يمنح التوافق الفلسطيني، كما عكسه الخميس البيان الختامي لاجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في منظمة التحرير وبمشاركة "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، بصيص أمل حقيقي بإعادة اللحمة والوحدة للشعب الفلسطيني، بما يؤكد أنه لا دولة في غزة ولا دولة من دون غزة، وفق مقولة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وهو بصيص أمل لأنها المرة الأولى منذ سنوات التي يختفي فيها خطاب التنسيق الأمني، وخطاب المفاوضات وفقط المفاوضات كخيار استراتيجي، ويعاد الاعتبار إلى خيار المقاومة الشعبية، باعتبارها أوراقًا حقيقية إذا استخدمها الفلسطينيون سيكون لها أثر كبير في تغيير الوضع القائم.
مجرد الإقرار بخيارات أخرى، موجعة لدولة الاحتلال، هو في حد ذاته تحوّل مهم يؤشر إلى استفاقة من وهم التفاوض بلا قوة تساند المفاوض الفلسطيني، وهو ما ترك الفلسطينيين رهينة لنزوات الاحتلال ورغباته طيلة العقد الأخير، بل ومنذ إنهاء الانتفاضة الثانية، فلا أنابوليس أفضت إلى شيء ولا خطة كيري ولا التنسيق الأمني.
بل إن غياب الخيار والبديل لعقيدة المفاوضات، التي سيطرت على القيادة الفلسطينية، عززت من عنجهية الاحتلال، مثلما ساعد الانقسام البغيض الاحتلال على تطوير مشاريعه الاستيطانية، بالركون إلى تفتيت وحدة الشعب الفلسطيني وتوظيف الانقسام في توسيع رقعة الخلاف، والتنقل بين تصعيد مقابل غزة حينًا، وتشدد مقابل رام الله حينًا آخر.
القرارات كما أعلنتها الفصائل الخميس، وتصريح عباس ودعوته الفصائل للنزول إلى الشعب وقيادة مقاومة شعبية وانتفاضة شعبية، هي نقطة مفصلية ستكون لها تداعيات كثيرة.
وفي حال تمت قيادة هذه المرحلة الجديدة، بدقة وحذر، مع الوصول حقًا وفعلًا للوحدة الفلسطينية المنشودة، فإن قواعد الاشتباك، وقواعد التعامل مع دولة الاحتلال ستتغير كليًا، ومعها سيتغير أيضًا الموقف الدولي وقبله الموقف العربي، بما يزيد حرج المهرولين للتطبيع، وقد يضعهم في مواجهة شعوبهم، التي لن تقبل بأجواء احتفاء ببنيامين نتنياهو وتطبيع معه، فيما يقوم جيش دولة الاحتلال بقمع الفلسطينيين وقتلهم ومصادرة أراضيهم.
سيتحول بصيص النور الفلسطيني الذي انبعث الخميس من بيروت ومن رام الله، إذا صدقت النوايا وتحققت الإرادة الرسمية على أرض الواقع، إلى نور ساطع يزيل عتمة الانقسام، ويدحر مشاريع الضم، ويؤكد أن فلسطين ستبقى عصية على المحتل ولن تستكين له ولا لمن يحالفه من العرب المطبعين.
المصدر: موقع عرب 48