رغم انتخاب جو بايدن لرئاسة الولايات المتحدة، الذي يوفر شريان حياة للسلطة الفلسطينية، فلا أحد في "إسرائيل" حريص على الاندفاع لطاولة المفاوضات مع الفلسطينيين، رغم دعوة وزير الخارجية غابي أشكنازي للعودة لهم بالعودة إليها دون شروط مسبقة.
لا تتوقع الترجيحات الإسرائيلية تحقق ذلك، لأن أشكنازي صوت وحيد في الحكومة، ويفتقر لأي أهمية عملية ما دام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو غير متحمس لذلك، الذي لم يقابل السلطة الفلسطينية بأي خطوة تصالحية رغم استئنافها للتنسيق الأمني.
أما بيني غانتس وزير الحرب، فقد حث الفلسطينيين على العودة للمفاوضات، ورغم أن تصريحه ليس احتفاليا، فقد كان بإمكانه نقل رسالة مباشرة لعباس، ويقترح عقد اجتماع، لكنه تجنب ذلك، لأنه ونتنياهو، لا يريدان إغضاب ترامب.
غانتس لم يضع خطة تسوية متماسكة، أو حلًّا للصراع مع الفلسطينيين، وبالنظر لتحديه لنتنياهو في ثلاث جولات انتخابية، تحالف فيها مع يسار الوسط السياسي، ورغم أنه يعلن تأييده لحل الدولتين، لكن القضية ليست على قائمة مهامه المباشرة، ولهذا السبب، ففي هذه المرحلة، فإن الخطة الوحيدة ذات الصلة هي صفقة القرن الخاصة بترامب.
كما أن غانتس لم يعلن أجندة دبلوماسية، أو أي مبادرة لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، حتى عندما انضم لحكومة نتنياهو لم يطالب بذلك، في حين اختار الأخير تجاهل الإشارات التصالحية التي أرسلتها السلطة الفلسطينية، ما قد يرجح أن ينتظر دخول بايدن للبيت الأبيض قبل التعامل مع القضية الفلسطينية.
كما أن هناك اعتبارات حزبية تقود نتنياهو، كأن يفكر مرة أخرى بحملة انتخابية في الأشهر المقبلة، وسيحتاج لكل الدعم الذي يمكنه الحصول عليه من قاعدته السياسية من أجل البقاء، ومن ثم ليس لديه أي حافز لبدء مفاوضات مع الفلسطينيين التي تنطوي على محادثات حول حل الدولتين.
ينتظر نتنياهو تغيير الحرس في واشنطن، وتنصيب بايدن، ويعلم أن القضية الفلسطينية ستطفو على السطح، وستعود لجدول الأعمال، لكنه سينجح، وإذا لزم الأمر، سيستأنف المحادثات مع الفلسطينيين كما فعل في الماضي، مع أنه لم يخرج بكثير منها.
ورغم تصدر المفاوضات مع الفلسطينيين سابقًا للحملات الانتخابية الإسرائيلية، وإثارتها جدالات عاصفة بين اليسار واليمين، لكنها لم تعد تحتل أولوية متقدمة لديهم اليوم، في ظل التهديدات الأمنية، والمشكلات الاقتصادية، ووباء كورونا، ما دفع معظم الإسرائيليين لتنحية الصراع مع الفلسطينيين جانبًا، خاصة مع استمرار التطبيع مع الدول العربية.
يؤكد كل ذلك تضاؤل فرص قيام مرشحين سياسيين إسرائيليين قياديين بوضع المحادثات مع الفلسطينيين على رأس جدول أعمالهم، بسبب تركيزهم في السنوات المقبلة على كورونا، والانتعاش الاقتصادي، وردم انقسامات الإسرائيليين.