رام الله – خاص قدس الإخبارية: تواصل السلطة الفلسطينية حجب 49 موقعاً إلكترونياً منذ أكثر من 6 أشهر فيما ترفض شركات الإنترنت ومزودو الخدمة رفع القيود المفروضة على هذه المواقع بالرغم من انقضاء المدة القانونية للقرار.
وطالبت مختلف المواقع والصفحات التي حجبت بقرار قضائي وبطلب من النيابة العامة وفقاً لقانون الجرائم الإلكترونية برفع الحجب عنها فوراً كونه يشكل تعديا واضحا على حرية الرأي والتعبير التي كفلها القانون الأساسي.
واتفق مختصون في الشأن القانوني والحقوقي على أن قانون الجرائم الإلكترونية الذي أقر دون عرضه على المجلس التشريعي والذي بموجبه اتخذ قرار الحجب ضد المواقع الإخباري، بأنه غير قانوني.
وقال المستشار القانوني لدى المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان طارق عبد الرازق، إن المرصد يرى بأن قرار الحجب جاء استناداً لقانون الجرائم الإلكترونية، وهو قانون تم إقراره دون عرضه على المجلس التشريعي كونه معطلاً، وهو ما يعد مخالفة صريحة لأحكام القانون الأساسي الفلسطيني والتي نصت المادة (41) فيه على الآتي: "يصدر رئيس السلطة الوطنية القوانين بعد إقرارها من المجلس التشريعي الفلسطيني خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إحالتها إليه، وله أن يعيدها إلى المجلس خلال ذات الأجل مشفوعة بملاحظاته وأسباب اعتراضه وإلا اعتبرت مصدرة وتنشر فوراً في الجريدة الرسمية".
وأضاف عبد الرازق لـ "شبكة قدس": "بالتالي إذا كان القرار صدر بناءً على هذا القانون، فإن القرار برمته يعد معيباً وباطلاً لمخالفته القانون الأعلى (الدستور)، فهو لم يمرر على المجلس التشريعي للموافقة عليه وإقراره، وهو ما يعني أن الاستمرار بالحجب رغم انتهاء المدة القانونية ما هو إلا مخالفة قانونية لقرارٍ باطل أصلاً".
وعن رفض شركات الإنترنت رفع القيود المفروضة، أوضح أن رفض الشركات رفع الحجب عن المواقع الإلكترونية، وخاصةً في وقت الأزمات يمثل انتهاكاً واضحاً وصارخاً لحرية الرأي والتعبير التي كفلها القانون الأساسي الفلسطيني حتى في حالات الطوارئ، حيث نصت المادة (19) في القانون الأساسي الفلسطيني على أنه "لا مساس بحرية الرأي، ولكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير أو الفن مع مراعاة أحكام القانون".
وواصل قائلاً: "عند النظر إلى أحكام الطوارئ في القانون الأساسي نجد أن المادة (111) جاءت لتنص على الآتي: "لا يجوز فرض قيود على الحقوق والحريات الأساسية إلا بالقدر الضروري لتحقيق الهدف المعلن في مرسوم إعلان حالة الطوارئ".
ووفقاً لهذه المادة فإنه لا يجوز فرض قيود على حرية الرأي والتعبير باعتبارها من الحقوق الأساسية، وأن أي قيود يجب أن تكون مسببة وبالقدر المحدود، وهو ما لم تلتزم به النيابة العامة والقضاء عند اتخاذ قرار الحجب، حيث سببت حجبها في كون أن المواقع (المحجوبة) تمثل تهديداً للأمن القومي والسلم الأهلي، وهي عبارة فضفاضة لا يمكن فرض قرار الحجب بناءً عليها".
وأشار المستشار القانوني لدى المرصد الأورو متوسطي إلى أنه على مستوى القانون الدولي لحقوق الإنسان، يعد فرض القيود على حرية الرأي والتعبير انتهاكاً جسيماً، حيث نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة (19) على كفالة هذا الحق، ونص كذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة (19) على احترام هذا الحق وعدم المساس به.
من جانبه، اعتبر شعوان جبارين، مدير مؤسسة الحق الفلسطينية لحقوق الإنسان بأن استمرار حجب المواقع هي خطوة غير قانونية وتتعارض مع القانون الأساسي الفلسطيني الذي كفل حرية الرأي والتعبير.
وقال جبارين لـ "شبكة قدس" إن استمرار الحجب بعد انتهاء المدة القانونية للقرار يعتبر ضرب بعرض الحائط لكل القوانين، معتبراً ما يجري بأنه مهزلة لا يجب السكوت عنها، مستكملاً: "أرجح أن يتم التراجع عن هذا القرار ورفع القيود المفروضة".
وأكد مدير مؤسسة الحق الفلسطينية أنه في حال عدم التراجع عن القرار وتمديد فترة الحجب لمدة جديدة فإنه سيكون هناك توجه للعديد من المؤسسات الدولية كون القرار ليس له أي سند قانوني أو دستوري ويخالف القانون الفلسطيني الأساسي.
وقبل أيام، قال المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية إنّه لا يجوز لمزودي خدمة الانترنت الإبقاء على حجب عشرات المواقع الإعلامية، بعد انتهاء مدة الحظر التي أقرّتها محكمة صلح رام الله، قبل 6 أشهر.
وطالب المركز المختص بمتابعة قضايا الحريات الإعلامية أصحاب المواقع بالتوجه إلى مزودي الخدمة لإنهاء الحجب، لانتهاء المدة، مشيرًا إلى أنه طالما لم يتم تجديد قرار الحجب قضائيًا، فإن الأصل هو العودة إلى مبادئ القانون الأساس الذي يضمن حرية التعبير في المادة 19 منه.