رام الله - قدس الإخبارية: اعتبر مختصون في الشأن القانوني، أن القرار بقانون الصادر عن الرئيس محمود عباس رقم (7) لسنة 2021، بتعديل قانون رقم (1) لسنة 2000 بشأن الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية وتعديلاته؛ يهدف إلى إحكام الخناق على مؤسسات المجتمع المدني.
وقال إبراهيم البرغوثي المستشار السياساتي العام للمركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة"، إن التعديلات الجديدة، جاءت للتعبير عن سياسة ونهج الاستملاك العام في مختلف السلطات، وتجسيدا للنظام الشمولي الذي يتبع نهج فرض الرأي الواحد ويحرم الفلسطينيين من حق المشاركة في الحياة العامة بما في ذلك الحق في إنشاء الجمعيات الخيرية.
وأضاف البرغوثي لـ"قُدس الإخبارية": "وهذا يتناقض بشكل جوهري مع أحكام ومبادئ القانون الأساسي ومبادئ الشفافية والنزاهة.
وبحسب البرغوثي، فإن جلّ القرارات بقوانين الصادرة مؤخرا عن الرئيس عباس، مخالفة للمادة الواردة في القانون الأساسي التي تقيد إصدار القرارات بقوانين بحالات الضرورة القصوى التي لا تحتمل التأخير، لمواجهة حالة طارئة لا يمكن مواجهتها إلا باستحداث تشريع خاص.
وأردف: القرارات بقوانين تأتي ضمن حملة للاستحواذ والاستبعاد والتحكم في مصير المواطنين من إصدار قرارات بقوانين توسع من دائرة اختصاص وصلاحيات ديوان الرئاسة الذي شكل تغييرا جوهريا في بنية نظام الحكم.
ويرى البرغوثي، أننا "أمام مشهد يمتلك فيه ديوان الرئاسة كل مقومات الحكم على مختلف الأصعدة وبالتالي المقصود من هذه القرارات هو المزيد من التحكم والاستفراد بما يعيق أي مشاركة أو احترام لرأي وتطلعات ومصالح الفلسطينيين لصالح توسيع دائرة الامتيازات الخاصة، الأمر الذي من شأنه أن يعمق الازمة المجتمعية من خلال إبقاء صوت فئة واحدة تستولي عنوة على كافة موارد ومقاليد الحياة العامة".
وبحسب القاضي فاتح حمارشة، فإن التعديل الجديد على قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية، الهدف منه إحكام الخناق على المجتمع المدني وتحويله إلى دوائر تتبع الوزارات وتتماشى مع خططها تحت تهديد الحل ومصادرة أموال هذه الجمعيات وتحويلها للخزينة العامة للدولة.
وأضاف حمارشة: التعديلات بقانون الجديدة تتعارض مع حق تشكيل الجمعيات كحق دستوري، ومع الغاية من تشكيل هذه الجمعيات وهي تحقيق رقابة مجتمعية على أداء القطاع العام.
ويرى القاضي حمارشة، أن ربع الموازنة للنفقات التشغيلية والرواتب غير كافية ومن شأنها تسريح عدد كبير من الموظفين من عملهم (وهي إشكالية حقيقية)، في إشارة إلى تعديل المادة (30) من القانون الأصلي ليضاف إليها بند جديد ينص على أنه "لا يجوز أن تزيد رواتب الموظفين والمصاريف التشغيلية في الجمعية أو الهيئة عن 25 % من إجمالي الميزانية السنوية".
وأكد حمارشة، أن بعض مؤسسات المجتمع المدني "كانت شريكة وروجت لإصدار قرارات بقانون بمسائل كثيرة أخطرها دعوتهم السلطة التنفيذية إلى إصدار قرار بقانون من أجل تشكيل مجلس قضاء أعلى انتقالي وتعديل قانون السلطة القضائية". مشددا على أن "استقلال القضاء أكثر أهمية من استقلال الجمعيات".
وقال المختص بالشأن القانوني عصام عابدين، إن التعديل الجديد "ذبحٌ للمؤسسات الأهلية ويشكل عدواناً سافراً على الحق الأساسي في تكوين الجمعيات المكفول في القانون الأساسي الفلسطيني والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".
وأضاف عابدين: إن القرار بقانون بشأن الجمعيات والهيئات الأهلية "يُحيل مؤسسات المجتمع المدني إلى موظفين تابعين للسلطة التنفيذية يتلقون الأوامر منها وينفذون تعليماتها في خططهم وبرامجهم والموازنات المالية والأثر، ويُحطّم مؤسسات عريقة استثمرت سنوات في بناء كوادرها الوطنية ويتحكم في ميزانياتها".
ويرى المختص في الشأن القانوني عابدين، أنه "يُحيل العمل الأهلي وتاريخه في فلسطين إلى مقاولات ومشاريع تجارية، ويسيطر على العنوان المالي للمؤسسات الأهلية ويمنح مجلس الوزراء ووزارة الداخلية سلطات واسعة للتحكم في شروط وأحكام المساعدات غير المشروطة والتبرعات بنظام يصدر عن مجلس الوزراء".
وأردف: "ينص التعديل على نظام آخر للجباية المالية (الخاوة) التي يجب أن تدفعها المؤسسات الأهلية في تعاملاتها مع وزارة الداخلية القائمة أساساً على انتهاك الأخيرة (وزارة الداخلية) للدستور والقانون والمعايير الدولية، ويمنح وزارة الداخلية صلاحيات أن تقوم هي بنفسها بتصفية المؤسسات الأهلية وإجراءات التصفية بعد أن يتم حلها ورفع تقرير بذلك إلى وزير الداخلية لإحالة أموال المؤسسات إلى الخزينة العامة".
وحاولت "قُدس الإخبارية" التواصل مع وزارة الداخلية كون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية تتبع لها، دون رد.
وبحسب القرار بقانون الذي نشره ديوان الفتوى والتشريع أمس الثلاثاء، فإنه تم تعديل المادة 13 من القانون الأصلي لتقدم بموجبه الجمعية أو الهيئة للوزارة المختصة، خطة عمل سنوية وموازنة تقديرية للسنة المالية الجديدة منسجمة وخطة الوزارة المختصة"، كما و"تقدم الجمعية أو الهيئة تقريرا ماليا مصدقا من قبل مدقق حسابات قانوني أو جهة تدقيق معتمدة، ويتضمن بشكل تفصيلي كامل إيرادات ومصروفات الجمعية أو الهيئة حسب الأصول المحاسبية المعمول بها، ويوضح بيانات تفصيلية ومؤشرات حول الأثر الناتج عن مشاريع ونشاطات السنة المالية".
وعدل القرار بقانون، المادة رقم 30 من القانون الأصلي، ليضيف إليها بندا جديدا ينص على أنه "لا يجوز أن تزيد رواتب الموظفين والمصاريف التشغيلية في الجمعية أو الهيئة عن 25 % من إجمالي الميزانية السنوية".
كما وتم تعديل المادة 33 في ما يخص جمع التبرعات من القانون الأصلي، لتصبح "يحق للجمعيات والهيئات جمع التبرعات من الجمهور أو من خلال إقامة الحفلات والأسواق الخيرية والمباريات الرياضية أو أي من وسائل جمع الأموال للأغراض الاجتماعية التي أنشئت لنظام يصدر عن مجلس الوزراء يحدد فيه شروط وأحكام المساعدات غير المشروطة من أجلها، وفقا لجمع التبرعات".
وعدل القرار بقانون الجديد، المادة 39 من القانون ذاته، بحيث أصبحت: إذا حلت الجمعية أو الهيئة تقوم الدائرة بإجراءات التصفية أو تعيين مصف بأجر لها، بما في ذلك بالتصفية للوزير. ويحيل الوزير أموال الجمعية أو الهيئة المنحلة المنقولة أو غير المنقولة إلى الخزينة العامة لدولة فلسطين أو جمعية أو هيئة فلسطينية مشابهة لها في الأهداف، ويستثنى من عملية الإحالة المحددة معاشات ومكافآت وحقوق موظفي الجمعية أو الهيئة المنحلة.