شبكة قدس الإخبارية

قانونيون لـ"قدس": تعديلات الرئيس عباس تهدف لإحكام سيطرته على القضاء

 

رام الله - خاص قدس الإخبارية: من جديد عاد ملف القضاء الفلسطيني إلى الواجهة بعد ثلاث قرارات أصدرها الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبرزها قانون السلطة القضائية وإحالة 6 قضاة للتقاعد القسري المبكر وترقية آخرين.

وطفت إلى السطح تساؤلات عديدة عن توقيت هذه القرارات وعلاقتها بملف الانتخابات العامة التي من المحتمل أن تجري خلال الشهور القليلة المقبلة، عدا عن علاقتها بأزمة المجلس الانتقالي القائم حالياً برئاسة عيسى أبو شرار.

وحذر حقوقيون وقضاة من خطورة هذه القرارات وتداعياتها على الجسم القضائي بشكل كامل وتحوله إلى أداة تنفذ ما تمليه عليه السلطة التنفيذية فقط عبر قرارات التقاعد القسري للقضاة والعقوبات المتتالية بحق المعارضين للتدخل في الجسم القضائي.

تعديلات غير دستورية

من جانبه، قال المختص في الشأن القانوني د. عصام عابدين إن "هذه التعديلات وقحة وغير دستورية وتمت في الغرف السوداء وستقضي على ما تبقى من قضاء فلسطيني".

وأضاف عابدين لـ "شبكة قدس": "هذه التعديلات تكرس تبعية القضاء للرئيس الفلسطيني، وهيمنة رئيس المجلس القضائي على المجلس والقضاة والقضاء، وتحطيم إمكانية البناء المؤسسي للمجلس القضائي كدرع حام لاستقلال القضاة والقضاء وحماية الحقوق والحريات، لصالح شخص رئيس المجلس وهيمنته وطغيانه وتفرده بالقضاة والقضاء، وتبعيته الكاملة للسلطة التنفيذية".

وتابع قائلاً: "سيطرة الرئيس الفلسطيني على تعيين وإنهاء خدمة رئيس المحكمة العليا/محكمة النقض، وإذكاء الصراع على هذا المنصب الواحد (رئيس مجلس القضاء الأعلى/رئيس المحكمة العليا/ محكمة النقض) الذي دمر القضاء تاريخياً وما زال، وعرض عددا من الطامحين لهذا المنصب على الرئيس الفلسطيني ليختار واحداً منهم لتولي المنصب كل خمس سنوات".

واعتبر المختص في الشأن القانوني أن ما يجري هو طغيان كامل للسلطة التنفيذية على قضاء إداري مشوه تمَّ وأده في مهده، مشيراً إلى أنه تم عرقلة الاجتماعات الشهرية للمجلس القضائي التي ينبغي أن تتم بقوة القانون، والتشديد على سرية ما يجري داخل هذا الكهف المظلم، ورفع تقارير المجلس القضائي للرئيس الفلسطيني فقط، كإدارة تتبع الرئيس، بعيداً عن الرقابة المجتمعية.

ولفت عابدين إلى سياسة التمييز بين القضاة في احتساب الراتب التقاعدي لصالح رئيس المجلس القضائي رئيس المحكمة العليا رئيس محكمة النقض (موهوب) في الاحتساب بحيث يتقاضى راتباً تقاعدياً شهرياً محسوباً على أساس(15%) عن كل سنة خدمة ولا يقل عن (50%) ويصل تقاعده إلى (70%) من راتبه الأساسي مع العلاوات (الامتيازات والصراع والخضوع للسلطة التنفيذية).

وبين إلى وجود شرعنة لعزل القضاة تحت عنوان الإحالة إلى الاستيداع إذا أمضى القاضي مدة خدمة لا تقل عن عشر سنوات بتنسيب من رئيس المجلس وقرار المجلس بناء على توصية لجنة مشكلة من المجلس ومصادقة الرئيس الفلسطيني، عدا عن شرعنة عزل القضاة بإنهاء خدمات القاضي، في أي وقت، بناءً على تنسيب رئيس المجلس وقرار المجلس بناء على توصية لجنة مشكلة من المجلس ومصادقة الرئيس الفلسطيني، وشرعنة عزل القضاة بتنسيب من رئيس المجلس وقرار المجلس الذي يهيمن عليه رئيسه تحت عنوان عدم الكفاءة.

وفيما يتعلق بقرار بقانون المحكمة الإدارية (التقاضي على درجتين في القضاء الإداري) بدل الدرجة الواحدة (محكمة العدل العليا) الحالية، علق عابدين قائلاً: "هو مجرد ذر للرماد في العيون، ويجعل هذا القضاء الإداري، كما التعديلات التي جرت على قانون السلطة القضائية، إدارة تتبع الرئيس الفلسطيني".

وواصل قائلاً: "ينفرد الرئيس بأول تعيين لرئيس ونائب رئيس المحكمة الإدارية وقضاتها (قضاة المحكمة الإدارية والمحكمة الإدارية العليا) بعد "التشاور" مع رئيس مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل، وكذلك بتعيين رئيس المحكمة الإدارية العليا وإنهاء خدمته. وبذلك يتم تدمير القضاء الإداري الذي تكون الإدارة (السلطة التنفيذية) طرفاً مُخاصماً فيه في الخصومات الإدارية".

واعتبر أن ما يجري من قرارات حالياً لا يمكن فصله تماماً عن الحديث عن الانتخابات العامة التي من المقرر إجرائها في وقتٍ لاحق، واصفاً ما يجري بأنه تعدٍ على صلاحيات المجلس التشريعي والسلطة التشريعية وتدخل في صلب عمل القضاء.

لا مبرر لها وكارثية

من جانبه، أكد المختص في الشأن القانوني والحقوقي ماجد العاروري على أن هذه القرارات لا مبرر لها أن تصدر الآن كونه يدور الحديث عن الانتخابات وكان يجب الانتظار إلى حين إجراء الانتخابات التشريعية. 

وشدد العاورري لـ "شبكة قدس" على أن هذه القرارات والقوانين تساهم في زيادة التعقيدات في الأوضاع القضائية وتشكل خطرا على استقلالية القضاء وتساهم في تعزيز حالة الخلاف.

وواصل قائلاً: "استغرب حالة الاستعجال التي تمت في أمور لا يجب الاستعجال بها بحيث يتم إقرار هذه القوانين بمثل هذه الصورة وما جرى هو بمنتهى الخطورة ويجب التراجع عنه بأسرع وقت ممكن"، مستطرداً: "تشكيل المحكمة الإدارية صحيح كون القانون ينص على ذلك لكن الأولى انتظار المجلس التشريعي".

وواصل العاروري قائلاً: "ما أخشاه هو أن يكون ما جرى استباقا للمرحلة السياسية القادمة وهو نوع من الحفاظ على الوظائف لخدمة أشخاص بعينهم"، داعياً إلى رفض هذه القرارات وسرعة الضغط من أجل العمل على إلغائها.

وشدد المختص في الشأن القانوني والحقوقي العاروري على أن  ما يجري هو نكسة جديدة للسلطة القضائية، إذ أن السلطة التنفيذية تتعمق يوماً بعد يوم داخل السلطة القضائية، مستكملاً: "مخاطر كبيرة جرت ونجمت عن هذا القرار".

مخالفة لقانون السلطة القضائية

من جانبه، قال القاضي د.أحمد الأشقر نائب رئيس نادي القضاة إن هذه القرارات مخالفة لقانون السلطة القضائية وضد أحكام القانون الأساسي المتعلقة باستقلال القضاء.

وتابع الأشقر لـ "شبكة قدس": "القرار المعدل الخاص بقانون السلطة القضائية مصاب بالعوار القانوني كونه لا يجوز تعديل القانون الذي هو قانون أساسي بقرار بقانون صادر عن رئيس الدولة بالإضافة إلى عدم وجود حالة ضرورة لا تحتمل التأخير".

ولفت نائب رئيس نادي القضاة إلى أن هذه النصوص تؤدي إلى هيمنة رئيس المجلس القضاء والسلطة التنفيذية على كل مفاصل العمل القضائي وإخضاع القضاة لعقوبات مقنعة، بالإحالة إلى التقاعد أو الندب أو الاستيداع، وهذا يعني أن كل القضاة الفلسطينيين الآن أصبحوا لا يتمتعون بضمانات الاستقلال وهم بحكم الموظفين وليسوا أعضاء في سلطة دستورية بالمعنى الحقيقي، حسب قوله.

وأشار د. الأشقر إلى أن ما جرى هو إجهاز كامل على استقلال السلطة القضائية وتقويض لمبدأ الفصل بين السلطات وتدمير متعمد للسلطة القضائية كسلطة دستورية، والغريب أن القرار سبق الدعوة لإجراء انتخابات الأمر الذي يعني سلب صلاحية المجلس التشريعي القادم.

ولفت إلى أن القرار بقانون تم تفصيله بمقاس رئيس المجلس الانتقالي عيسى أبو شرار وتم استثناء سن رئيس المجلس ليصبح معيناً إلى الأبد حتى لو بلغ التسعين من العمر.

وبشأن إحالة القضاة للتقاعد القسري، علق قائلاً: "شخصياً أتوقع إحالتي للتقاعد القسري كوني أتعرض للعقوبات منذ حكمي ببطلان اتفاقية أوسلو عام 2015، ومنذ أن قررت حق الشعب الفلسطيني في المقاومة المسلحة المشروعة وما تم بعد ذلك من عقوبات كان آخرها الندب لا أستبعد أن يصل إلى ذلك للإحالة المبكرة للتقاعد".

وتوقع أن يكون هناك مزيد من المجازر في الجسم القضائي وأن يتم الإجهاز خلال الفترة القريبة على القضاة الذين يعارضون هذه التعديلات أو القضاة المستقلين الذين يصدرون الأحكام دون خوف من السلطة التنفيذية، وخلال أشهر بموجب هذا التعديل المزيد من العقوبات بحق قضاة لهم تاريخهم المشهود.

ودعا الأشقر إلى سحب التعديلات وتشكيل مجلس قضاء أعلى طبيعي وفقاً لأحكام السلطة القضائية بقانون رقم 1 لسنة 2002، مطالباً القوى الوطنية والإسلامية بالتدخل والمطالبة بذلك قبل فوات الأوان.

 

 

#انتخابات #قانون #الرئيس #قضاء #الرئيس_عباس #قضاة #دستور #السلطة_التنفيذية