شبكة قدس الإخبارية

التضامن مع الأسرى بين شوارع المدن وصفحات الفيسبوك

ديما الحج يوسف

في الوقت الذي نرى العديد من الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعية أبرزها "الفيسبوك" تحمل أسماء الأسرى أو الحرية أو سامر العيساوي صاحب أطول إضراب عن الطعام في التاريخ، نجد الآلاف من المشاركين والمحتجين في تلك الصفحات، والقليل من التحرك في نبض الشارع الفلسطيني، فهل احتجز الإنسان الفلسطيني نفسه في العالم الافتراضي أم أن مواقع التواصل خصوصا "الفيسبوك" أصبحت أداة مهمة لإيصال رسالة وقضية يؤمن بها؟

"لأنني أسير، استشعر معنى القيد والزنزانة، فالهدف من إنشاء الصفحة إيصال صوت الأسرى للجميع، ولكل من يغلق آذانه وقلبه عن سماع صرخاتهم" هذه كلمات حامد إبراهيم صالحة، أحد مدراء صفحة (الحرية للأسرى). يعبر صالحة عن سعادته لنجاح الصفحة التي لم يمض على إنشائها سوى شهر وبلغ عدد المعجبين فيها ما يزيد عن الخمسة آلاف.

يؤكد مدير (أدمن) صفحة (الحرية للأسرى) بأن العالم الافتراضي له نهاية، لسعيه لبناء طاقم عمل ميداني في كافة أرجاء الوطن لمتابعة قضية الأسرى وذلك من خلال اللقاءات الشخصية واستقبال للأسرى المفرج عنهم، وينوه بالمعيقات التي واجهته من إغلاق متعدد للصفحة، وصعوبة الحصول على الأخبار المختصة بجميع الأسرى.

ويذكر مدير صفحة الفيسبوك (الحرية لأسرى الحرية) هيثم براهمة أن الهدف من إنشاء الصفحة هو توصيل قضية الأسرى للعالم العربي، والتأكيد للأسرى بأن هناك من يهتم بهم. ويعبر عن دور صفحته التي أنشئت قبل عام ويبلغ عدد معجبيها 14,919 بدعوة المشاركين للتظاهر من أجل الأسرى، منوها بدور وسائل التواصل الاجتماعي والتي بدونها لن يعرف أحد عن الأسرى أو القضية الفلسطينية إلا القليل، حسب رأيه.

 دالين الشاعر إحدى مدراء صفحة "The Free Samer Issawi Campaign"(حملة الحرية لسامر العيساوي) والتي يبلغ عدد المشاركين فيها أكثر من سبعة آلاف مشارك ، تقول بأن الهدف الأساسي من إنشاء الصفحة على الفيسبوك وتويتر في شهر يناير عام 2013 هو نشر الوعي حول صحة سامر العيساوي وأخباره التي يحصلون عليها من أخته شيرين أو من محاميه جواد بولص، وللإعلان عن أحداث تتعلق بسامر وجميع الأسرى الفلسطينيون، ونوهت الشاعر بأن اسم الحملة لن يتغير مع خروج سامر من المعتقل، وستبقى الصفحة تهتم بأخبار الأسرى وتدافع عنهم.

 وحول التضامن على أرض الواقع تذكر أدمن الصفحة، عند بدء الحملة قام متضامنون من مدن مختلفة في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا بتعليق لافتات عن سامر العيساوي والأسرى على جسور الطرق السريعة، بالإضافة إلى قيام النشطاء بإرسال صور تضامنهم مع الأسرى المضربين عن الطعام، وعرائض ورسائل ترسل للممثلين عن دول مختلفة.

2013-02-19 كاريكاتير

 شبهت دالين، دور الصفحة " بتأثير الدومينو" في التأثير بالمشاركين حول العالم، حيث تتحدث مع أشخاص لا يدركون ما يحصل في فلسطين، وهؤلاء يتأثرون ويقومون بتثقيف الناس حول فلسطين، وتؤمن بأهمية مواقع التواصل الاجتماعي في نشر القضية الفلسطينية، بسبب التعتيم الذي تمارسه وسائل الإعلام الغربية بعدم نشرها حقيقة الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لهذا فهي تقول إنه من خلال الإعلام الاجتماعي يمكن إيصال الرسالة التي نريدها للناس حول العالم.

"تعدد صفحات الفيسبوك وتغيير صورة البروفايل لا يعد تغييراً، إنما التفاعل مع قضية الأسرى على الأرض هو ما يساهم بالتغيير" بهذه الكلمات تعبر الناشطة بقضايا الأسرى منذ عام 2011 ميس شافعي عن أسفها مما يشهده عالم التضامن مع الأسرى. تستنكر ميس احتباس ما يقال في العالم الإفتراضي بسبب تعنت الاحتلال الإسرائيلي، ولأن أصحاب المراكز السيادية لا يقومون بتطبيق أي من وعودهم حتى وان كانت بسيطة إلا في حالات نادرة جدا، حسب قولها.

وترى الناشطة ميس بأن قضية الأسرى لم يتم تدويلها عالميا بما يليق بمعاناة الأسرى، لتعزي السبب بأن نوايا المسئولين تعجز، مهما كانوا على دراية بالآم ومعاناة الأسرى وأهاليهم، عن إيصال حسرة الأم وهي ترى ابنها مكبل اليدين والقدمين، أو الشعور بطفل حرم من عناق والده والحديث معه بعيدا عن الحاجز الزجاجي، وحرمان زوجة من رؤية زوجها تحت ذريعة حجج أمنية واهية.

وبحسرة بدت على ملامح وجهها، تقول الشافعي بأن أهم المعيقات التي تواجهها هو التخاذل من قبل شرائح المجتمع، وملل بعض أهالي الأسرى من الاعتصامات، وعدم تلبيتهم للدعوات الموجهة لهم، بالإضافة لتصدر ممن يتقنون فن التسلق على قضايا الشعب وتبنيهم واستفرادهم ومحاولة منعهم أي نشاط يقوم به النشطاء في مجال الأسرى.

من جهته يتحدث المحاضر في جامعة النجاح الأستاذ نادر داغر عن أهمية مواقع التواصل الإجتماعية، التي تستمدها من الشباب الذين يشكلون غالبية جمهورها، وذلك لكون الشباب هم القوة الفاعلة، ولأن التضامن مع الأسرى يقف على مدى شعور الشباب بأهميته.

ولا يعتقد داغر، بقدرة الإعلام الاجتماعي لوحده على إخراج الناس من بيوتها، إنما يعبر عن دور تكميلي ينحصر في إيصال رسالة محددة، ولا يعني ذلك بالضرورة أنه أده للتغيير. ويضيف محاضر جامعة النجاح بأن تدويل قضية الأسرى بحتاج لرجل السياسة، لأن الإعلام يتبع السياسيين، ونادرا ما يحدث العكس، موضحا إذا لم يتم تدويل القضية بحملها إلى محافل عالمية فلن يفلح الإعلام بذلك لوحده، وضرب مثال التوجه إلى الأمم المتحدة كان مسألة دولية عندما ترافق الخطاب مع الفعل.

تشير إحصائيات عام 2013 بأن مجمل أعداد الأسرى في سجون الإحتلال بلغ 4812، بينهم 12 امرأة، 219 طفل وفق مؤسسة الضمير لرعاية وحقوق الإنسان. يعاني الأسرى يوميا في سجون الإحتلال أقسى المعارك دفاعا عن الوجود الإنساني الأخلاقي، لعل الفلسطيني لا يكتفي بالضغط على زر الإعجاب في مواقع التواصل، ويطبق ما يقوله في العالم الافتراضي على أرض الواقع، فلو نزل المشاركون الفيسبوك على الشارع من أجل الأسرى لامتلأ العالم ضجيجاً.