الضفة المحتلة - قدس الإخبارية: على مدار ستة أشهر، ظلت أزمة المقاصة حاضرة في معظم العناوين الإخبارية، لارتباطها بالحركة الاقتصادية العامة والحياة اليومية للموظفين العموميين، الذين كانوا الشريحة الأكثر تأثرا بهذه الأزمة التي انتهت بتحويل كافة الأموال المتراكمة منذ مايو الماضي بحسب الإعلان الرسمي من جانب السلطة الفلسطينية، رغم وجود تقارير إسرائيلية تفيد بأن قيمة رواتب الأسرى ستخصم بدءا من نهاية ديسمبر الجاري لمدة عام قادم بواقع 50 مليون شاقل لكل شهر.
هذه الأزمة ارتبطت بإعلان الإدارة الأمريكية عن صفقة القرن في يناير 2020 ونية حكومة الاحتلال بتنفيذ الشق المتعلق بالضم من الصفقة، وعلى أثر ذلك في مايو 2020 أعلنت السلطة الفلسطينية قطع كافة أشكال العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك الشق الأمني والمالي، ومن هنا بدأت الأزمة تحت شعار أن لا علاقات مع الاحتلال ما دام لم يلتزم بالاتفاقيات الموقعة معه وينوي ضم أجزاء من الضفة الغربية.
وفي 17 نوفمبر، أعلنت السلطة عن عودة العلاقات مع الاحتلال، تحت عنوان أن "إسرائيل أكدت التزامها بالاتفاقيات الموقعة" وهذا بحد ذاته شكل الضربة الأولى لشعارات السلطة التي أطلقتها في مايو، فقد تزامن هذا الإعلان مع تقارير إسرائيلية نشرتها صحيفة "إسرائيل اليوم" المقربة من نتنياهو عن تشكيل لجنة من الإدارة المدنية للسيطرة على جزء من مناطق (ج) وهو ما رحب به المستوطنون واعتبروه بداية الوفاء بوعود نتنياهو بالضم.
وتكمن المفارقة في أن الإدارة المدنية التي تتبع في النهاية لما يسمى بمنسق أعمال حكومة الاحتلال في المناطق، هي المسؤولة عن شرعنة ضم أجزاء من الأراضي المصنفة (ج) بتكليف من حكومة الاحتلال، والمنسق هو الذي أعادت السلطة العلاقات مع الاحتلال على أساس رسالته بصفته ممثلا عن حكومة الاحتلال.
وتدعم الحقائق السابقة حقيقة أن الأسباب التي أدت لنشوء أزمة المقاصة لم تنته، أما الوعود الرسمية التي رافقت الأزمة المالية على وجه التحديد، فقد تم القفز عنها هي الأخرى، وقد اتضح ذلك في إعلان وزارة المالية اليوم الأربعاء عن نسبة الصرف، والتي كانت على النحو التالي: راتب كامل عن شهر نوفمبر و50% من المستحقات.
إعلان وزارة المالية جاء بعد أقل من يومين على تصريح رئيس الوزراء محمد اشتية في افتتاحية جلسة مجلس الوزراء (84) بأن مستحقات الموظفين ستصرف كاملة حال انتهاء أزمة المقاصة وتحويل الأموال المتراكمة، وهو الأمر ذاته الذي كان يتم التأكيد عليه في كل افتتاحية لمجلس الوزراء، لكن هذا لم يحدث والإعلان كان مخالفا للوعودات.
ولم يتأخر اتحاد المعلمين كثيرا بعد إعلان وزارة المالية، حتى اتخذ القرار بالإضراب الشامل مع عدم التواجد في المدارس ليوم غد الخميس، معتبرا أن ما جرى يعد نكثا للوعود التي قطعتها الحكومة على نفسها، وأن تجزيء الصرف بمثابة جريمة بحق الموظفين الذين يعانون من أوضاع معيشية صعبة والتزامات تراكمت عليهم خلال الفترة الماضية.
أزمة المقاصة أو معركة المقاصة كما يحب السياسيون القريبون من السلطة تسميتها، دائما ما تنتهي بتساؤلات كبيرة حول قدرة السلطة على الوفاء بوعودها.
ففي أكتوبر 2019 عادت السلطة لاستلام أموال المقاصة بعد 8 أشهر من رفض استلامها، تحت عنوان "لن نستلم أموال المقاصة ناقصة قيمة رواتب الأسرى" بحسب تصريح الرئيس محمود عباس، لكن الحقيقة أنها استلمتها ناقصة (أكتوبر 2019)، وهو ما اعتبر في حينها أن شح الخيارات دفعها لهذا الأمر، لكن المرة السلطة لا تتحدث عن شح خيارات بل عن انتصار تاريخي كما أكد رئيس هيئة الشؤون المدنية حسين الشيخ.