فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: ناقش برنامج المسار في حلقته الأولى قضية "التطبيع الإعلامي" الذي أقدمت عليه وسائل إعلامٍ عربية، وكان آخرها استضافة فضائية "الغد العربي" لوزير جيش الاحتلال، بيني غانتس، على شاشتها، ما أثار انتقادات واسعة عربياً وفلسطينياً.
واستضاف البرنامج الذي تقدمه الزميلة لينا أبو حلاوة عبر "شبكة قدس"، عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين موسى الشاعر، والأكاديمي معز كراجة، ومنسق الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع غسان بن خليفة.
ما هو دور نقابة الصحفيين؟
من جانبه، قال موسى الشاعر إن "موقف نقابة الصحفيين واضح وحاد ضد التطبيع مع مؤسسات دولة الاحتلال، على رأسها الإعلام الذي يغزو المجتمع العربي بهدف تعزيز الرواية الإسرائيلية الزائفة في الوعي الجمعي العربي".
وتابع: "إذا ما استمرت بعض القنوات في التطبيع مع الاحتلال واستضافة رموز الإجرام، فإن نقابة الصحفيين لن تقف مكتوفة الأيدي وحولها مؤسسات المجتمع المدني والفعاليات الوطنية الفلسطينية".
ورداً على سؤال حول وجود قوانين تعاقب من يقدم على التطبيع، قال: نملك إرادة نقابة الصحفيين التي تواصل الوقوف ضد التطبيع، وطالبنا بالاعتذار ووجهنا تحذيراً للوسيلة الإعلامية التي استضافت وزير جيش الاحتلال، بيني غانتس، وبحثنا وقف عملها في الأراضي الفلسطينية، وإذا استمرت باستضافة مجرمي الحرب الإسرائيليين، سنلجأ إلى خطوات أخرى، بينها الاعتصام داخل مقراتها أو إغلاقها سواء قبلوا أم لم يقبلوا، ولا يمكن قبول هذا التجاوز وهناك ضرورة لموقف أكثر جرأة وعملية، وربما تكون هناك خطوات عملية خلال الأيام المقبلة.
"انقسام اتحاد الصحفيين العرب"
وكشف الشاعر عن انقسام داخل اتحاد الصحفيين العرب حول التعاطي مع قضية "التطبيع الإعلامي"، وقال: "داخل الاتحاد هناك من ينسجم مع موقف نقابة الصحفيين الفلسطينيين وقسم آخر لا ينسجم، وبعض الصحفيين العرب حاولوا رفع قضية ضد نقيب الصحفيين الفلسطينيين، لأن النقابة حاولت أن تبين لبعض الزملاء العرب أن الظهور على وسائل إعلام إسرائيلية أو استضافة إسرائيليين هو شكل فج من التطبيع".
كيف تغيرت مصطلحات الإعلام الفلسطيني؟
يؤكد الباحث الأكاديمي معز كراجة أن "اتفاقية أوسلو كانت تحولا سياسيا جذريا في الحالة الفلسطينية"، ويضيف: "في التسعينات تبلور خطاب جديد، كان له تبعات على الوعي الوطني والرواية الفلسطينية، وللأسف حصل خلل في تعامل الإعلام المحلي مع هذه التحولات، الخلل الأول أنه لم يأخذ مسافة نقدية مع الخطاب السياسي، وتبنى بوعي أو دون وعي هذا الخطاب الجديد".
ويرى كراجة أن الإعلام المحلي كان يجب أن يكون "مهنياً ووطنياً بنفس الدرجة"، وأن يضع "سياسة تحريرية" تؤدي دورها في هذه المرحلة الجديدة، وتابع: "لكن أصبحت لدينا تطورات إعلامية وظهور فضائيات وإذاعات عملت بشكل عشوائي وارتجالي، وبالتالي المفردات والمفاهيم كانت دون أن يكون خلفها رؤية وطنية".
وأضاف: "السؤال كيف لإعلام محلي أن يعمل في مرحلة تحرر وطني دون أن يكون محكوماً برؤية وطنية؟ غياب السياسة التحريرية والرؤية الإعلامية المنطلقة من فهم التحولات السياسية أوقع الإعلام في كثير من الأخطاء".
ويطرح مثالاً لذلك: بعد اتفاقية أوسلو حصل انقسام بين خط التسوية والمعارضة التي استمرت بالعمل السياسي النضالي ضد اتفاقية السلام، غياب الرؤية لدى الإعلام أوقع وسائل الإعلام في كثير من المشاكل، مثلاً أصبح لدينا لُبس وخلط بين "النضال" والإرهاب".
وقال: بدأت تتسرب مصطلحات ومفاهيم للإعلام المحلي، مثل مصطلح "الإرهاب" الذي كان له تبني من جانب المستوى الرسمي الفلسطيني، على سبيل المثال بعد استشهاد يحيى عياش وعمليات الرد، لو عدنا لدراسة الإعلام الفلسطيني حينها، لوجدنا ارتباكاً لديه في اختيار المصطلحات.
ويشير إلى أن "إسرائيل" بدأت تتحول في اللغة الإعلامية المحلية من دولة الاحتلال إلى "شريكة في السلام"، الخطوة الأولى "بوعي ودون وعي" التي وقع فيها الإعلام الفلسطيني كانت بالمفردات التي رسمت فيها "إسرائيل" بالوعي السياسي والوطني الفلسطيني.
"ازدياد وتيرة التطبيع"
ويرى غسان بن خليفة منسق الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع أن "وتيرة التطبيع ازدادت في الفترة الأخيرة"، وقال: مؤخراً ظهرت أغنية أداها مغنٍ تونسي مغمور مع إسرائيلي وأطلقوا عليها تسمية "سلام الجيران"، بتحريض من منظمة اسمها "المجلس العربي للتعاون الإقليمي"، واكتشفنا أن رئيسها أحد المسؤولين الأمريكيين السابقين، وقد لاقت استهجاناً واسعاً من التونسيين ورددنا عليه، ولكن المغني يصر على موقفه، وسمعنا أنه أصدر رسالة من وزير الخارجية الفرنسي فيها نوع من التضامن معه، بمعنى الاستقواء بمسؤولين فرنسيين.
وتابع: الحملة في عزها ونحن مستعدون لمواجهتها، في الإعلام التونسي لم يصل الأمر إلى التطبيع المباشر، وأذكر أن التطبيع بدأ مع قناة الجزيرة للأسف الشديد، التي خلقت نوعاً من "المفارقة" فهي من أكثر القنوات التي تحدثت عن الحريات والوضع العربي، وفي نفس الوقت كانت من بادرت لفتح باب "التطبيع الإعلامي" مع الصهاينة.