الخليل - قُدس الإخبارية: ربما كان مشهد دفن موتى كورونا قبل أقل من عامٍ من الآن؛ من أسوأ المشاهد التي عاصرها الإنسان منذ عقود، لكن ثمة ما هو أكثر بعثًا للكآبة والسوء وهو حال المريض على أبواب المستشفيات دون أن يتلقى خدمةً علّها تكون سببا في بقائه على قيد الحياة، لذا ينتظر هنا المريض أجله وسط عجز الكوادر الطبية عن إنقاذ حياته نتيجة قلة وضعف الخدمات الطبية المساندة.
مسؤول ملف كورونا في محافظة الخليل عفيف عطاونة، نفى خلال حديثٍ إذاعي أن يكون الوضع الوبائي في المحافظة قد خرج عن السيطرة أو أن يكون المرضى مكدسين في المستشفيات، فيما يشير مراقبون ومتابعون أن الأرقام التي تنشرها وزارة الصحة لا تعكس واقع الحالة الوبائية في المحافظة، لأنها انعكاس لعدد الفحوصات فقط وليس للواقع.
"انفجارٌ لا عودة منه"
محافظة الخليل التي سجلت يوم أمس الأحد 595 إصابة بالفيروس كأكثر حصيلة إصابات في محافظات الضفة، لا تزال "عصية" على الإجراءات الحكومية التي من شأنها التخفيف من حدة الوضع الوبائي الكارثي حسب وصف خبير الأوبئة حمزة الزبدي.
وأضاف خبير الأوبئة لـــ "قدس الإخبارية" أن حالات مرضى كورونا باتت تلقى حتفها على أبواب المستشفيات نتيجة تفشي الطفرة البريطانية الأكثر فتكًا بين الشباب وكبار السن. محذرًا مما وصفه "بالانفجار الذي لا عودة منه حال استمرار الوضع على ما هو عليه دون التوجه للإغلاق الشامل الصارم في المدينة وقراها وبلداتها أسوة بباقي محافظات الضفة.
وبين الزبدي أن خبراء الأوبئة أشاروا في وقتٍ سابق على الحكومة والصحة الفلسطينية بضرورة أخذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب قبل حدوث أي كارثة، وهو ما يسمى في علم الأوبئة "استباق الحدث" أي اتخاذ ما يلزم للأمان الصحي قبل فقدان السيطرة.
وأوضح أن استمرار الإجراءات الحالية التي لا تتماشى مع الواقع، سيؤدي إلى ارتفاع أعداد الوفيات اليومية إلى أكثر من 40 حالة يوميًا.
"حقٌ بالعلاج مفقود"
في ذات السياق، أكد مسؤول ملف كورونا جنوب الضفة مراد كراجة أن ما يحدث ينذر بالخطر؛ حيث بلغت نسبة إشغال الأسرة المخصصة لمرضى كورونا في المستشفيات 100%، ما يعني أن لا قدرة لدى مستشفيات محافظة الخليل على استضافة أي مريض بحاجة لعناية مكثفة "إلا في حالة نطق مريض آخر على أسرة كورونا للشهادتين".
ولا شك أن مكوث مرضى كورونا في العناية لمدة طويلة يؤدي لتكدس أعداد المرضى، الأمر الذي يحول دون استقبال آخرين، وهذا أحد أسباب ارتفاع أعداد حالات الوفاة كما يوضح مسؤول ملف كورونا جنوب الضفة في حديثه لـ "قدس الإخبارية"، الذي حذر خلاله من وصول المرضى للموت دون تلقيهم حقهم الشرعي من الخدمة الطبية نتيجة عدم كسر حلقة انتشار الفيروس.
ويرى كراجة أن على الحكومة إيجاد خطة لتأمين أماكن للمصابين الجدد من خلال رفد المستشفيات بالطواقم اللازمة وفتح مراكز طبية جديدة إذا لزم الأمر، من ثم تطعيم ما لا يقل عن 70% من الفلسطينيين ليتم كبح جماح الفيروس مع اتخاذ الإجراءات الوقائية المتمثلة بمنع التجمعات والالتزام بلبس الكمامات، وسط مخالفات لهذه التعليمات، دون حسيبٍ ولا رقيب كما يراه متابعون.
من جانبه يقول مدير المستشفى الأهلي في الخليل، يوسف التكروري لـ "قدس الإخبارية" إن المستشفى أضاف في وقت سابق عشرة أسرة جديدة لمرضى كورونا امتلأت فور تجهيزها، ما يشير إلى وصول المحافظة إلى درجة معقدة من الحالة الوبائية وسط صعوبة تلبية احتياجات جميع الإصابات.
يُذكر بأن المستشفى الأهلي لا يستقبل حالات مرضى كورونا إلا بتحويلة طبية من وزارة الصحة أو على نفقة المريض نفسه، وفي الوقت الذي يُقدم فيه المستشفى تسهيلاتٍ مادية في ما يخص مصاريف مرضى كورونا إلا أن هذا الأمر بات صعبًا على المريض وذويه نظرًا لارتفاع تكلفة علاج المرض الذي يحتاج لغرف العناية تحديدًا.
وإن بقيت الأمور في محافظة الخليل على ما هي عليه؛ يرى خبراءٌ وأطباء بأنها ستتجه نحو حالة وبائية تصعب العودة منها دون خسائر ستطال الكبير والصغير، وسط قرارٍ بإغلاق أكثر من خمس محافظات عدد الحالات النشطة بالفيروس فيها أقل من الخليل التي تتربع على عرش الإصابات بالفيروس.