق باطلكم فيدمغه، فإذا هو زاهق ولكم الويل لما تصفون.
نحن مِلح الأرض، نحن روح الحياة وعذب الينابيع تروي العطاشى، نحن عبق الربيع، ونحن طيور الحقل ونسور العاليات من الهمم.
لن نموت ما دامت أم عاصف تربت بكفيها على رأس حفيدها، ما دامت زغرودة أم عناد تشق الآفاق، ما دام صوت فرحة يلعلع كالبارود على بوابات السجون، ما دامت عزيمة والدي هي ذات العزيمة الأولى يتحدى الضباط في التحقيق، يقول: لو قتلتم أبا عاصف سأبيع دونم زيتون في كوبر وأتزوج أربع نساء ينجبن أبطالًا أكثر مما تستوردون من الغرباء إلى وطني.