يوم رفع الفحماويون رايتهم وعلَمَ انتمائهم فوق مقر بلديتهم، وتوحدت قواهم على صعيد واحد يهتفون لفلسطين... وعادت لهم ذكريات المجد:
كانت أم الفحم تقاتل حتى آخر نفَس وقد اكتظّت بآلاف النازحين والمهجّرين والنازحين المطرودين من ديارهم والناجين بثيابهم، ففتحت أم الفحم أبوابها وأوقدت لهم جمر فحمها وحملت الأمانة في أحداث النكبة.
ودخلت قوات الاحتلال المدينة الثائرة صباح يوم من مايو من عام 1949 بعد أن وقعت الأردن والكيان الناشئ حديثاً اتفاقية رودس في الثالث من إبريل 1949 واضطر مخاتيرها لوضع سلاحهم بعد أن فقدوا الظهير والعمق ، وكان الجيش العراقي قد رفض التوقيع على اتفاقية رودس ليتيح للشعب القيام بدوره بعد أن عجزوا عن إنجاز مهمتهم، وما لبث أن حل مكانه الجيش الأردني... وبقيت المدينة تحت حكم عسكري مشدد حتى سنة 1966 إذ لم يكن أهلها قادرين على الخروج إلا بموجب تصريح عسكريّ.
ولا ينسى الفحماويون كلمات قائد جيش الإنقاذ فوزي القاوقجي بعد أن أكرموه في وفادة عظيمة: (والله إنّه كان بوُدّي أن يكونَ اسمك أُمّ الفخر، ولكن لا بأس باسم أُمّ الفحم؛ فإنَّ الفحم عندما يذكى يلتهب ويكون جمرًا، وأُمّ الفحم هي مجموعةٌ من الجمر الذي يحرق أكبادَ المُستعمرين بإذن الله).
ولا ينسى الفحماويون أسعد مفلح محاجنة أحد أبطال معركة أحراش يعبد مع الشيخ "القسام".
ولا ينسون مصطفى الهنداوية الذي أعدمه الإنجليز شنقاً في سجن عكّا.
ولا ينسى الفحماويون أبناءهم يوسف الحمدان وأحمد الفارس وعلي الفارس الذين كانوا مع القائد يوسف أبو درة ضد الإنجليز، ثم تولّي علي الفارس القيادة بعد استِشهاد الشيخ أبو درة.
ولا ينسى الفحماوين والمحتلون الإنجليز معركة المدرسة التي ذاق فيها المحتل مرارة الثورة عام 1938 وقبلها معركة عين الزتونة- خلة الحمارة مع أهل الفزعة من عشائر المثلث والقرى المحيطة.
ولا ينسى الفحماوين داهود أبو عطية وأخوه أسعد من حي المعلّقة في أم الفحم في أحداث ثورة 1936.
ولا ينسى الفحماويون عام 1984 يوم حاول زعيم حركة كاخ المتطرفة مائير كاهانا اقتحام مدينتهم وهددهم ودعاهم للخروج الذليل من أرضهم إلى أي بلد عربيّ فاحتشدوا بالآلاف، ومنعوه من دخول مدينتهم، وما يزالون يمنعون أي متطرف من تجديد ذكرى كاهانا في مدينتهم.
في أم الفحم يخلّد الفحماوين من يحبونهم من القادة الفاتحين والمؤثرين بإطلاق أسمائهم على مساجدهم: مسجد أبي بكر الصديق، ومسجد عمر بن الخطاب ومسجد أبي عبيدة ابن الجراح ومسجد عثمان بن عفان، مسجد علي بن أبي طالب، مسجد صلاح الدين الأيوبي، مسجد طارق بن زياد، مسجد دار الأرقم، مسجد عبد القادر الجيلاني، مسجد محمد الفاتح ... هؤلاء هم ذاكرة أم الفحم، ولا ننسى آخر رموزها الكبار الشيخ الأسير رائد صلاح.
ومنذ القدم لا ينسى الفحماويون الأمير المملوكي الشجاع جمال الدين آقوش النجيبي أحد أبطال عين جالوت وقادتها ضد التتار الذي كانت أم الفحم من إقطاعاته العسكرية التي منحها له الظاهر بيبرس بعد افتتاح قلعة أرسوف وسقوط قيسارية في ملحمة عظيمة.
أم الفحم هي الاسم الحركي لفلسطين كما قال حنظلة من قبل!