رام الله – خاص قدس الإخبارية: رغم موجة التطبيع الإسرائيلي مع الدول العربية وعدم اكتراثه بالعودة إلى طاولة المفاوضات، عاد الرئيس محمود عباس للحديث عن المفاوضات من خلال عقد مؤتمر دولي للسلام بعيداً عن الدور الأمريكي.
ويدور محور طرح الرئيس عباس على عقد مؤتمر دولي للسلام خطوة أولية يمكن البناء والتراكم عليها للوصول إلى الانتقال لخطوات عملية جدية مع بداية العام المقبل تحت إشراف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش.
وتتزامن هذه الخطوة مع تقارب قائم بين حركتي فتح وحماس، وسط خشية من بعض الأوساط الفلسطينية بأن تكون خطوة المؤتمر الدولي للسلام على حساب إجراء الانتخابات الشاملة وتحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام.
ورغم ذلك، يستبعد مختصون في الشأن السياسي والأكاديمي إمكانية انعقاد هذه المؤتمر في المرحلة الراهنة خصوصاً مع قرب الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2020 وعدم معرفة طبيعة النتائج التي ستسفرها هذه الانتخابات.
ويبدو الرئيس عباس متأهباً لإمكانية فوز جو بايدن المرشح الديمقراطي على حساب الرئيس الحالي والمرشح عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب، حيث تبدو مواقف بايدن مشابهة لموقف باراك أوباما بخلاف مواقف ترامب الذي شهدته في عهده العلاقات مع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير تدهوراً هو الأكبر.
في السياق، قال مدير مركز مسارات للدراسات والأبحاث هاني المصري إن الرئيس الفلسطيني لا يخفي إيمانه بالمفاوضات، إلا أن الجديد هو رغبته في عقد مؤتمر دولي للسلام بعيداً عن الهيمنة الأمريكية ومشاركة اللجنة الرباعية.
وأضاف المصري لـ "شبكة قدس": "ما حدث في مجلس الأمن خطوة جيدة تدل على أن الغالبية تؤيد مقاربة مختلفة عن مقاربة نتنياهو ترامب، ولكن المؤتمر الدولي الذي يراد هو مجرد منصة للسلام، وبالتالي لن يكون على مستوى الذي يطمح له الفلسطينيين".
وتابع قائلاً: "الفلسطينيون يريدون مؤتمر مرجعيته واضحة ويطبق قرارات الشرعية الدولية، وبالتالي هذه المقاربة يجب أن نكون حذرين منها، إضافة إلى ذلك مدى قبول إسرائيل والتزامها بهذه المرجعية"، مشيراً إلى أن فرص حدوث المؤتمر طالما صفقة ترامب على الطاولة تبدو مستحيلة.
وأتبع قائلاً: "هناك رهان على سقوط ترامب وفوز بايدن، إذا نجح ترامب ستبقى صفقته على الطاولة وهو لن يعطي مجالاً للتفاوض مع الفلسطينيين وحتى مع فوز بايدن فإن "إسرائيل" لا تريد مؤتمر دولي للسلام ولن تقبل به".
وعن تأثيرات هذه الدعوة على التقارب مع حركة حماس، رأى المصري أن ذلك لن يؤثر كثيراً على العلاقة معها خصوصاً وأن الرئيس عباس طرحه في الاجتماعات الأخيرة وتحديداً لقاء الأمناء العاملين للفصائل، وما يجري هو استمرار تمسكه بهذا الخيار.
وطرح المصري سؤالاً: "هل يمكن إجراء التفاوض في ظل الضعف الحالي وفي ظل التطرف الإسرائيلي والأمريكي وفي ظل موجة التطبيع الحاصلة، خصوصا وأن إسرائيل لن تقبل بفكرة المؤتمر الدولي".
مطلب قديم
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة إبراهيم أبراش إن مطلب المؤتمر الدولي للسلام هو مطلب قديم وهو مطلب كانت تطرحه منظمة التحرير وكان يدعمها في ذلك الاتحاد السوفيتي أما الولايات المتحدة فكانت تتهرب وترفض عقده، وكانت إسرائيل تريد الرعاية لواشنطن أو الرباعية الدولية فقط.
وأضاف أبراش لـ "شبكة قدس" :"حتى عندما عقد مؤتمر مدريد كان اقتراح السلام للمؤتمر أن يكون "المؤتمر الدولي السلام"، ورفض الاحتلال وأمريكا ذلك، ليستبدل الاسم بمسمى مؤتمر مدريد للسلام وجرى اسقاط كلمة دولي".
واستكمل قائلاً: "من ذلك الوقت إلى الآن تأخذ المفاوضات طابعا ً ثنائياً أو متعدد الأطراف"، مشيراً إلى أن الرئيس عباس عاد مع انغلاق الأفق للتركيز على المؤتمر الدولي للسلام للهرب من الرعاية الأمريكية للسلام"، مع تمسكه به كخيار للحل.
واستبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر إمكانية عقد مؤتمر دولي للسلام في ظل الأوضاع الراهنة مع إمكانية بقاء ترامب في سدة الحكم، وحتى مع وصول بايدن للرئاسة فالأمر سيحتاج وقتاً طويلاً لإقناع الأطراف بجدوى هذه الفكرة.
وأشار أبراش إلى أن أحد أهم العقبات لهذا الطرح هو الموقف الإسرائيلي الرافض لهذا الأمر، وبالتالي فإن انعقاده مستحيلاً في مثل هذه الظروف، متسائلاً: "ما هي المرجعية التي سيعمل من خلالها الاتفاق، ومدى قبول الاحتلال بها، إلى جانب وجود موافقة أمريكية وإسرائيلية على مناقشة قضايا جوهرية مثل اللاجئين والقدس والاستيطان".