في 11 نيسان/ أبريل 2015 بعد انتخابات الكنيست التي نجحت فيها القائمة المشتركة للأحزاب العربية في الداخل بتحصيل المكانة الثالثة، بين مختلف الأحزاب في الكنيست، حذرنا من خطر أن يطغى التعويل على "العمل البرلماني" على كافة حسابات الأحزاب العربية المشاركة في الانتخابات، وأن يحرف بوصلة العمل السياسي في الداخل لصالح خيار الكنيست، ويعلو حتى على المرجعية الجامعة التي تشكلها لجنة المتابعة العليا للعرب في الداخل.
اليوم وبعد نتائج الانتخابات الأخيرة، وتراجع التمثيل العربي للأحزاب العربية من 15 نائبًا إلى 10 نواب، بفعل الانقسام وانشقاق القائمة من جهة، وظهور بوادر ونذر استياء وعدم رضا جماهيري عن أداء القائمة نفسها، فإنه لا يمكن تجاهل حقيقة أن العرب في الداخل، الذين يشكلون 17 في المائة من مجمل أصحاب حق الاقتراع، قد نزعوا، عبر امتناعهم عن التصويت والمقاطعة للانتخابات، الشرعية عن هذه الأحزاب بشكل جعل "شرعية الخيار المؤيد للمشاركة"، تتراجع من تأييد أكثر من 55 في المائة من الفلسطينيين في الداخل إلى أقل من 40 في المائة إذا احتسبنا فقط، كمصدر للشرعية الوطنية، الأصوات التي ذهبت للقائمتين العربيتين.
هذه النتائج والنسب، وتراجع التصويت بشكل واضح، بقرار مسبق وواضح هذه المرة من الناخبين الفلسطينيين، يلزم الأحزاب العربية الممثلة في الكنيست بأن تنزل من برجها العاجي، وتتراجع عن خطابها بأنها تمثل أغلبية الشعب العربي في الداخل، لترى الحجم والوزن الحقيقي، كما عكسته هذه النتائج في صناديق الاقتراع، ودلالاتها على توجهات الداخل الفلسطيني، الذي ينحو إلى العزوف عن هذه التصويت في المستقبل أيضًا.
وتفرض هذه النتائج على "الطبقة السياسية" في الداخل الفلسطيني، والتي تشمل التيارات التي تعارض مبدئيًا المشاركة في الانتخابات، التحرك لإطلاق حوار جدي وحقيقي شامل لكل التيارات الوطنية في الداخل الفلسطيني، لتصحيح بوصلة الأحزاب العربية البرلمانية والاتفاق على بلورة مشروع فلسطيني جامع في الداخل الفلسطيني، وبناء لجنة المتابعة العليا كمرجعية عليا للفلسطينيين في الداخل. مثل هذه المحاسبة للأحزاب البرلمانية، لتجربتها في ظل وتحت سقف قانون القومية العنصري، باتت حاجة ملحّة، خصوصًا مع منح الشرعية الكاملة، برلمانيًا، لحزب "الصهيونية الدينية"، الذي يجاهر ببرنامجه الفاشي، الداعي ليس فقط لترحيل العرب وإنما أيضا إبادتهم.
المصدر: العربي الجديد