أتابع منذ سنوات طويلة ملف الخدمات التي تقدمها "إسرائيل" للدول النامية مقابل الاعتراف بها أو التصويت لها أو دعم خططها لتهويد القدس أو إظهار قناعتها بأنها دولة علمانية رغم أنها دولة اليهود، وإليكم آخر ملخص الأمر:
1. تعاني "إسرائيل" من أعلى معدلات الإصابة بفيروس كورونا عالمياً، وأظهرت الجائحة هشاشة النظام الصحي "الإسرائيلي" وعجزه التام رغم أنه يعد من مفردات ما يسمى الجبهة الداخلية لمواجهة أي هجوم عليها.
2. لم تستطع كل المعامل والمؤسسات العلمية "الإسرائيلية" تقديم أي مساعدة علمية مؤثرة في هذا القطاع خلافا للدعاية الشائعة، وهناك انتقاد كبير في المجتمع "الإسرائيلي" لهذا القصور الحاد.
3. ليس لدى "إسرائيل" نفط ولا غاز بكميات تجارية ولا موارد طبيعية وليس لديها مساحات زراعية كافية، وتعاني من أزمة مياه حادة، وبالتالي فهي لا تستطيع تقديم الهبات والمساعدات مثل الدول الكبيرة، إنما تتوسط بأجر لدى البنوك الدولية لتوريط الدول النامية بالقروض ذات الفائدة العالية، فلا تنتظروا منها مساعدات أو إغاثة.
4. الامتياز الإسرائيلي يأتي من أنها مَصبّ للدول الكبرى وتقنياتها وتطويرها والوساطات في بيعها وبالتالي يمكن لها أن تتاجر في قطاع التكنولوجيا والهندسة الزراعية، ولكن سيتفاجأ الكثيرون أن أسعارها مرتفعة جدا وأن القطاع الخاص هو المسيطر عليها وأن من أراد التقنية فليدفع الكثير، وبالطبع لن يسمحوا بتوطين تكنولوجياتهم عندك أو دعم تفوقك لأن احتكارهم شرط استمرار خدمتهم، فيما يمكنك أن تحصل على هذه التكنولوجيا من دول أخرى وبأسعار منافسة مستدامة.
مجال التسلح من المجالات المهمة لديهم وهم حريصون على بيع السلاح الخفيف والمتوسط لك، ولكن لا يمكن أن يبيعوا السلاح لمن يشكّون في أنهم يمكن أن يكونا تهديداً محتملاً في المستقبل، فلذلك لا تبيع "إسرائيل" السلاح لمصر والأردن، ولا تسمح بأي تفوق عسكري عليها من جانب جيرانها، لذلك تعترض على صفقات الأسلحة الأمريكية على السعودية والإمارات ومصر... وتنال مقابل ذلك التزامات أمريكية طويلة الأمد بشأن التفوق الاستراتيجي؛ وكثيرا ما تبيع "إسرائيل" لك السلاح، ثم تبيع لمعارضيك مضادّه لضمان التوازن.
5. تعتمد "إسرائيل" كثيراً على المساعدات والالتزامات المليارية التي تبتزها من دول العالم مثل الولايات المتحدة وألمانيا وتعتمد على منظومات دولية عميقة لاستدامتها، أي أنها شحاذة بلباس أغنياء.
6. لدى "إسرائيل"أعداء منظمون جدا في كل العالم، وأي دولة يقترن اسمها بـ"إسرائيل" ستكون عرضة للاستهداف السياسي والقانوني والإعلامي والشعبي، وربما تصبح الدولة النامية مسرحا لتصفية الحسابات بسبب ذلك إذا كانت تعاني من تمرد داخلي أو هشاشة أمنية.
7. "إسرائيل" لا حلفاء لها في المنطقة، وهي تمارس دور التسهيلات للإدارة الامريكية، وتقديم الخدمات لها، ولعب دور موظف العلاقات العامة معها، وليس لها أي وزن ثقيل كما يظن كثيرون، ومن كان له خط مفتوح مع واشنطن فلن يحتاج وسيطاً مزعجاً كـ"الإسرائيليين".
8. حسابات "إسرائيل" أمنية مطلقة، وتسعى للتفوق الدائم عسكرياً، ولا تسمح ببروز أي قوة يمكن أن تشكل خطرا مباشراً أو غير مباشر عليها في المستقبل، فإذا كنتَ تسعى للقوة فلا داعي أن تفتح علاقة مرهقة مع "إسرائيل".
9. لا مشكلة لدى "إسرائيل" في بناء علاقة متينة مع المنظومات الديكتاتورية الشمولية أو المنظومات السياسية الفاسدة وتفضل التعامل معها وتعمل على بقائها وربط حاجاتها الأمنية بها.
10. الحصول على وثائق لجوء إنساني في "إسرائيل" في عداد المستحيل رغم أنها محسوبة على الدول الغربية الديمقراطية.
11. جميع الدول تتعامل بحساسية بالغة مع "إسرائيل" حتى من أصدقائها الأوروبيين، لأنها – عملياً - فوق القانون، ولا مانع لديها في ممارسة البلطجة الأمنية وانتهاك السيادة في أي دولة، ولديها حصانة دولية من المساءلة.
12. الشركات "الإسرائيلية" معروفة بممارسة النصب والاحتيال وعدم الالتزام بالمعايير، وفوق ذلك فإنها تحظى بفِرق قانونية تحميها من الاستهداف، وتساعدها على كسب القضايا، والمطالبة بتعويضات مرهقة لرافع الدعوى.
13. مهارات التدريب التي تعلمها "إسرائيل" للدول النامية مربوطة بتجهيزات "إسرائيلية" الصنع أو المصدر، وهي ذات قيمة مرتفعة يجب أن تشتريها، وتدفع ثمن صيانتها وقطع غيارها، ويمكنهم أن يساعدوك بدفع القيمة بالقروض الآجلة.
14. على أي دولة تنفتح على "إسرائيل" أن تودّع خصوصياتها وسيادتها لأن أهم استثمار إسرائيلي هو بيع المعلومات الخاصة عن أي دولة نامية للدول الكبيرة، كما أن الجهات التي تعادي "إسرائيل" ستفعل المستحيل من أجل اكتشاف كل ما تقوم به في أي دولة، فتنفتح أسرار البلاد في كل اتجاه.
15. أي دولة تنفتح على "إسرائيل" فهي تقدم خدمة كبيرة لها لأنه دولة محتلة وخارجة عن القانون، وبعلاقة أي دولة بها تمنحها الشرعية التي تحتاجها، وتفك العزلة عنها.
معظم علاقات التطبيع مع إسرائيل لها أهداف داخلية أمريكية وإسرائيلية تتعلق بالانتخابات أو الخروج من أزمة سياسية، ولا تتعلق بمصلحة أي دولة نامية.
16. باختصار: العلاقة مع "إسرائيل" صداع مزمن ستزيد معه آلام الدول النامية وأوجاعها المزمنة، ويمكن للدولة النامية أن تفتح علاقة قوية مع أي دولة غربية أو شرقية كبيرة بنصف كلفة العلاقة مع "إسرائيل" إذا توفرت الإرادة والإدارة.