نيويورك - قدس الإخبارية: نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للباحثة سارة خورشيد، قالت فيه إن الحكام "الديكتاتوريين" القاهرة إلى الرياض يشعرون بالعصبية حول ما يمكن أن تمثله إدارة جوزيف بايدن لعلاقاتهم مع الولايات المتحدة.
وقالت المجلة إن تأكيد بايدن الأربعاء على أهمية الديمقراطية، ضرب على وتر حساس ليس للديمقراطيين في أمريكا بل وحول العالم، الذين ابتهجوا وشعروا بالراحة من انتصار الديمقراطية في أمريكا.
وبالنسبة "للديكتاتوريين" الذين يرون الديمقراطية تهديدا، كما في حالة مصر والسعودية فقد أخافهم انتصار بايدن، ومن السهل معرفة السبب.
فرئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كانا سيمارسان أساليب غير ديمقراطية ويخرقان حقوق الإنسان سواء كان ترامب أو غيره في البيت الأبيض.
والفرق هو أن ترامب منحهما الثقة والجرأة لعمل هذا بدون خوف أو شجب من واشنطن. وكانا يعرفان أن أمريكا لن تتحدى سياساتهما مهما فعلا.
ففي أثناء حكم ترامب على مدى السنوات الأربع الماضية وجد دعاة حقوق الإنسان أنفسهم معزولين على الساحة الدولية، وبدا المشهد مختلفا كليا عما كان عليه قبل 2016.
ففي 2018 دعت وزيرة الخارجية الكندية السعودية الإفراج عن المعتقلات والناشطات الحقوقيات، لترد الرياض بطرد السفير الكندي وتعليق الطيران بين البلدين ووقف البعثات التعليمية في الجامعات هناك والطلب من الطلاب السعوديين العودة إلى المملكة ووقف التعاملات التجارية مع هذه الدولة في شمال أمريكا.
وما كان صادما في الرد السعودي والعقوبات هو تردد واشنطن في دعم جارتها وحليفتها القديمة، لكن الجائزة الكبرى جاءت بعد أشهر عندما قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي وقطعت جثته في القنصلية السعودية باسطنبول.
وأكد تقييم للمخابرات الأمريكية تورط ولي العهد بالجريمة، ورغم الأدلة الغامرة من وكالات الاستخبارات الأمريكية فلم يصدر عن ترامب سوى نقد لطيف وغير مباشر تراجع عنه سريعا، ثم عاد وأكد على أهمية السعودية في الحرب ضد إيران وأن الولايات المتحدة ستواصل التشارك مع المملكة للتأكد من خدمة مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل وبقية الشركاء بالمنطقة.
وأضافت المقالة : "هناك مصر التي تعد من حلفاء ترامب الأقوياء ووصف الرئيس المهزوم رئيسها السيسي بـ "ديكتاتوري المفضل" في قمة الدول السبع بفرنسا عام 2019. وبدأ السيسي حملة قمع لمعارضيه والناشطين عندما كان باراك أوباما في البيت الأبيض".
ويقدر عدد المعتقلين السياسيين في سجونه بحوالي 60.000 معتقل. وأصبح التغييب القسري حالة طبيعية وتزدحم السجون المصرية التي ينتشر فيها التعذيب.
وفي الوقت الذي كان فيه التعذيب والاعتقال في أعلى مستوياته واستمر منذ وصول السيسي للسلطة عام 2014 إلا أن وحشيته لم تتوقف ولا تقارن بالقمع الذي مورس في ظل حسني مبارك قبل عقد من الزمان.
وكان نظام السيسي معزولا دوليا وسياسيا منذ الإنقلاب الذي أطاح به السيسي بالرئيس المنتخب محمد مرسي، عام 2013.
وردت إدارة أوباما في حينه على ما رأته سيطرة غير قانونية على السلطة بقطع المساعدات الأمريكية عن مصر، وعادت العلاقات الثنائية في 2015 لكن أوباما أرسل رسالة واضحة عن عدم ارتياحه من الأنظمة الديكتاتورية.
ورأى النقاد موقفه عبثيا لكن العالم يرى أنه مهم مقارنة بسلوك وموقف ترامب. وهناك بالإضافة لمحمد بن سلمان والسيسي الرئيس البرازيلي والهنغاري ورئيس روسيا البيضاء (بيلاروسيا) الذي رفض التنازل عن السلطة بسبب التزوير في الإنتخابات الأخيرة مما يعكس موقف ترامب الرافض الإعتراف بنتائج الإنتخابات الرئاسية.
ولكن الأمر لا يتعلق بالسياسة الخارجية، فالقلق في أوساط الحكام غير الديمقراطيين لا يتعلق بالخلافات بين بايدن وترامب ولكن من تأكيد الرسالة التي تحدث عنها بايدن وهي أن الديمقراطية تنجح.
فالمصريون الذين رقصوا بسبب نهاية حكم ترامب يشعرون بالإلهام من الديمقراطية التي تصحح نفسها.
فمهما حاول ترامب استخدام السلطات التي منحها الدستور له لتشريع سياسات مفيدة له، مثل التعجيل بتعيين قاضية في المحكمة العليا قبل الإنتخابات، فإن النظام يمنح في النهاية الشعب الأمريكي السلطة لإخراجه من السلطة.
وهذا لم يحدث في مصر السيسي، فعندما أعلن الجنرال السابق سامي عنان نيته للدخول في السباق الرئاسي ضد السيسي في 2018 اعتقل وسجن.
ولم يتخل المصريون عن مقاومتهم، فبعد عام تظاهروا رغم المخاطر بالاعتقال والتعذيب. ومن هنا فانتخاب بايدن يشعل الأمل.
وهذا يتعلق بأمريكا والعالم كذلك. ولو كان بايدن يتعامل مع أمريكا على أنها منارة للعالم، وصدقه الأمريكيون وغير الأمريكيين، فيجب عليه قطع العلاقات مع الحكام الديكتاتوريين بمن فيهم السيسي ومحمد بن سلمان.
وهذه ليست دعوة للتدخل الأجنبي، في أمريكا تتدخل في مصر والسعودية منذ عقود وعبر الدعم العسكري وغير ذلك من النفوذ.
ويجب أن يستخدم الدعم كورقة ضغط. وهذه ليست دعوة لبايدن للتنمر على نظرائه في الدول الأخرى بطريقة تؤدي إلى النقد والاتهامات بممارسته إمبريالية أمريكية جديدة.
لكن عليه أن يكون صادقا بتعهداته لدعم الديمقراطية والمثل الديمقراطية مثل الدعوة للإفراج عن المعتقلين في مصر والسعودية.
ويجب إثبات أهمية الديمقراطية في أمريكا والخارج والتي لم يكن ترامب يلق لها بالا، ومع رحيله يجب الدفاع عنها مرة أخرى.