لم يجد بندر بن سلطان في حواره مع العربية أن ينبش من الماضي سوى صورة أبو عمار مع صدام حسين إبان احتلاله الكويت ليروج صورة خيانية عن الفلسطيني، هذا رغم أن الكويت طوت صفحتها تلك حتى مع العراق ذاته، حتى أنها اليوم تتقدم القِلة القليلة من الدول العربية الثابتة على موقفها تجاه القضية الفلسطينية شعبًا وحكومةً ونظامًا رسميًا، فكيّف نصّب نفسه ملكيًا أكثر من الملك لا أدري!؟
ثم أنه ربما فات بندر أن العرب منذ تلك السنين (وحتى اليوم بالمناسبة) كانوا عُربًا أحقادًا على بعضهم البعض يصنعون الدسائس والقلاقل لبعضهم، وبينهم من العداوة ما يفرقون به بين المرء وزوجه، ونظامه السعودي كان في طليعة هذه الأنظمة، لكنه لم يجرؤ أن يفتح من التاريخ سوى ما أرادت ذاكرته الانتقائية أن يهاجم به الفلسطينيين وقضيتهم.
فمن العجب العجاب كيف ضاقت ذاكرة التاريخ التي يتحدث عنها بندر بتراجيديا البائس الحزين المسكين، على تاريخ طويل جدًا ومستمر لهذا اليوم من الجرائم التي اقترفتها إسرائيل وتحالف الشر معها بحقنا نحن كعرب قبل أن يكون بحقنا كفلسطينيين.
أما أخيرًا فمن السخيف أن يتحدث بندر عن التزامات السعودية (ومعها كل الدول العربية والإسلامية) تجاه القضية الفلسطينية بطريقة شعبوية وأن ينزلها منازل الأموال والتسليع والمزادات البائسة بدلًا من أن يرفعها إلى منزلة القضية التي تستحق بذل الدم والروح قبل المال، صحيحٌ أن المملكة قدمت الكثير للفلسطينيين وهو ما لا ينكره أحد لكنه لم يكن من ملك يمينهم، إنها مقدرات الشعوب التي قدمت وما تزال الروح قبل المال لأجل قضيتها السامية الأولى فلسطين، فلا يتمنن علينا بندر وغيره بما قدمه أصحاب المال الحقيقيون لفلسطين فهذا أقل الواجب في وقت كان من المفترض أن تكون فيه الأرواح والدماء هي القربان والتضحية للدفاع عن فلسطين ومقدساتها.
الواضح من إطلالة مسؤول سعودي بحجم بندر بن سلطان أن باب العداء السعودي الرسمي تجاه القضية وشعبها سيشهد في الأيام المقبلة مزيدًا من التوسع والهجوم، رغم كل التصريحات البروتوكولية أو تصريحات العلاقات العامة أو سمها كما شئت التي تزعم الوقوف مع فلسطين وشعبها.
لا يسرنا أبدًا معاداة السعودية لنا كقضية أو شعب ولا يطيب لنا معاداتها، بل إنه يؤلمنا ويضيف إلى نفوسنا حسرة تلو الحسرة على أبناء عروبتنا، لكنه لن ولم يعني لنا انكسارًا ولن يضيف لنا هوانًا ولا خوفًا ولا إحجامًا عن قول الحق في وجه كل طاغية، ولا حق سوى أن فلسطين كل فلسطين لأهلها العرب ولا مكان فيها تطلع عليه الشمس لمحتلٍ أو قاتلٍ أو مطبّعٍ خائن.
