القدس المحتلة - خاص بقدس الإخبارية: هل يُمكن للميّت أن يشعر بالمعاناة بعد أن تؤخذ روحه؟ في بلادنا كلّ شيء يحدث، فالاحتلال يتفنّن في أساليب التعذيب الجسدي والنفسي بحق الفلسطنييين، فالحي والميّت سيان، يُعانيان ويتوجّعان ويتألّمان في أرضهم المسلوبة.
هناك، عند حاجز الشيخ سعد جنوبي مدينة القدس، حيث وضع الاحتلال حاجزاً بغيضاً يلعنه الفلسطينيون ألف مرّة ويزيد بعدما شتّت شمل عائلاتهم، حيث كانت قرية الشيخ سعد والسواحرة الشرقية ضمن بلدة جبل المكبر، ومع بناء جدار الفصل العنصري عام 2003 أصبحت متفرّقة بحاجز عسكري (للمشاة فقط).
أمين سر حركة “فتح” في جبل المكبر، إياد بشير يوضّح لـ”قدس الإخبارية” أن الشيخ سعد وجبل المكبر والسواحرة الشرقية كانت واحدة، وهناك عائلات ممتدّة في تلك المناطق، شتّتهم الاحتلال بوضع جدار الفصل العنصري، لتُصبح المكبر داخل الجدار (مع القدس) والشيخ سعد والسواحرة خارجه.
ويُضيف أن الحاجز هو عبارة عن نقطة عسكرية يُمنع من خلاله الفلسطينيون من أهالي الشيخ سعد والسواحرة الشرقية من دخول جبل المكبر إلّا عن طريق تصريح خاص، وحتى الميّت الذي سيُدفن في مقبرة المكبّر يجب أن يحصل ذوو الفقيد على إذن للمرور عبر الحاجز ودفنه في الناحية الأخرى.
ويُشير إلى أن معاناة العائلات في جبل المكبر والشيخ سعد تفاقمت بشدّة على المستوى الاجتماعي إثر هذا الحاجز، الذي قسّم بين الأب وابنه، والأم وابنتها المتزوجة، والفلسطيني وأشقائه وأقربائه، حتى بات لا يُسمح لهم بزيارة بعضهم بشكل عابر ويومي أو حتى دوريّ إلّا بإذن الاحتلال.
أحمد رمضان مشاهرة كان يرعى أغنامه قرب حاجز الشيخ سعد، حينما أصابته نوبة قلبية في إحدى الوديان القريبة، توفي على إثرها. ذلك الرجل السبعيني تمكنت الطواقم الطبية من انتشال جثمانه ثم حملوه إلى الحاجز كي يتم تسليمه لطواقم الهلال الأحمر لنقله ودفنه في المقبرة على الناحية الأخرى (الجهة الغربية).
تم فتح البوابة الأولى وهم يحملون جثمانه، لكن الجنود رفضوا فتح البوابة الثانية بحجة عدم عثورهم على المفتاح، فاحتُجز الجثمان وحاملوه، فلم يجدوا حلّاً آخر لخروجهم من المكان سوى إدخال الجثمان في الباب الدوّار أو ما يُطلق عليه “المعّاطة”، في مشهد مُحزن يعبّر عن حجم معاناة الفلسطينيين وتنكيل الاحتلال بهم.
ومن ضمن سياسة التنكيل أيضًا، لا يُسمح إلا لعشرين إلى خمسين شخصًا فقط بمرافقة الجثمان، وإذا كان الأقرباء من المرفوضين “أمنيّاً” لدى الاحتلال -حتى لو كانوا أبناء الفقيد- لا يُسمح لهم بدخول الحاجز والمشاركة في الجنازة والدّفن.
إليكم هنا كيف حاول الفلسطينيون إخراج الجثمان من حاجز الشيخ سعد عبر "المعّاطة"، ورفض الاحتلال فتح البوابة الصغيرة أيضًا والتي تظهر في على اليسار في المقطع المصوّر.