غزة - خاص قدس الإخبارية: على نحوٍ مفاجئ عاد خلال الأيام الأخيرة بعض العناصر والقيادات المحسوبة على تيار القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان إلى قطاع غزة، في ظل الحديث عن إجراء الانتخابات العامة في 22 أيار/ مايو المقبل.
وفتحت هذه العودة الباب واسعاً أمام التكهنات والتوقيت والأهداف المرجوة من وراء هذه العودة، في ظل انتهاء حوار القاهرة وتوافق الفصائل على المضي قدماً في إجراء الانتخابات العامة (التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني).
وفي أكتوبر/ تشرين أول 2017، أعلنت حركة حماس عن السماح لتيار محمد دحلان بالعمل في غزة بشكلٍ معلن من خلال تياره الذي يطلق عليه "التيار الإصلاحي الديمقراطي لحركة فتح"، بعد تفاهمات جرت في القاهرة بعد سنوات طويلة من العداء معه.
وأسهمت هذه التفاهمات في انفتاح المخابرات المصرية على حركة حماس وتحسين العلاقة معها بعد سنوات من القطيعة، بفعل الإجراءات التي صاحبت عزل الرئيس المصري الراحل محمد مرسي وموقف الحركة منه خلال تلك الفترة.
في المقابل سمحت الحركة للتيار الذي أسسه دحلان برفقة سمير المشهراوي وبعض القيادات التي خرجت من غزة بعد أحداث الاقتتال الداخلي عام 2007، بالعمل في القطاع وإقامة المهرجانات وفتح مكاتب رسمية بعد أن كان ذلك ممنوعاً قبل عام 2017.
وأدى هذا التقارب في حينه إلى انزعاج واضح لدى بعض حلفاء حماس على خلفية الاتهامات التي توجه لدحلان خصوصاً في قطر وتركيا حيث تتهم هذه الدول بالتورط في قضايا أمن قومي مرتبطة بها، خصوصاً لدى أنقرة التي تتهمه بالتورط في ملف محاولة الانقلاب العسكري الفاشل والتجسس من خلال بعض العناصر المحسوبة عليه.
ويربط مراقبون بين العودة وبين الانتخابات وإمكانية أن تؤثر عودة بعض الكوادر على مسار الانتخابات وأن تشكل هذه الخطوة وسماح حركة حماس بها استفزازاً للرئيس محمود عباس الذي رفض وساطات عربية لإنهاء الخلاف مع دحلان.
عودة المزيد
في السياق، قال الناطق باسم "التيار الإصلاحي الديمقراطي بحركة فتح" عماد محسن إن الفترة المقبلة ستشهد عودة المزيد من العناصر والقيادات التي خرجت من القطاع خلال السنوات السابقة.
وأضاف محسن لـ "شبكة قدس" أن آخر العائدين هما عبد الحكيم عوض وخالد سعد الله فقط وهما من قيادات التيار الإصلاحي، نافياً في الوقت ذاته صحة الأعداد التي تمت الإشارة إليها عن عودة 15 شخصاً محسوبين على تيار دحلان.
وشدد محسن على أنه ومنذ بدء مسار المصالحة المجتمعية عام 2018 فإن جميع من غادروا القطاع عام 2007 أصبح مسار العودة مفتوحاً أمامهم إلى القطاع باستثناء عدد بسيط جداً، مستكملاً: "الأخوة في حماس أبلغونا منذ 3 أعوام بأنه لا يوجد مانع أمام عودة الأشخاص إلى القطاع، أما توقيت عودتهم فهو متروك لهم هم ولم يحدده أي طرف".
وأكد الناطق باسم "التيار الإصلاحي" المحسوب على دحلان أن الأمر غير مرتبط بالانتخابات بالرغم من أن عودة البعض ستساهم في تعزيز التيار بالكوادر، مشيراً إلى أن العودة جاءت بهدف الإقامة الدائمة وليس من أجل إجراء الانتخابات.
وبشأن مشاركة التيار في الانتخابات المقبلة، أفصح قائلاً: "حسمنا أمرنا أننا نريد المشاركة في الانتخابات وموقفنا بأننا نريد مشاركة في قائمة واحدة عن حركة فتح تمثل كل الأطر وحال تعذر ذلك سنكون مجبرين على الدخول بقائمة مستقلة يشارك بها أكاديميون ورجال أعمال وقانونيون وخبراء ومستقلون إلى جانب كوادر التيار الإصلاحي".
وتشهد الآونة الأخيرة حديثاً عن إمكانية تحالف تيار دحلان مع عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثي رغم نفي شخصيات محسوبة على تيار الأخير ذلك والتأكيد على المشاركة بقائمة واحدة فقط تمثل الحركة.
حق للجميع
ولم تصدر حركة حماس تعليقاً رسمياً على عودة القيادات والكوادر التابعة لدحلان، إلا أن الناطق باسم الحركة عبد اللطيف القانوع قال لـ "شبكة قدس" إن قطاع غزة لم يوصد أبوابه في وجه أحد وأن الباب مفتوح أمام الجميع لممارسة العمل السياسي بكل ارتياح.
وأضاف القانوع في تصريحاته لـ "شبكة قدس" أنه من حق جميع أبناء شعبنا الفلسطيني ممارسة العمل السياسي دون قيود، مشدداً على أن عودة قيادات حركة فتح تأتي في إطار تهيئة المناخات وتوفير الأجواء المناسبة لدعم وإنجاح مسار الانتخابات وفتح الفرص أمام الجميع دون استثناء.
وعن الخشية من أن تشكل هذه الخطوة استفزازاً للرئيس عباس ذكر الناطق باسم حماس قائلاً: "غزة أبوابها مفتوحة للجميع ومن حق كل الفصائل والحركات ممارسة العمل السياسي، لا سيما ونحن في مرحلة الإعداد للانتخابات وهو ما يتطلب توسيع مساحة الحريات وتهيئة الأجواء".
ولا يستبعد بعض المختصين في الشأن السياسي من إمكانية أن يتجه الرئيس عباس نحو إلغاء الانتخابات العامة بسبب تيار دحلان أو سن قوانين تمنع المحسوبين عليه من المشاركة فيها في ظل النزاع الحاصل بين الرجلين منذ عام 2009.
امتداد للترتيبات القديمة
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل إن عودة الكوادر والعناصر المحسوبة على التيار حالياً غير مرتبطة بترتيبات جديدة بل امتداد للترتيبات القديمة التي بدأت عام 2017 وهي مرتبطة بالانتخابات العامة والتحضير لها.
وأضاف عوكل لـ "شبكة قدس" التيار يريد المشاركة في الانتخابات عبر تشكيل قائمة أو دعم قائمة وغالبية العائدين كان المجال متاحاً لهم قبل سنوات، ومع ذلك لم يعودوا إلا قبل أيام والحديث يدور عن عودة المزيد خلال الأيام المقبلة.
ويضيف: "هدف العودة هو الترتيب لإجراء الانتخابات، وهو أمر واضح من طبيعة الشخصيات التي عادت فهؤلاء قبل سنوات كان الوضع في غزة مختلفاً بالنسبة لهم والكثير منهم لم يكن يستطيع الوصول إلى القطاع بسبب الخلافات".
وعن اختيار توقيت العودة، ذكر عوكل قائلاً: "حماس لم تختار التوقيت، فالحركة في هذا التوقيت بالذات لا تريد إرسال إشارات استفزازية لحركة فتح والرئيس عباس، وما يجري هو استكمال لمسارات قديمة أعقبت التفاهمات التي جرت مع دحلان".
تحضيرات الانتخابات
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة إبراهيم أبراش فاعتبر هو الآخر أن عودة الكوادر والعناصر المحسوبة على تيار دحلان مرتبطة بالانتخابات في ظل الموقف الواضح والمعلن من المشاركة فيها وإمكانية تشكيل قائمة انتخابية منفردة.
قال أبراش لـ "شبكة قدس" إن بعض العائدين لغزة قد يكونوا ضمن القائمة الانتخابية التي ستشكل خلال الفترة المقبلة وهو ما يتطلب تواجدهم في القطاع لضمان حقهم في الترشح للانتخابات التشريعية، مشيراً إلى أنه لا يوجد أي إشكالية أمنية أو سياسية من عودتهم.
وتابع قائلاً: "ما جرى لم يكن بعيداً عن توافق دحلان وحماس بشكل مشترك على دخولهم خصوصاً في هذا التوقيت، فلو رأت حماس أن هناك موانع في إدخالهم للقطاع لرفضت ذلك وأعاقت وصولهم إلى غزة"، مشيراً إلى أن استفزاز تيار الرئيس عباس وحركة فتح بدأ منذ سنوات بعد التقارب الذي جرى والسماح لعناصر دحلان بالعمل بحرية.
وقلّل أبراش من تأثير عودة هذه الشخصيات على حركة فتح وخط الرئيس عباس مقارنة بالخشية من القيادي الأسير مروان البرغوثي، الذي يحظى بحضور شعبي وجماهيري داخل الحركة وخارجها أكبر من دحلان وإمكانية تأثير ذلك على الحركة في معركة الانتخابات، حسب قوله.