مع ازدياد الأحاديث الإسرائيلية حول قرب إجراء الانتخابات البرلمانية، لكنها لا تبدو ضرورة حتمية، بل نتيجة خرق صارخ للاتفاقات من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يريد أن تجرى الحملة الانتخابية وسط دعم جماهيري واتفاقات سياسية مع الدول العربية.
وإذا لم يكن هناك تغيير دراماتيكي لدى بيني غانتس وزير الحرب وزعيم حزب أزرق-أبيض، فستجرى الانتخابات المقبلة في مارس، في السيناريو الأكثر منطقية، حيث سنشهد مزيدًا من التوتر، بعد أن وعده نتنياهو أمام الكاميرات بالتناوب على رئاسة الحكومة، لكنه منذ ذلك الحين يواصل التفكير في كيفية المناورة معه، وهي فرصة لتذكر حديث لأحد قادة الليكود الذي أعلن أن موعد تشكيل حكومة الائتلاف تزامن مع وجودنا على مقربة من القبر، لكننا تمكنَّا من الخروج منه لنصنع جنازة لأزرق أبيض.
هذه جملة درامية تروي القصة بأكملها، ومفادها أن نتنياهو لم ينوِ أبدًا إعطاء التناوب على رئاسة الحكومة لغانتس؛ لأنه تعمد أن يمكر له سياسيًّا مرتين، ومنذ أيار/ مايو حين أعلنت حكومة الائتلاف امتاز عمل نتنياهو بالمناورة، في حين كان غانتس يعمل بكل نوايا جدية، ولم يعلم أنه في صفقة مع نتنياهو، ولا يمكن أن يخرج منتصرًا، ولذلك فإن السؤال المهم: ليس ما إذا كانت الانتخابات، ولكن متى؟
يواصل الإسرائيليون طرح مزيد من الأسئلة: إلى متى سيتمكن نتنياهو من الانسحاب لضمان انطلاق حملته الانتخابية، خاصة في ضوء اتفاقات التطبيع مع الدول العربية، لا سيما عقب قرار غانتس تشكيل لجنة تحقيق في فضيحة الغواصات، لكنها لجنة دون أسنان، لأن نتنياهو رد على قرار غانتس ضده بزيارة دراماتيكية مع رئيس الموساد للسعودية لتوقيع اتفاقية تطبيع في القريب العاجل، ما يطرح السؤال حول وجود وزير الخارجية غابي أشكنازي الغائب عن الاجتماع.
يعدُّ الذهاب إلى انتخابات برلمانية إسرائيلية قرارًا استراتيجيًّا يستحق الدراسة من نتنياهو وغانتس، فقد قرر الأول أنه في ميدان العمل سيركز على القضية السياسية وعلاج كورونا، وفي المجال الحزبي سيحاول قضم نفتالي بينيت، عدوه اللدود، الذي يستخدم أسلحته الحادة.
غانتس، رئيس الوزراء البديل، يبدو أنه فقد صبره، ولا يظهر ذلك فقط من تصريحاته الحازمة في المقابلات الأخيرة، ولكن انطلاقًا من حقيقة أنه بات يلجأ للترويج لسن تشريعات في الكنيست ضد نتنياهو، ولكن في هذه الأثناء يحتاج غانتس إلى تهدئة الاضطرابات في حزبه، صحيح أنه ينفي وجودها، لكنها موجودة بالفعل، وتشكل فقاعات مثل غلاية الغليان.
التقدير الإسرائيلي الأكثر ترجيحًا يتمثل في أن حكومة الوحدة الإسرائيلية التي ولدت في مايو ستنهي مسارها قريبًا، بعد أن فشلت جهود إحيائها، ولم يعد أمام الطواقم المختصة سوى تحديد ساعة الموت.