رام الله - خاص قدس الإخبارية: ترجل جبل فلسطين عمر البرغوثي "أبو عاصف" رجل العزائم وسليل عائلة مقاومة، اليوم الخميس، 25 مارس 2021، تاركاً وراءه سيرة وعمل وطني على مدار عقود طويلة.
ينحدر البرغوثي من قرية كوبر قرب رام الله، اعتقل في سجون الاحتلال أكثر من مرة، وأمضى ما مجموعه 26 عامًا، اعتقل للمرة الأولى عام 1978 ثم خرج بعدها في صفقة التبادل الشهيرة عام 1985، وأعيد اعتقاله مرات عدة.
ففي المرة الأولى، كان أبو عاصف من ضمن ثلاثة شبان اعتقلهم الاحتلال من قرية كوبر شمالي رام الله في مطلع عام 1978م: عمر البرغوثي (أبو عاصف) وشقيقه نائل، وابن عمهما فخري؛ حيث قاموا ثلاثتهما بقتل أحد المستوطنين، وسرعان ما ألقي القبض عليهم -كان أولهم (وأصغرهم عمرًاً): نائل البرغوثي ولهذا هو اليوم أقدم الأسرى وعميدهم، وحكم عليهم بالسجن المؤبد، كان الثلاثة من مؤيدي حركة فتح ومناصريها، ومن المتأثرين بالمقاومة المسلحة التي كانت تقودها حركة فتح في تلك الأيام، وبعد ذلك انتقل أبو عاصف ونائل لصفوف حماس للعمل معها وأصبحوا من أبرز قادتها، وأعلنوا رفضهم الصريح لاتفاق أوسلو ومسار التسوية والمفاوضات مع الاحتلال.
سمى، البرغوثي ابنه الأكبر عاصف تيمناً بالعاصفة الجناح المسلح لحركة فتح في حينه، وكان ثلاثتهم من المؤمنين بالعمل المقاوم المسلح.
أطلق سراحه في صفقة التبادل مع الجبهة الشعبية القيادة العامة عام 1985م، وتوالت خلفها سنوات العمل الوطني والاعتقال المتكرر في سجون الاحتلال، فيما ورث أبناؤه منه العمل الوطني وحب المقاومة ومواجهة الاحتلال.
وبعد سنوات الأسر لم يوقف البرغوثي مقاومته إذ اتجه للعمل مع مهندس القسام يحيى عياش ووفر له المأوى والمساعدة، وعندما سجن عام 2003م كانت تهمته مساعدة خلية عين يبرود التابعة لكتائب القسام وتزويدها بالسلاح، كما عمل مع المقاومة بدون أي انحياز لتنظيم دون آخر، فقد حرص على أن يكون وحدوياً يعمل مع الكل.
سار أبناؤه على ذات النهج، فقد كان أول عمل قام به ابنه الثاني عاصم بعد خروجه من سجون الاحتلال قبل أعوام هو محاولة أسر أحد المستوطنين واعتقل على إثرها مدة 12 عاماً، وبعد إطلاق سراحه بأشهر نفذ عملية فدائية جديدة برام الله قتل فيها 4 مستوطنين.
وفي 2018 استشهد نجله صالح البرغوثي، فيما أسر نجله عاصم الذي حُكم بالسّجن المؤبد أربع مرات، بتهمة تنفيذ عمليتي إطلاق نار في شرق رام الله عام 2018.
وخلال العام 2018 اعتقل الاحتلال جميع أفراد عائلة البرغوثي في الفترة نفسها، من بينهم زوجته أم عاصف البرغوثي، وتعرضت العائلة لتحقيق وظروف اعتقال قاسية في الزنازين، وهدم الاحتلال منزلي ابنيه الشهيد صالح والأسير عاصم في العام 2019.
أفرج عن البرغوثي مطلع العام الجاري، بعد قضاء عدة أشهر في سجون الاحتلال اعتقالاً إدارياً، قبل أن تستدعيه مخابرات الاحتلال نهاية كانون ثاني/ الماضي وتحذره من المشاركة في الانتخابات المقبلة ليخرج معلناً رفضه لكل محاولات التهديد الإسرائيلية.
قضى البرغوثي اليوم إلى جوار ربه بعد قرابة شهر من الإصابة بفيروس كورونا ملتحقاً بنجله الشهيد صالح البرغوثي.
بدورها، نعت حركة حماس القائد الشيخ عمر البرغوثي "أبو عاصف"، والذي وافته المنية ظهر اليوم الخميس في مدينة رام الله، بعد حياة حافلة بالجهاد والتضحية والعطاء، ومقارعة الاحتلال.
وقالت الحركة في بيانها: "لقد فقدت فلسطين اليوم وأمتنا جمعاء رجلًا عز نظيره قدم كل ما يملك في طريق الجهاد والمقاومة، فقد أمضى 30 عامًا في سجون الاحتلال صابرًا محتسبًا، كما صبر على استشهاد نجله الشهيد القسامي صالح، واعتقال نجله الأسير القسامي عاصم، فهو سليل عائلة عريقة لها باع طويل في مقاومة الاحتلال ومواجهته، فشقيقه الأسير نائل البرغوثي أقدم أسير في العالم".
وأضافت: "الضفة اليوم تودع جبلها الأشم وشيخها الجليل الذي كان صوتًا للحق، فالشيخ أبو عاصف كان عاصفة على الأعداء، لم تنل منه السجون ولا الاعتقالات، وأفنى حياته مضحيًا من أجل أمته، وقدّم الشهداء والأسرى والتضحيات في سبيل الله، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدًا".