رام الله - خاص قدس الإخبارية: أثارت التقارير عن نية الأسير وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثي الترشح للانتخابات الرئاسية، نقاشات لا حصر لها في الأوساط السياسية الفلسطينية وحتى الإسرائيلية، خاصة بعد زيارة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ للبرغوثي في سجنه الخميس الماضي، والتي لم يرشح عنها رسمياً أي تفاصيل سوى تصريحات الشيخ التي تحمل في طياتها عبارات علاقات عامة وتأكيد عام المضمون على وحدة حركة فتح.
بعد الزيارة المذكورة، كشفت مصادر مطلعة لـ"شبكة قدس" أن الشيخ لم يناقش البرغوثي في ملف الانتخابات الرئاسية، وإنما انحصر الحديث بينهما في موضوع الانتخابات التشريعية، التي أعرب الأخير عن عدم وجود نية لديه لخوضها، مكتفيا بالتأكيد على ضرورة أن يكون له رأي في الأسماء التي ستضمها قائمة فتح، وإلا فإنه سيذهب باتجاه خيارات أخرى، من بينها تشكيل قائمة منفصلة عن حركة فتح أو دعم قوائم اخرى.
لكن الخطاب الذي خرجت به قيادات فتح في الأيام التي تلت الزيارة، لم يتعرض لمسألة نية البرغوثي الترشح للرئاسة، وركز على مسألة التشريعي، رغم أن الأولى هي الأهم والأخطر بالنسبة للحركة، فهل تبدو فتح مطمئنة لخياراتها للتعامل مع نيته الترشح للرئاسة؟ أم أنها تحاول تأجيل هذا النقاش والجدل للحفاظ نسبيا على وحدة الحركة – التي تعاني أصلا من أزمات داخلية - حتى يتسنى لها الوصول لنتائج نهائية يمكن بناء خيارات نهائية على أساسها.
تؤكد مصادر تحدثت مع "شبكة قدس" أن التخوف الأساسي لدى مروان وتياره الذي بدأ يتشكل ضمنيا داخل فتح، هو إقصاؤه من خلال القضاء، أي من خلال قانون الانتخابات والشروط التي يجب أن تتوفر لمرشح منصب الرئيس، وأن يتم ذلك إما من خلال إصدار تعديلات جديدة على قانون الانتخابات من خلال قرارات بقوانين التي يصدرها الرئيس عباس، وهي مسألة لم تغلق نهائيا في اجتماعات القاهرة، أي أنه ليس هناك ما يمنع من إصدار تعديلات عبر قرارات بقوانين في ما يخص الانتخابات، على الأقل الرئاسية، أو من خلال القانون الموجود أصلا.
التخوف من الشق القانوني، هو ما يفسر اجتماع فدوى البرغوثي، بمجموعة من القانونيين بعد اجتماعها مباشرة بعضو مركزية فتح، الشيخ، بعد عودته من زيارة زوجها في سجن هداريم، وقد ناقشت معهم، وفق المصادر، المداخل القانونية التي يمكن من خلالها إقصاء ترشح البرغوثي للرئاسة.
لا يتيح قانون الانتخابات الفلسطيني للهيئة الحزبية الواحدة ترشيح أكثر من مرشح لمنصب الرئاسة، وبالتالي فإن البرغوثي لا يمكنه الترشح من خلال حركة فتح، وهذا لا يمنع من ترشحه للمنصب، لكن من شأنه أن يحيله إلى قرارات مركزية فتح، التي تمنع ترشح شخصين منها لمنصب الرئاسة، وبهذا يكون مصيره الفصل من الحركة، وقد أُبلغ أنه في حال فُصل لن يبقى تحت إطار فتح في السجون، وفق ما كشفت مصادر لـ"شبكة قدس"، مشيرة إلى أن ممثلي فتح في سجن هداريم أبلغوه أن فصله من الحركة يعني مغادرة "غرف التنظيم".
ومن شروط أهلية الترشح لمنصب الرئيس أيضا، بحسب المادة 36 من قانون الانتخابات، الإقامة في أراضي الدولة الفلسطينية، وحدودها القانونية وفق منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية والقانون الدولي، حدود العام 1967، ومن المعروف أن السجون الإسرائيلية جميعها خارج الحدود القانونية المشار إليها - ما عدا سجن عوفر – وتواجد البرغوثي خارج تلك الحدود يُناقض شروط أهلية الترشح المقرّة في القانون، والتي لا تحمل أي استثناءات على الأقل كنصوص على الرغم أن الأسرى موجودون هناك قسرا، وهذه النقطة الأكثر إثارة لمخاوف مقربي البرغوثي وفق ما رشح لـ"قدس" من معلومات، ولكنها "سيناريو نقطة صفر" لكونها ستثير جدلاً وطنياً من جديد حول الاعتراف بحق الاحتلال في الوجود، وأيضا التعاطي مع أماكن احتجاز الأسرى القسرية كأماكن إقامة طبيعية.
ليس من الواضح ما هي خيارات فتح للتعامل مع "أزمة ترشح مروان" لكن البوادر والمؤشرات الأولية تشير إلى أن الحركة لن تدخل بمواجهة رسمية معه كما في حالة محمد دحلان، وبالتالي قد تدير معركتها معه من خلال القضاء وأدوات دعاية غير رسمية، حتى لا تتحمل عبء مواجهة رمزيته وحضوره في الشارع الفلسطيني وداخل أوساط الحركة، وحتى يتم الإعلان رسميا عن ترشحه تبقى كل الخيارات مفتوحة.
من جانبه، قال المستشار أحمد الخالدي إنه ووفقاً لقانون الانتخابات الحالي فإن التوكيل يجوز من قبل الأسرى للمحامين أو ممثلين عنهم من أجل الترشح لخوض الانتخابات سواء التشريعية أو الرئاسية فيما لا يمكن القانون حتى الآن ذات الأسرى من توكيل الآخرين بالإدلاء بأصواتهم بدلاً عنهم.
وأضاف الخالدي لـ "شبكة قدس" أن القانون الفلسطيني يشترط أن يكون المرشح مقيماً في الأراضي الفلسطينية فقط وألا يكون مداناً بجرائم.
وعن إمكانية سن قوانين تمنع الأسرى من خوض الانتخابات التشريعية أو الرئاسية، علق المستشار الخالدي قائلاً: "المفترض عندما صدر مرسوم إجراء الانتخابات لا يجوز إصدار أي تشريع يمس بحقوق الأفراد والناخبين من الناحية القانونية".
واستكمل قائلاً:"أما على أرض الواقع والتجربة العملية فقد صدرت عشرات القوانين والقرارات من السلطة التنفيذية في ظل غياب السلطة التشريعية"، مؤكداً على أنه لا توجد قوانين خاصة بالأسرى متعلقة بالانتخابات وهي عامة وغير مقتصرة على الأسرى فقط.
أما الكاتب والمختص في الشأن القانوني ماجد العاروري فقال لـ "شبكة قدس" إنه لا توجد موانع أو قوانين تمنع الأسرى من خوض الانتخابات التشريعية والرئاسية ويمكن لهم الترشح من خلال وكلاء أو محامين ويستطيعون المشاركة.
وأضاف العاروري قائلاً: "ذات القوانين المنسحبة على الانتخابات التشريعية تنطبق على الانتخابات الرئاسية"، متابعاً: "العملية الانتخابية مع بدء سجل التحديث وانتهائه قد بدأت وأي تعديلات قد تتم من شأنها أن تؤثر على الحق العام، ستشكل مساً بجوهر الانتخابات ونزاهته".
وعن إمكانية إصدار قوانين تمنع الأسرى من خوض السباق الرئاسي من أجل عرقلة ترشح مروان البرغوثي ذكر قائلاً: "لا أعتقد أنه سيتم اللجوء لهذه الطريقة لأن ذلك سيضع النظام الانتخابي والانتخابات في مأزق حقيقي وقضية الترشيح الخاصة بالأحزاب يجب أن تحسم داخلياً بعيداً عن زج النظام الانتخابي في مثل هذه الصراعات".