بعد أن سمحت المحكمة العليا الإسرائيلية لنتنياهو بتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، رغم اتهامه بالفساد في عدة قضايا، وبعد أن صوت الكنيست الإسرائيلي بأغلبية كبيرة لصالح قانون التناوب بين نتنياهو وغانتس، أصبح الطريق مفتوحا لتشكيل حكومة الضم والتمييز العنصري، التي ستضم أحزاب الليكود وباقي اليمين العنصري، والوجه الآخر لعملة التطرف الصهيوني حزبي غانتس (أبيض-أزرق) وحزب العمل الإسرائيلي.
وسيجلس في صفوف المعارضة أشخاص وأحزاب لا يقلون تطرفا في عنصريتهم مثل يعالون ولبيد وليبرمان.
وترافق ذلك مع تصريحات بالغة الوقاحة للسفير الأميركي في إسرائيل، فريدمان، تحث حكام إسرائيل على الإسراع في ضم معظم الضفة الغربية، بتأييد كامل من وزير الخارجية الأمريكي بومبيو، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويأتي كل ذلك بعد بدء تنفيذ أمر عسكري إسرائيلي يجبر البنوك الفلسطينية وغير الفلسطينية العاملة في الأراضي المحتلة على إغلاق حسابات الأسرى والمحررين الذين دفعوا ويدفعون سنوات عمرهم الغالية من أجل حرية شعبهم، فيما يؤكد ما نعرفه بأننا جميعا سلطة، وحكومة، وشعبا، نعيش تحت الاحتلال الكامل.
الحكومة الإسرائيلية القادمة، ستكون حكومة تنفيذ صفقة القرن، ومحاولة تصفية الحقوق الوطنية الفلسطينية، وتنفيذ عمليات الضم والتهويد، وتكريس نظام الأبرتهايد العنصري الإسرائيلي.
لم يواجه الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 خطرا مصيريا كالذي يواجهة اليوم. فالهجوم الصهيوني عاري الوجه صار يستهدف كل أرضه، ومقدساته، ومستقبله، وقضاياه، وصار سيفه مسلطا على كل فلسطيني كبيرا كان أم صغيرا.
ولن يمكن مواجهة خطر استراتيجي ومصيري كهذا بمواصلة نهج التأجيل والانتظار، أو بردود الفعل المعتادة، أو بخطوات تكتيكية، أو فقط بإلغاء الاتفاقيات القائمة مع الجانب الإسرائيلي، والذي تأخر كثيرا وكان يجب أن يتم منذ أعلنت صفقة القرن، ومنذ اعترفت الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل وحدها، ومنذ أن أغلقت مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.
الخطر الاستراتيجي يتطلب ردا استراتيجيا، وتبنيا لرؤية واستراتيجية وطنية شاملة لمقاومة المخطط الإسرائيلي، واستنهاض طاقات الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة وفي الداخل، وفي كل مكان يعيش فيه اللاجئون الفلسطينيون في العالم.
استراتيجية توحد الطاقات الفلسطينية لإسقاط مؤامرة صفقة القرن، ولإسقاط منظومة الأبارتهايد العنصري الإسرائيلية في كل فلسطين، وترتكز إلى جانب المقاومة الشعبية الواسعة، إلى استنهاض أوسع حملة عالمية لفرض العقوبات على إسرائيل.
لكن لن يأخذ العالم موقفنا بجدية، ولن تبدأ الإدارة الإسرائيلية وحكام إسرائيل، بمراجعة المخاطر التي ستتعرض لها سياساتهم، إن لم نقم كفلسطينيين بالخطوة الأولى الكبرى، التي نملك زمامها بالكامل، ولا يستطيع أحد منعها، إن صدقت النوايا، وهي إنهاء الانقسام الداخلي، وتوحيد كل القوى الفلسطينية المناضلة، في قيادة وطنية موحدة، وحول استراتيجية وطنية موحدة.
في مواجهة الخطر المصيري لا توجد خلافات لا يمكن تجاوزها، ولا توجد عقبات لا يمكن تذليلها لخوض النضال الوطني المشترك، إن تمت تنحية كل الخلافات والصراعات الدائرة على السلطة القائمة تحت الاحتلال، والتي ستتعرض لأبشع أنواع القضم والتهميش والاستضعاف، سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة.
لا صوت في هذه المرحلة يجب أن يعلو على صوت الوحدة في مواجهة مؤامرة التصفية الأخطر في حياة شعبنا الفلسطيني، ولا أولوية في هذه المرحلة على مهمة التصدي لمخططات الضم والتهويد الإسرائيلية والأمريكية.