الضفة المحتلة - قُدس الإخبارية: ضجت وسائل التواصل الاجتماعي في اليومين الماضيين وبالتزامن مع يوم المعلم الفلسطيني بالأخبار المتتالية حول استهداف المعلمين من قبل السلطة الفلسطينية بسبب مواقفهم السياسية أو النقابية، واحتلت إحالة المعلمة سحر أبو زينة من جنين إلى التقاعد القسري حيزا كبيرا من النقاش خاصة أن الإجراء الذي اتخذ بحقها يعد شكلا من أشكال العقوبة التي تلجأ لها وزارة التربية والتعليم بأوامر من دائرة أمن المؤسسات في الأجهزة الأمنية.
وعلق المعلم المحال إلى التقاعد القسري على خلفية نشاطه في إضراب المعلمين قبل أربع سنوات صامد صنوبر: "ما دلالة اختفاء توقيع وزير التربية والتعليم د. مروان عورتاني عن الكتاب الظالم بحق زميلتنا سحر أبو زينة حيث لوحظ أن الكتاب ممهور بتوقيع الوكيل؟ هل يمكن أن نعتبر ذلك مؤشرا على عدم رضى الوزير أم عن خجله من الموضوع؟، وفي كلا الحالتين هذا لا يعفي الوزير من مسؤولياته بالخصوص".
ويبدو أن الأمور لم تقف عند هذا الحد، بل تعدتها إلى استدعاء معلمين ومعلمات؛ فقد نشرت المعلمة رواء هويدي من نابلس على صفحتها في فيسبوك، طلب استدعاء للتحقيق من قبل جهاز الأمن الوقائي، مستهجنة هذا الاستدعاء وفي هذا التوقيت.
واختارت المعلمة هويدي في منشورها أن تنقل تساؤلاتها عن شكل وتفاصيل جدران المبنى الذي سيتم استجوابها فيه، وتخيلها لوجود عناكب في زوايا الجدران ومسلحين، كون تجربتها في هذا الإطار صفرية.
وكتبت في صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "تختلط المشاعر عليّ ولكني أعلم أني سأذهب كمربية قبل أن أكون معلمة ولكني أخشى مما سأخرج به، وقلقة جدا أن تنكسر شعرة الأمل التي أعتقد!! نعم الأمل.. ما سأقول لنفسي حين أُجالسها، ما سأبدوا عليه؟ أيّ منحى فكري يستحق التأمل والعمل سينفتح أمامي لم أكن أدركه لأدركه، هل ستكون تجربة ثرية تزود قلمي وعيا جديدا؟ وتمنح بصيرتي ما لم أستطع سبره فيما قدمته لي عمتي ويكيبيديا والحج جوجل!".
وحاولت "شبكة قدس" التواصل مع وزارة التربية والتعليم على مدار اليومين الماضيين للحصول على تعقيب بالخصوص، دون رد.
ويعدّ استهداف المعلمين من القضايا التي تطفو على السطح بين الحين والآخر، ففي فبراير عام 2018، أصدر مجلس الوزراء الفلسطيني قرارا بإحالة 120 معلما إلى التقاعد المبكر على خلفية مشاركتهم في إضراب المعلمين عام 2016، وهو ما وصفته مؤسسات حقوقية في حينه بـ"الجريمة".
ويعاني السلك التعليمي من تدخل الأجهزة الأمنية، التي تضع بصمتها في التعيينات والترقيات وحتى المستقبل الوظيفي ونظرتها للمعارضين للسلطة الفلسطينية، سواء المعارضين على أساس سياسي أو أولئك النقابيين.
ويعد إجراء التقاعد القسري لدى السلطة، بحسب مراقبين وحقوقيين، نسخة أخرى عن الانتهاكات التي كانت تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق المعلمين الفلسطينيين بناء على موقفهم السياسي والوطني؛ فمنذ عام 1972، تعرض عشرات المعلمين الفلسطينيين للقمع والتنكيل على يد الاحتلال لدورهم الوطني المتمثل بحماية العملية التعليمية من تدخل المحتل ومحاولاته فرض الوصاية عليها، إضافةً إلى مطالبتهم بحقوقهم النقابية العادلة؛ وصولًا إلى يوم الرابع عشر من كانون الأول من العام 1980م، بانطلاق أول مسيرة للمعلمين، متحديةً الاحتلال وحكمه العسكري. وتعرض المعلمون للضرب المبرح والاعتداء بالقوة المفرطة والاعتقال على أيدي جنود الاحتلال، وبعدها أعلنت اللجنة العامة للمعلمين إضراباً متتالياً لمدة 75 يومًا؛ ما أدى إلى انكسار وانصياع سلطات الاحتلال لمطالب المعلمين.