رام الله - خاص قُدس الإخبارية: يبدو أن كلمة السر التي يستخدمها الناطقون باسم حركة فتح للتعبير عن كل اجتماع يُعقد مع التيارات أو الشخصيات التي تنوي تشكيل قوائم منفصلة عن الحركة أو تغرد بعيدا عن خطها الرسمي، هو "التأكيد على وحدة فتح"، وذلك انسجاما مع أوامر صادرة عن قيادة الحركة بعدم الخوض بمناكفات مع تيار ناصر القدوة والأسير مروان البرغوثي، وحتى تيار محمد دحلان، بحسب ما أكدت مصادر لـ"شبكة قُدس".
وأشارت المصادر إلى أن حركة فتح تسعى لاستنفاذ كافة المحاولات مع البرغوثي والقدوة، وإذا وجدت أن هناك صعوبة في معالجة أوضاعها الداخلية وتوحيد ذاتها قبل الانتخابات، فإنها وضعت مجموعة من السيناريوهات أكثرها تطرفا إمكانية عدم إجراء الانتخابات، وهو خيار يرى المحلل السياسي حسن لافي في حديثه لـ"قدس الإخبارية" بأنه غير واقعي، وإنما قد يستخدم كتهديد للمعارضين داخل الحركة، من أجل ثنيهم عن خطواتهم بتشكيل قوائم منفصلة.
مخاوف حركة فتح من عدم توحدها قبل الانتخابات، تزيد من حدة الخيارات التي قد تذهب إليها، وهذا الخيار قد يتعزز أكثر إذا رفضت حركة حماس الدخول معها في قائمة مشتركة، وهو ما يجعل فتح مكشوفة على مشاكلها الداخلية، وبالتالي قد يتكرر سيناريو 2006 والذي أنتج فوزا كاسحا لحماس، لذلك لا يبدو خيار الذهاب للانتخابات بالنسبة لفتح مقدسا مسلما به، كما تؤكد مصادر "شبكة قُدس"، فهي بقدر سعيها للذهاب بقوة للانتخابات والتحضير لها، إلا أنها تخشى من مغامرة غير محسوبة مقابل حماس، وهو أمر تقدر المصادر أن أطرافا عربية مثل السعودية ومصر والأردن أيضا ترفضه.
وفي ضوء هذه المعطيات، أكد القدوة للرئيس عباس والمجتمعين، على مضيه في الخيارات التي كان قد كشف عنها في ندوة إلكترونية نظمها معهد إبراهيم أبو لغد للسياسات الدولية، وقال فيها إنه ينوي تشكيل قائمة تضم كوادر وطنية وكفاءات وعناصر شابة، وأن لديه تيارا واسعا يؤيد ويناصر رؤيته، وهو ما يؤكد على فشل الطريقة التي تدار فيها حركة فتح داخليا أو في سياق علاقاتها مع الفصائل الفلسطينية وعلى وجه التحديد حماس، التي شدد مرة أخرى على عدم قناعته بإمكانية تشكيل قائمة مشتركة معها.
وقالت مصادر مطلعة على حراك القدوة لـ"شبكة قُدس" إنه لا يزال متمسكا بخيار تشكيل قائمة مع الأسير البرغوثي، رغم وجود بطء في الخطوات العملية على الأرض، على حد وصف مصادر مقربة من الأخير، إذ أن القدوة مطلوب منه ترجمة ما قال في الندوة حول ضرورة تغيير النظام السياسي بشكل سريع وعلى الأرض حتى لا يتحول إلى "ناقد أو قائد إلكتروني" على حد وصفهم.
ونفت المصادر، ما قاله مفوض التعبئة والتنظيم منير الجاغوب، بالتأكيد على أن الرئيس عباس والقدوة متفقان على وحدة فتح، الأمر الذي يبدو استنساخا للموقف الرسمي الفتحاوي الذي صدر بعد لقاء حسين الشيخ بالبرغوثي وثبت عدم صحته، بما يؤكد المعلومات عن إصدار أوامر للمتحدثين باسم فتح بعدم توتير الأجواء الداخلية، لكن ذلك قد لا يصمد أمام استمرار التيار الرافض لسياسات الحركة في محاولاتهم تشكيل جبهة رفض فعلية.
وتبين مصادر قيادية في حركة فتح بأن تيار القدوة يبدو متسلحا بالانتخابات كوسيلة لمعاقبة التيار المتحكم في حركة فتح ويراهن على حساسية الموقف من أجل التعبير عن رفضه للسياقات التي تتخذ فيها قرارات الحركة، وأيضا بالمتضررين من حالة التفرد بالقرار التي شهدتها الحركة في السنوات الماضية، وبذلك يلتقي ويتقاطع من منطق المصلحة مع أعضاء في مركزية فتح مثل توفيق الطيراوي وعباس زكي.
ويستبعد المحلل السياسي عبد المجيد سويلم، أن يتم التراجع عن خطوة إجراء الانتخابات، قائلا: "لا أحد يمكنه اتخاذ هكذا خطوة حتى لو كانت هناك خلافات كبيرة داخل الفصائل، فلا أحد يمكنه أن يتحمل مسؤولية التراجع عن إجرائها أو تبعاتها".
وعن تشكل تيارات منبثقة عن حركة فتح، قال سويلم لـ"شبكة قُدس": "هذه الخيارات كانت متوقعة في ظل أن العملية الانتخابية برمتها جرى التوافق عليها بسرعة قبل إنجاز الكثير من القضايا التي كان يجب التوافق عليها أولا قبل الانتخابات، ولم يتم التوافق إلا بصورة عامة على معظم المسائل وهو ما يمكن أن يؤدي إلى خلافات لاحقة".
وأردف المحلل السياسي سويلم: "غياب التوافق التفصيلي كانت حصيلته هذه الاختلافات التي أفضت إلى تشكيل تيارات وقوائم منبثقة عن الفصائل، قد تؤثر على وحدتها وعلى تمثيلها في المجلس الوطني على نتائج الانتخابات الرئاسية، ولكنها لن تؤثر على تمثيلها في المجلس التشريعي".
وأكد المحلل السياسي لافي لـ"شبكة قُدس"، أن التلويح بإلغاء الانتخابات قد يستخدم كنوع من التلويح التهديد فقط لإجبار فصيل ما على الالتئام، مستبعدا التراجع بشكل نهائي عن إجراء الانتخابات لأنه على حد وصفه "قرار إقليمي دولي فلسطيني لا يمكن لأي جهة فلسطينية تعطيله".
واعتبر أن وجود عدد من التيارات داخل حركة فتح سيخلق تأثيرا سلبيا على الحركة ومشاركتها في الانتخابات، وخاصة إذا ما قررت حركة حماس بقائمة واحدة وهو ما سيؤثر على حظوظ فتح في الانتخابات، كما جرى في انتخابات عام 2006.