رام الله - خاص قدس الإخبارية: شكل إعلان السلطة الفلسطينية عبر وزير شؤونها المدنية حسين الشيخ استئناف العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي؛ صدمة في الأوساط المحلية وغضبا شعبياً وفصائلياً.
وكشفت مصادر خاصة لـ "شبكة قدس" أن السلطة حصلت على الرد على الرسالة 3 مرات، كانت المرة الأولى بعد إرسالها بشكل مباشر بتاريخ 7 أكتوبر الماضي، وكانت من منسق أعمال حكومة الاحتلال كميل أبو ركن، الذي أخبرهم أن الورقة لن يوقعها شخصية سياسية مثل بنيامين نتنياهو وبني غانتس، وأنه المكلف بالتوقيع عليها.
ووفقاً للمصادر ذاتها التي تحدثت لـ "قدس" فإن السلطة بعد النتائج الأولية للانتخابات الأمريكية عادت وطلبت توقيع سياسي إسرائيلي، وكان الرد الإسرائيلي نفس الجواب السابق إلا أن فريق الاتصال في السلطة الذي يمثله حسين الشيخ، ترك الأمر دون رد بالقبول أو الرفض.
وذكرت المصادر أنه وبعد التطورات الأخيرة ورفض الاحتلال إدخال أموال المقاصة، رغم طلب السلطة للأموال وتوقيع الشيكات الخاصة بها بوساطة أوروبية، عقد الرئيس عباس اجتماعاً مع عدد قليل من الشخصيات المقربة، ووافق على العودة للعلاقات مع الاحتلال واعتماد رسالة المنسق أبو ركن بالصيغة الإسرائيلية مع بعض التعديلات الطفيفة، حيث أعلن حسين الشيخ عودة العلاقات مع الاحتلال فور ورود الرد مباشرة مساء يوم الثلاثاء 17/11/2020 .
ووفقاً للمصادر فإن جميع أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح لم يكن لديهم علم بالموضوع، ولم يتم التشاور معهم بشأن القرار، حيث تم اتخاذ القرار من قبل المقربين من عباس.
وفي حين تهرب الكثير من قيادات حركة فتح من الحديث أو التعليق على القرار، خرجت الدائرة المحيطة بالرئيس محمود عباس لوصف القرار بأنه "انتصار وإنجاز"، وساد سؤال في الشارع الفلسطيني، حول المسؤول عن اتخاذ القرار في غياب المرجعيات الفلسطينية ومعارضة جميع الفصائل بما فيها فصائل منظمة التحرير؟
محللون تحدثوا لـ "قدس" واعتبروا أن القرار مرتبط بشخص الرئيس محمود عباس، الذي لا يشاور سوى شخصيات متنفذة وقريبة منه داخل السلطة وحركة فتح، في إشارة إلى وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ ومدير جهاز المخابرات العامة ماجد فرج على وجه التحديد، بمعزل عن باقي المرجعيات الفلسطينية وأطر حركة فتح ومنظمة التحرير والفصائل.
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف وصف ما جرى بالتجاوز الواضح لقرارات المجلسين الوطني والمركزي، واجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، الذي اتفق فيه على تحديد شكل العلاقة مع الاحتلال.
وقال أبو يوسف في تصريحاته لـ "شبكة قدس" إن ردود فعل الفصائل الفلسطينية تعكس تفاجأهم بقرار السلطة بعودة التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، واتخاذه بشكل بعيد عن النقاش داخل المؤسسات الفلسطينية الداخلية.
واعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير القرار بأنه متسرعاً ومتجاوزاً لدوائر صنع القرار الفلسطينية، مبيناً أنه في ظل المعرفة بالمخاطر الكبيرة يجب ألا نعود إلى التراشق الإعلامي بين الفصائل.
واستكمل قائلاً: "موقف الإدارة الأمريكية كان معادٍ مطلق للشعب الفلسطيني في إطار تصفية القضية الفلسطينية ونجاح الإدارة الجديدة برئاسة بايدن، قد لا يختلف كثيراً، فنحن جربنا الإدارات الأمريكية المختلفة"، مشدداً على ضرورة عقد اجتماع للهيئات القيادية المختلفة لبحث أسباب اتخاذ القرار بشكل منفرد.
أما مدير مركز مسارات للأبحاث والدراسات هاني المصري، قال إن الرئيس عباس هو من يتخذ القرارات منذ سنوات بعيداً عن التوافق الوطني وبشكل منفرد في ظل غياب المؤسسات الرقابية مثل المجلس التشريعي وغياب باقي المؤسسات الرسمية.
وأضاف المصري في حديثه لـ "شبكة قدس" أن هذا القرار سيؤدي إلى توقف الجهود المبذولة للمصالحة لأن هذا الملف استند إلى أساس سياسي مشترك وهو الموقف من رؤية ترامب وخطة الضم والتحلل من الاتفاقيات المبرمة مع الاحتلال.
وتابع قائلاً: "هذا القرار هو عودة للعلاقات دون أي مكاسب فلسطينية ولأن الرسالة التي تم الاستناد إليها مخجلة ولا تدل على أي تغير في الموقف الإسرائيلي، وأن ردها استمرار لموقفها السابق ولا يوجد أي شيء جديد تقدمه للسلطة".
وأوضح المصري أن سلوك السلطة بات واضحاً أنه غير جاهز للمواجهة أو حتى تغيير نهجها الذي تسير فيه ولم تعد قادرة بعدم الاستمرار في الحصول على الأموال وهو ما دفعها نحو استعادة العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة المقبلة.
واعتبر أن ما جرى هو اختيار السلطة للبقاء دون أي شيء آخر، وبقاء مصالح القائمين عليها هو الهدف وهو ما يرجع الفلسطينيين إلى المربع الأول، مستكملاً: "لنتحدث بصراحة القرارات تتخذ من الرئيس فلا يوجد مؤسسة ولا توجد هيئات للمحاسبة أو مجلس تشريعي أو لجنة مركزية في فتح أو مجلس وطني ولجنة تنفيذية للمنظمة".
وواصل قائلاً: "نحن لا نعود إلى ما كانت عليه الأمور قبل شهر مايو/ آيار 2020 بل إلى قبل اجتماع قرار المجلس المركزي والوطني، وتحديداً 2015، وبالتالي السير نحو الأسوأ".
وتوقع مراقبون، أن تستأنف السلطة علاقتها بالاحتلال الإسرائيلي بعد وصول جوزيف بايدن إلى البيت الأبيض وتسلم منصبه رئيساً للولايات المتحدة بصورة رسمية، لا أن يتخذ القرار في الوقت الراهن الذي كان محور التركيز فيه منصبا على إمكانية الوصول لبرنامج مشترك مع حركة حماس يفضي إلى إجراء انتخابات شاملة متدرجة.