فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: يواصل الجنرال "يتسحاك بريك" معركته مع القادة السياسيين والعسكريين في كيان الاحتلال، حول استعدادية الجيش لخوض أية حرب مستقبلية، حيث يرسم صورة "قاتمة" للأوضاع داخل مختلف المؤسسات والوحدات العسكرية الإسرائيلية، سواء على مستوى الاستعداد أو التدريبات أو الانضباط.
بريك الذي شغل سابقاً منصب رئيس شعبة شكاوى الجنود في جيش الاحتلال، خاض "مواجهة" قوية مع رئيس الأركان السابق غادي أيزنكوت، الذي رفض التقارير المتتالية التي أصدرها بريك حول فقدان الجيش "الاستعداد" لخوض حرب قادمة.
في السجل العدواني والإرهابي للجنرال بريك، فإنه كان قائداً بوحدة الدبابات في حرب 1967، وخاض معركة الكرامة في 1968، وحرب 1973 في مواجهة الجيشين السوري والمصري، وانخرط في اجتياح لبنان 1982
قبل ثلاثة سنوات، نشر تقريراً أكد فيه أن جيش الاحتلال "يمر بعملية تدهور وصلت إلى ذروتها في السنوات الأخيرة"، وانتقد طريقة صنع القرارات في هيئة الأركان، وحذر من "الطريقة التنظيمية الخاطئة بالجيش".
يقول بريك في مقابلة مع صحيفة "ميكور ريشون": "رأيت انكساراً واضحاً في القضايا اللوجستية والتكنولوجية والبنية التحتية والعملياتية، والقيم القتالية في الجيش تشق طريقها نحو التدمير".
ويحذر باستمرار من أن الجيش "لن يكون قادراً على خوض حرب قد تندلع على أكثر من جبهة"، في ظل التهديدات الموجهة لدولة الاحتلال من تنظيمات "شبه دولتية"، والحديث هنا عن المقاومة الفلسطينية في غزة وحزب الله في لبنان والتنظيمات المنتشرة في العراق وسوريا، التي قد تدخل المواجهة مستقبلاً، وفق لتقديرات الخبراء والمحللين.
"واحد ضد الكل"، هكذا وصف محللون إسرائيليون معركة بريك ضد قادة جيش وحكومة الاحتلال، الذين يحرصون على "نفي" رواياته عن الضعف الخطير في البنية العسكرية للجيش.
قبل أيام، وصف بريك مؤسسة الناطق باسم جيش الاحتلال بأنها "مدرسة في الكذب"، بعد أن تحولت إلى "أداة للعلاقات العامة وتجميل الصورة وبهذا لا يمكن الانتصار في الحروب"، حسب وصفه، وكشف أن الناطق باسم الجيش يتستر على أحداث خطيرة "تعكس تدهوراً وغياباً للانضباط لدى الجنود والضباط".
يوم أمس، عاد بريك وأطلق تحذيراً من أن سلاح الطيران في جيش الاحتلال "فقد فعاليته"، بسبب الانتشار الكثيف لصواريخ أرض - أرض في دول وساحات مختلفة بالمنطقة، ودخول سلاح "الطائرات المسيرة" ضمن استعدادات القوى المختلفة للمعركة القادمة.
في السابق، حذر بريك أيضاً من سياسة الاستغناء عن "ضباط الاحتياط" وأصحاب الخبرات من جيش الاحتلال، ضمن الخطط التي أطلقها رؤساء هيئة الأركان خلال السنوات الماضية.
ويؤكد خبراء إسرائيليون أن التحدي الأكبر أمام جيش الاحتلال، هو معالجة الخلل الكبير في "ذراع البر"، الذي تلقى ضربات قاسية خلال الحروب على لبنان وغزة.
يخوض جيش الاحتلال تدريبات وأدخل خططاً مختلفة لمعالجة الخلل في القوات البرية، إلا أن بريك وغيره من القادة والضباط يؤكدون أن "ذراع البر" ما زال "دون المستوى المطلوب".
يحاجج كثيرون أن الاعتماد المبالغ فيه على "التكنولوجيا" الحديثة وسلاح الطيران، وتورط جيش الاحتلال بالتوغل في المدن الفلسطينية وملاحقة نشطاء المقاومة خلال الانتفاضة، ألحقا أضراراً بالغة على القوات البرية لدى الاحتلال، وهو ما ظهرت آثاره في العدوان على لبنان ثم على قطاع غزة، في ظل امتلاك المقاومة لعناصر ووحدات صاحبة كفاءة قتالية "وعقيدة عسكرية ووطنية" تجعلها تتفوق في القتال.
يلخص بريك الضرر والتراجع الكبير الذي أصاب الدافعية والجاهزية القتالية لدى جيش الاحتلال: "الثقافة العسكرية اليوم في الجيش قائمة على التواصل عبر البريد الالكتروني والهواتف الذكية، وهذا أمر يجب التحذير منه"، ويؤكد أن "مكتب رئيس هيئة الأركان وباقي الجنرالات لا يقرأون ولا يناقشون التقارير التي تتحدث عن عدم جاهزية الجيش للحرب".
ويقول: "اليوم يعطي القائد الجنود تعليمات من السرير، هذا ما اعتادوا عليه في الجيش، لكن القيادة هي النظر إلى العينين، إنها لغة الجسد، العلاقة".
تثير التقارير والانتقادات القاسية التي يوجهها بريك لقادة جيش الاحتلال، تساؤلات حول شكل الحرب القادمة، وكيف تستغل المقاومة هذه الثغرات في بنية جيش الاحتلال لكسر الفجوة القائمة على التفاوت في القوى بين الطرفين.